توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غزة: القتل المنضبط

  مصر اليوم -

غزة القتل المنضبط

بقلم : حسام عيتاني

 ربما تكون المندوبة الأميركية إلى الأمم المتحدة نيكي هايلي محقة في قولها إن إسرائيل مارست ضبط النفس أثناء المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين أول من أمس. فعندما يتمدد جنود مدججون بالسلاح على تلال ترابية ويطلقون النار من دون وازع على مدنيين عزلٍ مكشوفين، يكون من «ضبط النفس» فعلاً ألا يسقط أكثر من ستين ضحية.

تحاول هايلي أن تقنعنا أن الجنود الإسرائيليين اكتفوا بهذا القدر من القتل في حين أنهم كانوا قادرين على ارتكاب مذبحة أغزر سفكاً لدم الفلسطينيين. هذا نوع من «ضبط النفس» يتفق تماماً مع تصور المندوبة لعملية السلام التي «لم يعرقلها نقل السفارة الأميركية إلى القدس بأي شكل»، على ما استطردت.

ينبغي القول إن الفكرتين تنسجمان في ما بينهما: قدر «مضبوط» من القتل يسير يداً بيد مع تحطيم واحد من أسس التسوية المفترضة بين الإسرائيليين والفلسطينيين والمتمثلة في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها. امتناع الجنود الإسرائيليين عن إطلاق النار على المزيد من الأجساد والرؤوس الفلسطينية هو المكافئ الموضوعي لتصور حكومة بنيامين نتانياهو وإدارة دونالد ترامب لعملية السلام. ذلك أن ليس لدى أي من هذين الطرفين أدنى نية (من جهة نتانياهو) ولا أي تصور (من جانب ترامب) لما يجب أن يكون عليه السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. الوسيط الأميركي المكلف متابعة المفاوضات وسفير واشنطن لدى إسرائيل، يجعلان نتانياهو يبدو كنعجة مسالمة أمامهما، لإفراطهما في الترويج لمقولات لم يطمح الإسرائيليون إلى بعضها عند بداية التسوية قبل ربع قرن.

ليس سراً أن المطالب التي تقدم أثناء التفاوض هي الانعكاس المكتوب على الورق لموازين القوى المرسوم على الأرض. والتجاهل المتصاعد للحقوق الفلسطينية في الحكومة وفي الشارع الإسرائيليين، يقومان على حقائق صلبة تشير إليها الحالة المزرية التي وصلت إليها الحركة الوطنية الفلسطينية أولاً، وانفكاك الحاضنة السياسية والمالية العربية عنها، ما وجه رسالة صريحة إلى الإسرائيليين بإهمال كل المطالب الفلسطينية واعتماد التعامل مع الفلسطينيين على الوسائل الأمنية حصراً.

لم يكن ينقص هذا البؤس إلا مجيء رئيس مشغول بمشكلاته الشخصية وبالحفاظ على موقعه في البيت الأبيض ولا يملك أبسط فكرة، خارج إطار الدعاية المؤيدة لإسرائيل، عن قضايا المنطقة وتاريخها وصراعاتها. وبغياب الاستراتيجية، ولو المنحازة إلى جانب إسرائيل والتي سعت الإدارات السابقة إلى تنفيذها من خلال التمسك بحل الدولتين، حلّت مع ترامب المياومة السياسية التي تنظر إلى المكاسب والخسائر بعين رجل الأعمال المستعجل لتحقيق الأرباح وليس بعين قائد الدولة الأقوى في العالم. الانزلاق إلى خطاب شعبوي يستحوذ به ترامب على رضا جمهور المؤيدين لإسرائيل، هو الوصفة الجاهزة لاندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات على الظلم التاريخي للفلسطينيين. في المقابل، تبدو حكومة نتانياهو في شوق إلى هذه الاحتجاجات باعتبارها الوسيلة الأسهل والأقل كلفة لتوجيه الرسائل إلى الفلسطينيين عن عبث مقارعة الاحتلال بهذه القيادة وهذه الفصائل وهذا العالم العربي.

العنف هو الوسيلة الوحيدة الباقية في جعبة اليمين الإسرائيلي الحاكم. التضحية والاحتجاج هما الأداتان اللتان لم يعد الفلسطينيون يملكون غيرهما. وهكذا انقضت الأعوام السبعون الأولى على النكبة.

 نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة القتل المنضبط غزة القتل المنضبط



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon