محمود مسلم
كل الأنظار تتجه نحو «السيسى»، ورغم مرور حوالى 40 يوماً على تنصيبه فإن الطموحات نحوه لا تنتهى، والجدل حول أدائه خلال هذه الفترة القصيرة هو الوجبة الرئيسية للكلام فى كل الجلسات الرمضانية سواء قبل الإفطار أو بعده، بداية من السؤال عن مستشاريه ومن يفكر مع الرئيس، ومروراً ببطء الأداء، وإحباط عدد من مؤيديه لأنه أقل من توقعاتهم. وهل سيكون تغيير المحافظين راسماً لتوجهاته خاصة مع فشل تغيير الحكومة؟ وصولاً إلى سوء إخراج قرارات خفض الدعم؟ وما موقفه من الانتخابات البرلمانية وهل سيترك البلد للأحزاب الهشة والأموال المرصودة؟ وعادة تتبع هذه الجلسات إما إشادة بمواقف الرجل فى ظل دولة تجرفت فيها الكفاءات وضاع اقتصادها وخاب سياسيوها، وإما انتقاد سواء من المتربصين عن الفشل المنتظر الذين يتوهمونه أو المؤيدين الذين يتشوقون إلى قرارات جريئة سواء إرهاب الإخوان أو رجال الأعمال المايعين أو تسيب الجهاز الإدارى.
السلبية التى تحظى بتوافق كبير بين مؤيديه هى سوء الإخراج أو انعدام التسويق السياسى لقرارات الرئيس وتوجهاته، وإذا كان كل من يعرف السيسى يدرك مدى عدم اقتناعه بالسياسة وتحفظاته على السياسيين بعد ما شاهدته مصر من سقطات سياسية كبيرة خلال الفترة الماضية، فإن الأمر يلزم ضرورة اتخاذ إجراءات موسعة تحافظ على الصورة الذهنية للرئيس عند شعبه بعد أن دخل «السيسى» عش الدبابير وتوفر معلومات هى حق للمصريين بطريقة جاذبة تكون أساساً لنشر الوعى خاصة أن المتربصين كثيرون سواء فى الداخل أو الخارج.
يبدو أن فكرة «السيسى» بأنه مستدعَى لمهمة وطنية أشبه بالحرب جعلته يترفع عن بعض الأمور التى تعتبر من أساسيات العمل فى الدولة، بدليل أن الجيوش فى حالات الحروب لديها خطط لمخاطبة الرأى العام والحفاظ على ثقته، كما أن «السيسى» نفسه هو الذى أدار خطة لتحسين صورة القوات المسلحة لدى الرأى العام المصرى بعد توليه وزارة الدفاع رغم أنها قضية حق ومن الممكن أن يرى البعض أن الجيش ليس بحاجة لدعاية أو أن الشعب الذى لا يحترم جيشه لا يستحقه.. وهى ملاحظات لا تتناسب مع الدور الجديد والخطير الذى يلعبه الإعلام وأفكار التسويق فى العالم كله وكذلك فى ظل حالة من التربص بمصر والجيش والسيسى غير مسبوقة سواء فى الداخل أو الخارج.
هناك حالة «سيولة» فى الشارع تحتاج إلى حوار مستمر سواء بين الرئيس أو من يمثله والناس بصفة مستمرة لدعم توجهات مؤيديه والرد على الشائعات والمتربصين وصياغة منظومة «وعى» جديدة لأن هذا السلاح هو الأهم فى المرحلة الحالية ليواجه به فخ «غزة»، ومؤامرات بعض رجال الأعمال وتربص الإخوان وعملائهم، وخيابة بعض النخبة. ولا أعرف هل يعلم الرئيس أن كثيراً من القوانين التى تم إصدارها خرجت ببيانات صحفية مبهمة.. وأن حالة التشويش عليه واستهدافه من خلال كل من لم يحقق مصالحه حتى الآن ستظل مستمرة وأن التسويق السياسى هو إحدى دعائم الدولة القوية وليس مجرد منظرة أو ديكور.
لقد خسرت الدولة المصرية فى حرب غزة 2008 إعلامياً.. وكانت الهزائم الإعلامية المتوالية فى كثير من القضايا بداية الانهيار، وإذا كان الشعب المصرى هو الآن أكثر وعياً وخط الدفاع الأول عن الدولة والسيسى فإن المصريين يحتاجون دائماً من يروون عطشهم بالمعلومات والإيجابيات لا أن يتركوهم فريسة للتشويش والأكاذيب!!