محمود مسلم
تراودنى فكرة هذا المقال كلما ذهبت لمشاهدة فعاليات الجيش المصرى التى يتبارى فيها الشباب والقيادات فى التدريب من أجل حماية الوطن، وكلما رأيت جندياً أو ضابطاً يتحدث بأريحية بينما بداخله بركان حماس وغضب ضد الخونة والإرهابيين.. أبطالنا يقدمون جميعاً التضحيات ويشيّعون جنازات زملائهم ثم يهرولون للحاق بهم فى الشهادة دون أى اعتبار لحسابات دنيوية أو مادية، بينما ما زال بعض «السفلة» يرددون شعاراتهم التى رضعوها من عصابة الإخوان الإرهابية الخائنة: «يسقط حكم العسكر».
لم أستخدم كلمة «سفلة» على مدى تاريخى بالصحافة باستثناء مرة واحدة ضد الإخوان وقبل أن يكتشفهم النحانيح «فى مقال المصرى اليوم» عام 2008 رداً على إساءات نالت منى لكن الأيام أثبتت أن الإخوان وعملاءهم ممن يرددون الشعار البذىء «يسقط حكم العسكر» لا يختلفون عن بعضهم البعض، وللأسف فقد تورط فى هذا الاتجاه ناصريون نسوا أو تناسوا ما فعله الجيش والزعيم جمال عبدالناصر ورفاقه من أجل الدولة المصرية التى حاول الإخوان هدمها.
كل يوم يتأكد أن الجيش المصرى هو الهدف ومع ذلك ما زال بعض المتفلسفين ينتهزون أى فرصة للإساءة إليه مباشرة أو بطرق ملتوية عبر استغلال الحوادث الإرهابية لتقديم النصح والرؤى الأمنية وكأنهم خبراء عسكريون.. وأحياناً يحاولون استهداف «السيسى» عبر انتقاد الجيش وهى «حيلة خايبة» خاصة أن الرئيس انتُخب بإرادة الشعب المصرى فى عملية ديمقراطية ونزيهة وبالتالى لا يوجد ما يسمى «الحكم العسكرى» ولكن هناك رئيساً صاحب خلفية عسكرية يحاول إعادة بناء مؤسسات الدولة ويقوم الجيش بأدوار عظيمة على الحدود وفى الداخل حتى انتهاء مرحلة البناء، وزادت المسئولية والمهام ما بين الدفاع عن الحدود وحماية المنشآت وإنشاء الكبارى ورصف الطرق والإشراف على حفر قناة السويس وبناء مساكن بالإضافة إلى علاج المثقفين وتوفير المواصلات فى حالة إضراب سائقى النقل العام واستخدام الطائرات لنقل المصابين فى الحوادث وإطفاء الحرائق... ومن قبل كان توفير الخبز وأحياناً أنابيب البوتاجاز، فقد كان الجيش وما زال هو الاحتياطى الاستراتيجى للدولة لعلاج أى خلل أو تقصير، كما كان الجيش بأفراده وضباطه فى طليعة من تبرعوا لصندوق «تحيا مصر»، بينما ما زال البعض يناضل على «الفيس بوك» دون تقديم تضحيات حقيقية للوطن بينما رجال الجيش لا يعرفون سوى «تمام يا فندم»، وقد تابع الجميع كيف أن اللواء أحمد وصفى ظل يواجه الإرهابيين بعد ثورة 30 يونيو لأشهر عديدة دون أن يذهب لأسرته وهو نفس النهج الذى ينتهجه الآن اللواء كامل الوزير رئيس عمليات الهيئة الهندسية والمشرف على مشروع حفر قناة السويس الجديدة التى كلفه الرئيس السيسى بإنهائها خلال عام.
لقد تحمل الجيش وقياداته ما يفوق قدرة البشر بعد ثورة 25 يناير من إهانات وإساءات بينما الرجال صامدون ومتحدون يقدمون الوطن على أحزانهم حتى لو فى داخلهم غصة بسبب تصرفات صبيانية وأفكار غريبة، حتى الأبطال المتقاعدون غضبوا مما يسمعونه، وأتذكر أن اللواء سيد هيكل (شارك فى كل الحروب المصرية طوال خدمته بدايةً من حرب اليمن مروراً بنكسة 1967 وتم أسره بإسرائيل، وشارك فى نصر 1973 ثم حرب الخليج وخرج على المعاش منذ أكثر من 15 عاماً)، كان حزيناً مما يردده السذج والمغيبون والمتآمرون ضد هذا الجيش العظيم.
كتبت مقالاً بـ«الوطن» نُشر فى 15 سبتمبر 2013 تحت عنوان «إنها الحرب» وكل يوم يتأكد للجميع أن الحرب لم تهدأ بل توسعت فى البحر عبر حادث دمياط، والجو من خلال استهداف طائرة فى سيناء بالإضافة إلى البر.. وفيديو كرم القواديس يؤكد أن هناك دولاً ومخابراتٍ متورطةً لإسقاط الدولة من خلال استهداف جيشها وإضعاف معنوياته، لكن الشعب مدرك ومتيقظ رغم كل المحاولات لإدخال البلد -وفى القلب منها الجيش- فى قضايا تافهة وفرعية بينما رجاله يبحثون عن تنوع السلاح ودعم مؤسسات الدولة والدفاع عنها والحفاظ على التصنيف العالمى خاصة أن الجيش هو المؤسسة المصرية الوحيدة المصنفة دولياً.
■ جيش مصر منطقة مضيئة فى تاريخها وحاضرها وكل من يسىء إليه إما ساذج أو متآمر، والمعركة الحالية تحتاج إلى التركيز بعيداً عن ترديد مقولات الإخوان وعملائهم، وإذا كان الشعب المصرى قد استوعب الدرس فعلى المدافعين عن الشتامين أن يتواروا حتى يكف صبية الثورات وتجارها عن سفالتهم؛ لأن مصر منشغلة بمعارك كبرى تلزم إسقاط حكم السفلة ممن يسيئون للجيش. وإذا سأل أحد: «وهل هم يحكمون؟»، فالإجابة لا، لكنهم يبذلون محاولات للتحكم، فإذا كرروا الهتافات المشينة مرة أخرى فإن الشعب سيرد عليهم: «يسقط حكم السفلة».