بقلم - محمود مسلم
تحول الالتحاق بكلية الإعلام من حلم يسعى إليه كثير من المتفوقين بالثانوية العامة إلى كابوس على مواقع السوشيال ميديا يحذر منه بعض ممارسى المهنة الطلاب الجدد.. وتحولت فجأة كلية الإعلام من دراسة علم اجتماعى شيق يضمن الالتحاق بوظيفة تحقق الشهرة والنفوذ أحياناً، والأهم أنها لها مكانة سامية فى المجتمع، بما تحمله من رسالة وقيم للدفاع عن المجتمع؛ تحولت إلى مهنة حازت خلال الأعوام الأخيرة على رصيد كبير من الانتقادات والسمعة السيئة.
لكن الأخطر أن السؤال الذى يفرض نفسه على الساحة حول الصحافة: متى ميعاد الانقراض؟ وبعيداً عن الأسباب التى يسوقها البعض، كلٌ حسب اتجاهاته، فمن يعارض النظام يسوق أن الانقراض المنتظر بسبب ضيق مناخ الحريات، ومن يؤيده يرى أن التحديات المهنية (من التطور التكنولوجى وارتفاع سعر الورق واختلاف الجمهور) أهم أسباب الانقراض، ولكن الجميع نسى أو تناسى أن الصحافة الورقية تمثل جزءًا بسيطاً من كلية الإعلام، وهناك أقسام أخرى كالإذاعة والتليفزيون والإعلان والعلاقات العامة، كما أن بعض الكليات استحدثت أقساماً سمّتها «الصحافة الحديثة»، تعتمد على تعليم وتدريب الطلاب على العمل بالمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى بشكل أفضل.
وقد حضرت أواخر العام الماضى مؤتمراً دولياً ببرلين نظمته منظمة «وان إيفرا» أكدت خلاله د.إيرث تشى، وهى أستاذة للصحافة بجامعة تكساس هيوستن الأمريكية، أن الصحافة الورقية فى طريقها للعودة لأنها الأكثر مصداقية من المواقع الإلكترونية، ورصدت عبر استطلاع رأى زيادة متابعى الصحف الأمريكية الورقية من الشباب مقابل تراجع متابعتهم للمواقع الإلكترونية.. وقالت «الخبر الجيد أن الصحافة الورقية لن تموت.. والخبر السيئ أن العاملين بها هم الذين قد يقتلونها».
وبالطبع هذا أدق وصف لحال الصحافة الورقية.. واستشهدت أيضاً بظاهرة عودة الناس مرة أخرى فى العالم كله إلى «الأكل البيتى» على حساب الوجبات السريعة.
بالطبع هناك كثير فى مصر والعالم ضد هذا الاتجاه، ويجهزون لجنازة الصحف الورقية وتوديعها قريباً، بل إن بعض الممارسين يبحثون عن وظائف أخرى، والبعض يرى أن حال المهنة لم يعد يسر عدواً ولا حبيباً، كما أن مصداقيتها والصورة الذهنية لكل العاملين فى الإعلام قد تراجعت عند الجمهور بشكل يتطلب المراجعة لاستعادة الثقة والمصداقية بعد أن أساءت عوامل كثيرة إلى المهنة، سواء النشطاء الذين اقتحموها دون تدريب أو معرفة القيم، أو هؤلاء الذين تسللوا إليها عبر السوشيال ميديا، أو عبر أبناء المهنة الذين أساءوا إليها كثيراً فى الأعوام الماضية بتجاوزاتهم سواء الثورية أو «الدولجية».
خلال الأشهر القليلة الماضية شاركت فى تحكيم مشروعات التخرج بأربع كليات: إعلام بجامعة القاهرة، إعلام جامعة بنى سويف، آداب قسم إعلام بجامعة حلوان، كلية الإعلام بجامعة مصر الدولية.. وبالطبع لا أخفى سعادتى بمستوى هذا الجيل من الصحفيين وأن بعض الموضوعات سواء المنشورة أو المصوَّرة كانت أفضل مما ينشر فى الصحف الحالية، مما يؤكد أن الجيل القادم للمهنة سيكون أفضل كثيراً، حيث تسلحوا مبكراً بالتكنولوجيا بالإضافة إلى حماسهم ونبوغهم، ولكننى لاحظت تراجع أعداد الطلاب فى أقسام الصحافة وأن البنات هن الأكثر عدداً من الشباب، وبالتالى فالمستقبل سيكون للصحفيات وليس الصحفيين، إذا تجاوزت المهنة التحديات التى تواجهها حالياً.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع