بقلم - محمود مسلم
لا أعتقد أن الزعيم عادل إمام كان يتخيل حينما أدى فيلم «كراكون فى الشارع» خلال فترة الثمانينات أن الفكرة يمكن أن تتحول إلى حقيقة.. ولكن هذا ما حدث بالفعل ولكن ليس فى مصر بل بإحدى جامعات كندا.. فخلال زيارة إلى مدينة أوتاوا وبالتحديد فى جولة داخل جامعة كارلتون فوجئت بأوتوبيس عبارة عن شقة، وأشار إلىّ المصرى د.ياسر حسن، رئيس قسم الهندسة المدنية بالجامعة، والذى هاجر إلى كندا منذ سنوات بعيدة، بأن هذا مشروع لأحد أساتذة الجامعة، وشرح لى د. ياسر أن الهدف هو الاستفادة من الطاقة الشمسية فى توفير احتياجات السكن الجديد من الكهرباء، ومن الأمطار فى توفير المياه بدون أى أعباء على الدولة.. وبالطبع فإن مشكلة الطاقة تمثل إحدى أهم القضايا فى الدول الغربية.
سعدت بالفكرة، خاصة أن هذه الجامعة تضم عدداً من العلماء المصريين يفخر بهم أى زائر لها ينتمى للمحروسة، حتى إن أحدهم، وهو د. رفيق جبران وصل إلى درجة نائب رئيس جامعة كارلتون، كما التقينا أيضاً مع د. عبدالحليم عمر، أستاذ الهندسة المصرى بالجامعة، والذى يعد بمثابة العمدة الزملكاوى هناك، فقد التقينا فى مكتبه بعدد كبير من الباحثين المصريين والعرب يتعامل معهم بالروح المصرية، ورغم عشق د. عبدالحليم لكرة القدم حتى إنه حدثنا عن مباراة الأهلى ووادى دجلة التى لم نشاهدها، فإنه أيضاً قدم اختراعه فى رصف الطرق إلى وزارة الإنتاج الحربى المصرية، بعد استئذان الجامعة الكندية. ويتم حالياً التنفيذ الذى سيحقق جودة فى الطرق وتوفيراً فى التكلفة.
خلال جولة فى 3 جامعات كندية مع الصديقين علاء ثابت، رئيس تحرير «الأهرام»، وعماد الدين حسين، رئيس تحرير «الشروق»، ومجدى القاضى رئيس مجلس أمناء الجامعة الكندية بالقاهرة، والتى افتتحت أول جامعة أجنبية بالعاصمة الإدارية هذا العام، لم يتوقف انبهارنا وفخرنا بعلمائنا المصريين فى كندا، فعندما ذهبنا إلى جامعة «ووترلو» القريبة من تورنتو، وأثناء الجولة هناك، فوجئنا بالمتحدثة تقول لنا إن هذا المبنى الفخم يطلق عليه اسم د. عادل سيدرة، وهو عالم مصرى أيضاً فى مجال الهندسة. سألنا بعدها صاحب الدعوة مجدى القاضى عن سيدرة، فقال إنه كان عميداً لكلية الهندسة، وأطلقوا اسمه على المبنى تقديراً لأبحاثه ونبوغه، حتى عندما جاءت سيرته مع العمدة د. عبدالحليم عمر قال عنه: لقد تُرجمت كتبه إلى 7 لغات، وهو من أهم علماء الهندسة فى العالم.
وتتوالى المفاجآت والنجاحات المصرية، فحينما ذهبنا إلى مقاطعة «برنس إدوارد»، وهى عبارة عن جزيرة فى المحيط الأطلنطى ذات طابع زراعى وصف جماله صعب، كان الأهم عندما تمتزج هذه الطبيعة الخلابا بدفء الشرق وحميميته مع د. علاء عبدالعزيز، رئيس الجامعة المصرى، وهو أستاذ للكيمياء فى جامعة عين شمس حصل على الدكتوراه فى كندا، واستمر بها، وتزوج منها، حتى شغل منصب رئيس جامعة برنس إدوارد منذ نحو 8 سنوات، مع العلم أن رئيس الجامعة السابق هو رئيس وزراء المقاطعة الحالى.. ود. علاء متابع جداً للشأن المصرى، وحريص أيضاً على متابعة مباريات الأهلى ومحمد صلاح، ويتواصل يومياً مع والدته، ويحرص على زيارة مصر سنوياً، ويتفاعل مع عاداتها وقيمها، ولا يكف عن تذكر هذه العادات والسلوكيات القديمة، ويحظى بشعبية كبيرة بين الكنديين.. وقد دعانا مع زوجته إلى الغداء بمنزلهما، وأبهرانا بالحفاوة والكرم المصرى الكندى الأصيل.
وكان الختام على عشاء فى تورنتو، بدعوة من د. ممدوح شكرى، رئيس جامعة يورك المصرى، الذى غادر منصبه منذ عام، لكن الجامعة منحته الرئاسة الشرفية. وقد تعرفنا على د. شكرى فى زيارتنا السابقة منذ عامين، والتقينا معه فى القاهرة مرتين خلال هذه الفترة، وهو رجل يحمل رؤية متطورة وواقعية، وزادت زياراته لمصر بعد انتهاء فترة رئاسته للجامعة، وهو حريص على عمل دعاية لـ«مصر للطيران».
الحديث مع د. شكرى يجمع ما بين الماضى والحاضر، فالرجل كان يعشق عبدالناصر، ولكن تراجع هذا الحب قليلاً مع تطور الزمن واختلاف الرؤى، ومنبهر بالإصلاح الاقتصادى الحالى فى مصر، وينصح بضرورة أن يوازيه مزيد من الحريات لضمان حمايته.. ويرى أن مصر تطورت خلال السنوات الأخيرة بدرجة مذهلة.
العلماء المصريون فى كندا ونجاحهم دليل جديد على النبوغ المصرى إذا توافر المناخ الجيد، وتأكيد على أن مصر ولاّدة ومصدّرة للعقول ولأفكار الأفلام!!
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع