توقيت القاهرة المحلي 11:23:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الطموح الجامح والقدرات المحدودة

  مصر اليوم -

الطموح الجامح والقدرات المحدودة

بقلم - محمود مسلم

حال مصر يشبه كثيراً وضع منتخبها لكرة القدم فى كأس العالم.. قدرات محدودة، وأحلام بلا سقف، نتيجة طبيعية للانفتاح على الخارج، وغياب الوعى، ونقص الخبراء الذين يملكون شجاعة عدم العزف على عواطف الجماهير، فإذا كان من حق الناس أن تحلم، وأن تطلق العنان لخيالها، فواجبٌ على النخبة ترشيد الأحلام، سواء فى السياسة، أو كرة القدم، أو الاقتصاد. فالمصريون مصابون بما يمكن أن يسمى «لعنة الفرحة»، فإذا وصلنا إلى كأس العالم بعد 28 عاماً من الغياب، فنحلم بالوصول إلى دور الـ16، وبعضنا وسَّع خياله للوصول إلى الدور النهائى، بينما فريق مثل المغرب، أفضل فنيّاً من مصر، وصل إلى كأس العالم 5 مرات فى تاريخه، لم يتجاوز الدور الأول.. يقوم المصريون بثورة يناير، فيعتقدون أن كل المشاكل تم حلها، وأن العالم منبهر بما تم وسيغير سياساته، ويطالبون بأن نكون مثل أمريكا وفرنسا والصين فى عدة أيام.. ثم يقومون بثورة 30 يونيو، فيطمحون إلى طفرة اقتصادية ليس لها مقدمات على أرض الواقع. وأتذكر أن المنتخب المصرى حينما ذهب إلى كأس العالم 1990 كانت الطموحات أن يتخطى الدور الأول، بل وعندما نظمت مصر دورة الألعاب الأفريقية بجدارة، فى بداية تسعينات القرن الماضى، بدأ التفكير يداعب المسئولين لتنظيم الأولمبياد، أو كأس العالم، دون أى دراسة للواقع أو القدرات.

أجريت حواراً مع الخبير الاقتصادى د.حازم الببلاوى، رئيس الوزراء الأسبق، مع زميلى سيد جبيل، قبل توليه الحكومة أيام عهد «الإخوان»، وسألته: هل مصر دولة غنية؟، فردَّ بوضوح: لا.. بينما كل خبراء الاقتصاد على برامج «التوك شو» ينظّرون بأن مصر دولة غنية، ويقدمون أفكاراً ساذجة لحل المشكلة الاقتصادية التى تمر بها مصر.

تبسيط الأمور، واللعب بعواطف البسطاء، وتوسيع مستوى الأحلام دون دراسة القدرات والواقع، جريمة مكتملة الأركان، وتتكرر فى جميع المجالات.. من حق الشعب أن يحلم ويملك الأمل، لكن بعد دراسة الواقع والقدرات والتجارب المشابهة، وأيضاً بحث تجارب الخارج والاستفادة منها، أما الاعتقاد بأننا نتقدم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بالصوت العالى والتشجيع والحماس فهو أكذوبة ووهم.. البلاد الأخرى تقدمت بالبحث العلمى، وحسن إدارة الموارد، والأهم أنهم وقفوا على مزاياهم وأخطائهم وأحسنوا تشخيص أمراضهم بدقة.

كل يوم يتأكد فى مصر أن النجاح فردى والفشل مؤسسى، فانظروا إلى الوزراء الذين تم تعيينهم منذ أيام، وكمّ قرارات التغيير التى أصدروها، وأتذكر أيضاً عندما صعدنا إلى كأس العالم عام 1990، عندما كان يشارك منتخبان فقط من أفريقيا فى البطولة، لم نبنِ على ما تم من إنجاز، بدليل عدم وصولنا مرة أخرى على مدار 28 عاماً رغم زيادة عدد المنتخبات الأفريقية المشاركة فى كأس العالم إلى 5 منتخبات، والأغرب أننا نفتقد كيفية إدارة معسكر اللاعبين، فما حدث فى فندق روسيا من تسيّب تكرر من قبل فى كل معسكرات الفريق، سواء فى برج العرب أو الدول الأفريقية، حيث لم يستوعب أحد فى مصر حتى الآن أن كرة القدم صناعة وإدارة واحتراف، ولا يمكن أن تعتمد فقط على مهارات اللاعبين.

صدمات الفرح والحزن عند المصريين أصبحت كثيرة، وتحتاج منا جميعاً إلى وقفة للتشخيص، فالمتربصون بهذا البلد لن يشيعوا الإحباط فقط للتدمير، لكن التدمير أيضاً يتم بنشر الطموح الجامح البعيد عن الواقع، فيدخل الجميع فى إحباط مع كل صدمة نتيجة لغياب المنطق وزيادة الفجوة فى المجتمع بين الواقع والمأمول.. مصر تحتاج أن تعلّم أبناءها كيف يفكرون بشكل علمى، وكيف يحلمون أيضاً!!

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطموح الجامح والقدرات المحدودة الطموح الجامح والقدرات المحدودة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon