بقلم-محمود مسلم
أهم ما فى التعديل الوزارى المطروح هو النزول بعمر رئيس وزراء مصر من 63 عاماً إلى 52، وهو سن د. مصطفى مدبولى رئيس الحكومة الجديد، وأعتقد أن ذلك سيصب فى إضفاء الحيوية على العمل الحكومى وتطوير الجهاز الإدارى، فبعد أن كانت الولاية الأولى للرئيس السيسى تعتمد على تثبيت مؤسسات الدولة، فالولاية الثانية ستعمل على تطوير هذه المؤسسات بأحدث التكنولوجيات الحديثة، كما أن العمل الحكومى يحتاج إلى ثورة إدارية لا تقف عند إقرار قانون الخدمة المدنية، بل تتجاوزه إلى أفق أوسع بكثير، حتى يحصل المواطن على خدماته بأقل جهد وأسرع وقت.. كما أن النزول بعمر رئيس الوزراء سيعقبه وجود عدد من الوزراء شباب السن يستطيعون أن يخاطبوا الأجيال الأقل، خاصة أن الجميع يعلم بوجود فجوة بين الشباب والحكومة خلال الفترة الماضية.
أعتقد أيضاً أن الزيارات الميدانية ستكون الأداة الحقيقية للتقييم، بعيداً عن المكاتب، وذلك كان منهج «مدبولى» فى إدارته لوزارة الإسكان خلال السنوات الماضية، كما سيعقب التعديل الوزارى تغيير للمحافظين، سيتم فيه أيضاً النزول بالأعمار، مما يعطى دفعة كبيرة للحركة فى المحافظات.
مما لا شك فيه أن حكومة الولاية الثانية للرئيس السيسى، التى يقودها د. مصطفى مدبولى، ستختلف كثيراً عن حكومتى الولاية الأولى، اللتين قادهما باقتدار م. إبراهيم محلب، وم. شريف إسماعيل، فإذا كانت الظروف فى السنوات الأربع الماضية مختلفة، حيث كنا دولة خارجة من ثورتين وإرهاب ومؤامرات وحالة سيولة فى الشارع، وكان هناك كثير من الاعتذارات عن المناصب ومناخ لعدم الثقة، فإن ظروف حكومة مدبولى أفضل بكثير، فالأمور أكثر استقراراً، ومرتبات الوزراء والمعاشات قد زادت، والثقة فى الاستقرار مرتفعة، مما يجعل الاعتذارات ضعيفة نسبياً مقارنة بما تم من اعتذارات فى الحكومتين السابقتين، وبالتالى أمام مدبولى فرصة قوية لإحداث نهضة حقيقية فى الأداء الحكومى، خاصة أن الرجل يملك خبرة كوزير تعدت سنوات، كما أنه يكاد يكون الوحيد الذى مارس دور «قائم بدور رئيس الوزراء» قبل أن يتولى المنصب، وكان اصطحاب الرئيس له فى القمة العربية مؤشراً كبيراً لتأهيله للمنصب.
د. مدبولى العالم النشيط الدؤوب المتواضع -الذى أنصفه الرئيس فى المؤتمر الأخير بسبب ما تعرض له من انتقادات خلال أزمة الأمطار الأخيرة بالتجمع الخامس- أمامه تحديات كبيرة، أهمها تحقيق الانسجام بين الوزراء والعمل بروح الفريق، خاصة أن هذه الحكومة ستكون الأكثر استقراراً، فلا يجب أن نسمع مرة أخرى عن خلافات بين المجموعة الاقتصادية أو بين وزراء الخدمات. الأهم أن الحكومة الجديدة تحتاج إلى اقتحام عدة ملفات عامة، بالإضافة إلى تخصص كل وزير.. هذه القضايا العامة لا يمكن أن تحل جزئياً أو كلياً بوزير واحد مهما كانت كفاءته، بل تحتاج لفريق متكامل بروح الانسجام، ولعل أبرز هذه القضايا هى المواجهة الفكرية للإرهاب والتى تحتاج إلى جهد ضخم ومنظم من كافة مؤسسات الدولة، ثم المشكلة السكانية التى تعصف بكل جهود الرئيس والحكومات المختلفة وتحتاج إلى تضافر وزارات مختلفة. وبالطبع الأزمة الاقتصادية التى تحتاج إلى رئيس للمجموعة الاقتصادية طالما رئيس الوزراء غير متخصص فى الاقتصاد، وتحتاج إلى انسجام كبير بين الوزراء، وكذلك مع البنك المركزى، ثم قضية الإعلام، فمدبولى المعروف عنه أنه غير اجتماعى يحتاج إلى التواصل الشعبى والمجتمعى مع المصريين، وليس عبر متحدث كل وزارة، ولكن برؤية واضحة وشاملة للتفاعل والحوار مع الناس، لأن جزءاً من نجاح الحكومة يتوقف على إقناع الشعب ببرامجها وخططها.
الخلاصة أننا أمام رئيس وزراء شاب عمن قبله.. يزعل.. ويغضب.. ويتأثر.. ويتفاعل.. ليس سياسياً، لكنه يملك الكثير من القدرات الإنسانية والخبرات الفنية وظروفه أفضل من سابقيه.. والتحدى الأهم الذى يواجهه أن تكون الحكومة وحدة واحدة.. يتكلم كل وزرائها لغة واحدة. وينفذون رؤية وخطة واحدة.. والله الموفق.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع