توقيت القاهرة المحلي 11:38:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإصلاح أم «التسقيع»؟!

  مصر اليوم -

الإصلاح أم «التسقيع»

بقلم - محمود مسلم

غضب الناس من رفع الدعم عن المحروقات، رغم أن الحكومة تفادت كل الإجراءات الشكلية التى وقعت فيها المرات السابقة، وأحسنت عملية الإخراج، فزادت المرتبات والمعاشات قبل قرارات رفع الدعم، وراعت التوقيت فتجنّبت إصداره قبل شهر رمضان المعظم، أو قبل عيد الفطر المبارك، ونفذت الزيادة ثانى أيام العيد، بعد أن سافر مَن سافر وعاد مَن عاد، كما لا يمكن لأحد أن يتحجج بأن رفع الدعم قد جاء دون مقدمات، أو مفاجأة، حيث إن الجميع منذ أكثر من شهر يتوقع الزيادة وينتظرها، بمعنى آخر فإن الحكومة أحسنت إخراج هذه العملية، وتفادت كل الانتقادات الشكلية التى كان البعض يوجّهها لها فى المرات السابقة، بل والأهم فإن الإجراءات الحكومية الخاصة بالسيطرة على مواقف السيارات كانت سريعة ومنظَّمة، ومع ذلك فإن غضب الناس كان حاداً، لأن المشكلة ببساطة أنه لا أحد يريد أى زيادة على مصروفاته مهما كان دخله، وبدأت موجة أخرى من أسئلة الجدل غير المفيد، مثل: لماذا يتحمل هذا الجيل وحده ضريبة عملية الإصلاح الاقتصادى؟ أو لماذا لم تستمر الأسعار كما هى؟ بالإضافة إلى اقتراحات من عينة أن القضاء على الفساد كفيل بضبط ميزانية الدولة، أو ضرورة تطبيق الضرائب التصاعدية، أو تحميل الأغنياء ضريبة الإصلاح.

كان بإمكان الرئيس السيسى أن «يسقّع» الملفات، ويقضى السنوات الثمانى يتحدث عن المخاطر، وهى كثيرة، أو المؤامرات الموجودة بالفعل، ويكتفى بتحقيق الأمن، وبمواجهة تنظيم الإخوان، ويحافظ على شعبيته التى اكتسبها من دوره فى حماية ثورة الشعب ونزاهته وإخلاصه، لكنه قرر «تحدى التحدى»، كما وصفته المرحومة الإعلامية صفاء حجازى، ولأنه مخلص فقد تجاوز أزمات عديدة، لأن الشعب يعلم أن الرجل لا يحقق أى مصالح شخصية من منصبه أو قراراته، وأنه لا ينحاز إلّا للدولة المصرية، وليس له «شلة» من رجال الأعمال أو غيرهم، بل الواقع يقول: إن المستثمرين يدفعون كثيراً مع هذا النظام، كما أن مواجهة الفساد تسير بشكل فاعل ومؤثر، وهناك إرادة سياسية لاقتلاعه، وأعتقد أن خزينة الدولة استردت كثيراً من المبالغ والأراضى المنهوبة، وحمت أصولاً وأموالاً أخرى من النهب.

أما مَن يتحدثون عن تأجيل الإصلاح، فالكل يعلم أنه لا يوجد نظام يريد -أو يهدف إلى- زيادة الأسعار، لكن ميزانية الدولة لم تعُد تتحمل أكثر من ذلك، فى ظل سنوات صعبة أرهقتها، خاصة بعد ثورة 25 يناير 2011، وأنه لم يعُد هناك بديل مطروح، سواء الحصول على إعانات من دول الخليج، وهو أمر لن يتناسب مع ظروف هذه الدول الاقتصادية حالياً، ولا مع استقلال القرار الوطنى المصرى، فأى مطالبات بمنح جديدة ستقابلها بالطبع اقتراحات بدخول الجيش المصرى فى حرب اليمن، أو الدخول عسكرياً فى سوريا.

يعلم الجميع أن الرئيس السادات كان يسعى إلى تحرير الدعم، لكنه قوبل بمظاهرات حاشدة وغاضبة، جعلت الرئيس «مبارك» بعدها يخشى تكرار السيناريو، وإن كان نظامه كثيراً ما تحدث عن ضرورة تحرير الدعم، وكانوا يخططون ويتمنون ذلك، لكن الظروف لم تساعدهم، أما الرئيس السيسى فلم يعد يملك رفاهية الانتظار، وظروفه كانت أفضل: التفاف شعبى كبير.. وعى متزايد لدى المصريين.. الظروف المحيطة فى البلاد المجاورة.. شجاعة وجراءة فى اتخاذ القرار.

عملية الإصلاح الاقتصادى لم تنتهِ بعد، رغم آلامها وصعوبتها، وبالتالى يجب على الرئيس إلزام الحكومة بحل 3 مشكلات أساسية من أجل تخفيف العبء على المواطن، وتحديد جدول زمنى لإنهائها، هى: الأولى دمج الاقتصاد غير الرسمى من أجل الاستفادة من الضرائب والرسوم، والثانية تحديد أعداد وأسماء المواطنين الذين يحتاجون إلى دعم نقدى لإيقاف عملية المتاجرة بالفقراء، والثالثة تطوير آليات الرقابة على الأسواق لوقف عمليات الجشع والسمسرة التى يدفع ثمنها البسطاء.

أستغرب أن مَن ينتقدون عملية الإصلاح الاقتصادى وتحرير الدعم هم أنفسهم الذين ينتقدون عدم التطوير الشامل فى مجالَى التعليم والصحة.. والجميع يعلم ميزانية الدولة، وبالتالى ليس هناك مجال لتطويرها وتنميتها سوى بتحرير الدعم وترشيده، للإنفاق على المشروعات القومية والتعليم والصحة، وإلا ستظل مصر كما هى «محلك سر».. ويعود الناس مرة أخرى يتحدثون عن الجهل الذى انتشر، والأمراض التى أكلت أجساد المصريين.. يجب أن نحدد خيارنا.. أما الحصول على كل شىء فيحتاج إلى معجزات!

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإصلاح أم «التسقيع» الإصلاح أم «التسقيع»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا
  مصر اليوم - اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 11:29 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كريم محمود عبد العزيز يصدم النساء برأيه في فيلمه الجديد
  مصر اليوم - كريم محمود عبد العزيز يصدم النساء برأيه في فيلمه الجديد

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 00:27 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ميناء دمياط يستقبل 8 سفن للحاويات والبضائع العامة

GMT 02:36 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

بريطانيا تحذر من موجة ثالثة لكورونا

GMT 09:11 2020 الإثنين ,21 أيلول / سبتمبر

20 مؤشرًا لصناعة الغاز الطبيعي خلال عام

GMT 03:30 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

موريتانيا تسجل 171 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon