محمود مسلم
يخطئ المشير عبدالفتاح السيسى حينما يعتقد أن بإمكانه وحده تعويض إخفاقات حكومة الببلاوى الفاشلة، أو حين يراهن على مرور الوقت لحين انتهاء الانتخابات الرئاسية بنفس تشكيل الحكومة أو بتعديلات طفيفة.. ويدير ظهره لإخفاقات وزارة الببلاوى الكثيرة والتى أدت وستؤدى إلى تراجع شعبية النظام الحالى بما فيه «السيسى»، بدليل عودة الإضرابات الفئوية فى توقيت خاطئ دون حلول أو حوار من المسئولين، بالإضافة إلى «خلخلة» الوعى العام المصرى بأمور بعيدة تماماً عن الأهداف الاستراتيجية فى المرحلة الحالية مما يشق حلف 30 يونيو، فهناك خلافات عميقة بين وزارة الصحة ونقابة الأطباء، وبين وزارة الرياضة واللجنة الأولمبية، والأحزاب التى تريد نظام القائمة والأخرى التى تبحث عن الفردى، وبين اتحاد العمال ووزير القوى العاملة، بينما الحكومة مشاركة إما بالصمت أو التآمر والبحث عن مصالح وزرائها.. هذا طبعاً بالإضافة إلى الخلاف الشهير بين المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات القريب من الإخوان والبعيد عن ثورة 30 يونيو مع وزير العدل وعدد من مؤسسات الدولة واستخدامه اسم رئيس الجمهورية فى معاركه، بينما الدولة مرتعشة أمام «جنينة شو»، فلا حاسبته عن تجاوزاته ولا حققت مع وزير العدل، ولا أطاحت بالاثنين.
يعلم المشير «السيسى» قبل غيره أن د.الببلاوى وعدداً كبيراً من وزرائه اكتفوا بحمل اللقب لزوم البريستيج وليس لديهم النية أو الكفاءة لتقديم جديد للدولة والشعب، كما يعلم المشير أن الأداء الحكومى بشكل عام لا يسير بدرجة إدراك واحدة للمخاطر الحالية، فهناك تفاوت كبير بين الوزراء فى أدراكهم وأدائهم.. كما يعرف «السيسى» أن حكومة الببلاوى تحظى بغضب شديد من الرأى العام الذى يطمح إلى تغيير جوهرى بعد الفشل المتراكم، بدءًا من الإعلام والخارجية والتعليم العالى، إلى الخدمات والاقتصاد، كما فشلت الحكومة بجدارة فى مواجهة الإخوان فكرياً وخارجياً، ولولا وقفة الشعب والجيش والشرطة ومن قبلهم رعاية الله سبحانه وتعالى لهذا البلد العظيم لحدث ما لا تُحمد عقباه بسبب الحكومة العاجزة.
من الواضح أن مصر تعيش حالة «سيولة» وتفكك وغياب للرؤية، ويكفى أن أخبار التعديل الوزارى يتم تداولها منذ شهر تقريباً دون تنفيذ، والنتيجة أن معظم الوزراء جمّدوا أنشطتهم الضعيفة أصلاً، بينما اختفى الفعل والكلام عن التعديل، وأخطأ رئيس الوزراء فى تصريحاته كعادته حينما لمح إلى أنه ينتظر استقالة المشير «السيسى» فأوحى إلى الناس بأن الدولة متوقفة على قرار المشير.
مما لا شك فيه أن «السيسى» أدار مشهد ما بعد ثورة 30 يونيو بكفاءة كبيرة واستطاع تجهيز الجيش وعودة الشرطة لدورها فى مواجهة مخططات الإرهاب، لكن ثمة أخطاء ظهرت، ورغم إشفاق كثير من الشعب على «السيسى» ودوره فإن التحديات أكبر والأخطاء أخطر من أن يتم السكوت عليها أو تنتظر انتهاء الانتخابات الرئاسية.. فمصر تتفكك وتحتاج حكومة حرب أو على الأقل حكومة واعية ومخلصة.. و«السيسى» لن يستطيع وحده معالجة ثغراتها كما أن الرهان على الوقت من الأخطاء القاتلة!!