محمود مسلم
أجاد م.إبراهيم محلب حينما جاء بمعظم وزرائه الجدد من دولاب الدولة.. وزراء تكنوقراط غير مسيّسين يملكون خبرات عملية فى مجالهم، لذلك نفذوا توجيهاته فوراً بالنزول للمواقع والقيام بجولات للتعرف على المشاكل فى أرض الواقع، بعيداً عن الأوصياء من السياسيين أو «المتنحنحين» من النخبة.
متفائل بحكومة «محلب» وبأدائه كوزير إسكان خلال 7 أشهر، وكرئيس وزراء لمدة 4 أيام زار فى ظل انشغاله بالتشكيل الوزارى الكنيسة الكاتدرائية للتعزية فى ضحايا الأقباط المصريين بليبيا، وأجرى اتصالاً مع نقيب الأطباء لحل مشكلة إضرابهم رغم أنهم ظلوا شهرين يطلبون لقاء الببلاوى بلا مجيب، وأصدر بياناً حول تعدى الإسرائيليين على المسجد الأقصى، مما يدل على أن الرجل صاحب رؤية سياسية ويملك طاقة كبيرة فى العمل ولن يبحث عن إجازة آخر الأسبوع، على عكس ما حاول البعض من الباكين على د.الببلاوى تصويره بأنه رجل غير سياسى.
أخطأ «محلب» أثناء تشكيله الوزارة، سواء بإبقائه على بعض الفاشلين مثل وزيرى الخارجية والإعلام والرى، أو بتذبذبه فى اختيار وزراء الثقافة والتعليم العالى والعدل، لكنها فى النهاية أخطاء المجتهد الذى سعى إلى إرضاء كل الأطراف. وأخطأ مرة أخرى بتصريحاته عن تخفيض مواكب الوزراء ومنع المياه المعدنية، فهذه الكلام الشعبوى لم يعد يفرق مع الشعب الذى يبحث عن تطلعاته وطموحاته، بل إن هذا الشعب العظيم فى مرحلة من الوعى والنضج يطالب فيها بزيادة التأمين على الوزراء والمسئولين خشية عليهم من الإرهاب الغادر، ولن ينظر إلى مياههم سواء كانت معدنية أو من الحنفية.
أمام «محلب» فرصة كبيرة لمعالجة سلبيات حكومة «الببلاوى» التى عايشها، وأبرزها البطء وانعدام الرؤية والعمل بنظام «الجزر المنعزلة» بالإضافة إلى ضعف الجهد والإنجاز.. وإذا كان د.الببلاوى لا يستحق الآن سوى شكره على تحمله المسئولية فى هذه المرحلة الصعبة، فإن «محلب» يحتاج إلى دعم شعبى وسياسى وإعلامى، كما حدث فى بدايات حكومة الببلاوى، وحسناً فعل «محلب» بتوجيه خطاب للشعب حدد فيه أولويات وزارته، وأبرزها مواجهة الإرهاب، فيجب أن تكون الحكومة كلها على قلب رجل واحد لمواجهة هذا الخطر بدلاً من طريقة الحكومة السابقة التى كان فيها وزراء على خط المواجهة وآخرون يبحثون عن حضن الإخوان أو الأمريكان؛ أيهما أدفأ.
جاءت كلمة «محلب» مبادرة طيبة أعقبها باجتماع ضرورى مع القيادات الأمنية، لكن تبقى دعوته للشعب لإنهاء الاعتصامات والإضرابات مجرد أوهام ما لم تعقبها تحركات حكومية جادة من خلال حوار شفاف مع المعتصمين والمضربين لحل مشاكلهم، والأهم إعلان الحقائق كلها للشعب.
لقد بث «محلب» الحيوية فى الأداء الحكومى خلال الأيام القليلة التى تولى فيها المسئولية بدلاً من الحكومة السابقة المتراخية والمترددة والمرتعشة.. وإذا كان الشعب والإعلام قد استقبل حكومة «الببلاوى» بالورود وودعها باللعنات.. فإن «محلب» يجب أن يستوعب الدرس جيداً.. فالناس لا تعرف سوى الإنجازات والجهد والعرق والرؤية.. وإلا ستلاحقه «لعنات» الببلاوى.
نقلاً عن "الوطن"