محمود مسلم
أعطت دول الخليج درساً جديداً لوزارة الخارجية المصرية بقرارها، أمس، سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر، فيما الخارجية المصرية الرخوة والعاجزة والبطيئة أعادت السفير من الدوحة بحجة أنه فى إجازة، وألقت الكرة فى ملعب رئاسة الجمهورية، عندما صرح المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية السفير بدر عبدالعاطى بأن قرار السحب فى يد رئيس الجمهورية، وهى تصريحات تشبه تماماً ما كان يزعمه متحدث مجلس الوزراء أثناء عهد د.حازم الببلاوى، بأن التعديل الوزارى ينتظر قرار المشير عبدالفتاح السيسى بالاستقالة.
لقد اتخذت دول الخليج مواقف ضد قطر والإخوان أقوى من الخارجية المصرية، والكل يتذكر بيان العاهل السعودى ضد الإرهاب، بينما كان السفير نبيل فهمى يتحدث فى مؤتمره الصحفى الشهير والأفشل فى تاريخ الخارجية عن «عنف» الإخوان، كما لم تتعلم الخارجية من مواقف الإمارات ضد تونس وقطر وغيرهما واكتفت فقط بإطلاق تصريحات ضعيفة لا تشبع رغبات الرأى العام المصرى فى استعادة كرامته التى أهدرتها دول مثل تركيا وقطر وتونس وغيرها.
يبدو أن «الخارجية» لا تسمع ولا ترى، بدليل أن السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، تحدث منذ شهر عن ضرورة تحرك مصرى فاعل داخل الجامعة العربية لإدانة قطر ومحاولة تكوين «لوبى» عربى للضغط عليها، لكن «فهمى» اتجه بعدها إلى أوروبا وأصدر تصريحاً غريباً بأن زيارته لإيطاليا حققت أكثر مما كان يتوقعه، ولم يكشف عما توقعه أو حققته الزيارة، لكن النتيجة ظهرت بعد أيام من الزيارة: بيان شديد اللهجة من الاتحاد الأوروبى ينتقد النظام المصرى الحالى. لكن الأسوأ أن بيان الرد من الخارجية المصرية على أوروبا صدر كالعادة هزيلاً وضعيفاً ومتأخراً، أما المهندس أشرف ثابت القيادى بحزب النور، الذى زار عدة دول أوروبية خلال الفترة الماضية مع بعض السياسيين، فقد قال لى «لا توجد رؤية دبلوماسية للتعامل مع الخارج، والسفارات تسألنا عما يحدث فى مصر.. والتخبط سمة أساسية لأداء الخارجية المصرية».
وزير الخارجية نبيل فهمى و«بدره» (المتحدث الرسمى بدر عبدالعاطى) يصرحان منذ أشهر بأن صبر القاهرة نفد نحو الدوحة دون اتخاذ مواقف واضحة للرد على الإهانات القطرية للمصريين وثورتهم، ويبدو أنهما منشغلان بسياسة «المنح والمنع» مع منتقديهم، لأنهما لا يعرفان أن مواقف المصريين لا تباع ولا تشترى بالسفريات، وهذا الأمر سيكون له مقال آخر، أو أن الوزير منشغل بندوة فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة التى كان يعمل بها من قبل كنوع من رد الجميل، عن تطوير أداء الدبلوماسية المصرية فى ظل ظرف تاريخى، حيث كانت تصدر السياسة الخارجية بشكل كامل من رئاسة الجمهورية، كما كان يحدث من قبل وحتى عهد الإخوان.. كما أن المتابع «الأمين» -كما يحب أن يسميه متحدث الوزير السفير بدر عبدالعاطى- يعرف أن الدبلوماسية فى العالم قد تغيرت وأصبحت أشد عنفاً، ومن يرى الصراع والتهديدات بين روسيا وأمريكا فى قضية أوكرانيا أو مواقف الإمارات العربية أو حتى العنف الدبلوماسى الذى مارسته تركيا وقطر وحتى تونس ضد مصر وثورتها، يدرك هذا التغيير، بينما الخارجية المصرية تمارس الدبلوماسية القديمة الهادئة «الخائبة» بكفاءة أقل.
■ قطر تعبث بالأمن القومى المصرى عبر «الجزيرة» وتمويلها للإخوان وبياناتها الحكومية ضد مصر واحتوائها للإرهابيين، ووصل الأمر إلى تهديدها للأمن القومى العربى كله، وبالتالى كان قرار دول الخليج بسحب السفراء حاسماً وقوياً رغم علاقتهم التاريخية بقطر ووجود مصالح مشتركة كثيرة، أما مصر فما زال الوزير ومتحدثه «فهمى وبدره» يهددان بـ«نفاد الصبر» ولديهما «كسوف دبلوماسى» من سحب السفير المصرى.. وحتى الآن لم يطرد السفير القطرى من مصر رغم ما تحمله قطر من عداء واضح لمصر، بينما الخارجية ما زالت تسير بسياسة «دبلوماسية النعامة»!!
نقلاً عن "الوطن"