محمود مسلم
تساءلت منذ أسابيع: عمن يحمى المستشار هشام جنينة؟، وقال البعض إن الدولة لا تستطيع عزله، لكن بعد أيام اكتشفت أن هذا الكلام حجة للمتواطئين معه والمرتعشين من إصدار قرار بتغييره بدليل إصدار رئيس الجمهورية لقرار بعزل رئيس جامعة بورسعيد المنتخب وليس معيناً مثل «جنينة» الذى تراجع حتى عن انتقاداته للإخوان، بدليل أنه بعدما أدان «مرسى» فى عز قوة ثورة 30 يونيو واتهمه بأنه «هيلبس مصر فى الحيط» -على حد تعبيره- ثم خرج لأول مرة يتحدث عن تجاوزاته فى ميزانية رئاسة الجمهورية من خلال الأطعمة والتعيينات وسفرية طابا، عاد مرة أخرى المستشار هشام جنينة فى حواره مع الزميلة «الشروق» الأسبوع الماضى، ليقول إنها مخالفات مبررة، لأن «مرسى» كان يجلس مع الجهاز المعاون لساعات متأخرة من الليل، وأن سفرية طابا تكلفت 35 ألف جنيه فقط، تم سدادها بشيك من مؤسسة الرئاسة بقيمة 22 ألف جنيه والباقى تم سداده بموجب شيك باسم أحمد محمد مرسى.
كل يوم يثبت «جنينة» أن سلوكه أقرب إلى الإخوان، وقد طالبت منذ أسابيع بتغييره مع المستشار عادل عبدالحميد وزير العدل السابق الذى دخل معه فى مواجهة لم تفصح الحكومة حتى الآن عن المحق فيها والمخطئ، ثم فوجئت بإقالة «عبدالحميد»، بينما الوزير الجديد المستشار نير عثمان يستقبل «جنينة» فى مكتبه، مما يعد تضامناً صريحاً من «عثمان» مع رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات وإدانة واضحة للوزير السابق، ولا أعرف إذا كان ذلك هو رأى الوزير الجديد الذى لم يتحرك حتى الآن فى ملف أخونة الوزارة كما كان مأمولاً، فلماذا لا يحاسب المستشار عادل عبدالحميد؟ والسؤال نفسه يمكن توجيهه إلى المهندس إبراهيم محلب الذى استقبل «جنينة» هو الآخر، وكذلك إلى المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية، الذى يزعم «جنينة» فى تصريحاته مساندته له.. وإذا كان كل هؤلاء مقتنعين بما يفعله رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، فلماذا لا ينفذون توصيات الجهاز الخاصة بفساد بعض المؤسسات، وعلى رأسها وزارة الداخلية؟ ولماذا لا ينفذون توصياته السابقة التى ظل يرددها طوال عهد الإخوان بفحص موازنات الجيش والمخابرات العامة؟ أو لماذا لا يحققون فى الاتهامات الموجهة له بأخونة الجهاز أو فى كلام أحمد السنديونى رئيس شعبة المحليات بالجهاز المركزى للمحاسبات، الذى يتهم «جنينة» صراحة بـ«التستر على فساد نظام مرسى»؟
لقد قال المستشار جنينة فى حواره مع «الشروق» كلاماً لا يجد من يحاسبه عليه، مثل: «وضعت يدى فى عش الدبابير.. تعرضت لضغوط كثيرة من مسئولين وجهات رسمية لمنع كشف المتورطين فى الفساد.. بعض قيادات الجهاز وبعض المسئولين كانوا يخشون على حياتى مما سيعرض فى المؤتمر..»، بل الأخطر هو ما ادعاه بأنه فوجئ بخطاب استدعاء من النيابة مبطن بتهديد بأمر ضبط وإحضار بعد كشفه تجاوزات بأرض خُصصت للنيابة العامة ونادى القضاة والرقابة الإدارية ومباحث أمن الدولة.
لقد ارتدى «جنينة» ثوب الشجاعة متأخراً من أجل الحفاظ على منصبه، فإذا ما أقيل خرج بطلاً شعبياً، وهو الذى التزم الصمت طوال عهد «مرسى» باستثناء انتقاداته المستمرة للجيش، التى تخلى عنها بعد ثورة 30 يونيو.. لكن الأغرب هو صمت الدولة بكل أجهزتها ومسئوليها عن الفساد الذى يذكره «جنينة»، وعن المؤامرات التى تحاك ضده واكتفاء المسئولين بمقابلته دون مناقشته فى مثل هذه الأمور.
■ كتبت من قبل أن مصر تعيش حالة «سيولة» وأصبحت دولة «مفككة».
وبالتالى أجاد «جنينة» استغلال هذا المناخ ليظهر كبطل شعبى، لكن الأغرب أن المسئولين يشجعونه على ذلك دون اتخاذ إجراءات صارمة ضد الفاسدين، أو التحقيق فى حكاياته الأقرب إلى الخيال غير العلمى، أو عزله مثل زميله رئيس جامعة بورسعيد.. أما الاكتفاء بمجرد مقابلته فيدل على أنهم إما «متواطئون» وإما «مرتعشون»!!