محمود مسلم
يمثل المشير عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية حالة فريدة وغير مسبوقة على الأقل فى مصر، حيث يحظى بدعم شعبى كبير كان سبباً رئيسياً فى قراره بالترشح، وكثيرون ينظرون إليه كرئيس منقذ وليس رئيساً ملهماً، لذا لا يفرطون فى الأحلام، بالإضافة إلى أن مؤيديه يعتبرون أنفسهم شركاء أصليين فى حملته وقراراته.. ولكل هذه الأسباب، تزداد جرعة النصائح والانتقادات للمشير، فالكل يتدخل فى أدق قراراته واختياراته، كنوع من «الحمية» عليه أو «الغيرة» ممن اختارهم.. وهذه الحالة ستجعل «السيسى» تحت المجهر طوال الوقت وستظل تصرفاته وقراراته وكلماته محل جدل سواء من عشاقه أو خصومه، مما يحتم عليه مراجعة كل التفاصيل، خاصة أن هناك جبهة ثالثة لم تحسم قرارها بعد، كما أن بعض مؤيديه قد ضعف حماسهم بسبب تردى الأداء بعد 30 يونيو.. كما أن السيسى سيكون المرشح الوحيد الذى سيواجَه بأعداء ومنافسين، فستوجه له حملات المرشحين وعلى رأسهم «صباحى» انتقادات حادة وعنيفة، أما أعداؤه من الإخوان وعملاؤهم فى الداخل والخارج فسيستهدفون كل تصرفاته وقراراته، بل وفريقه.. وبالتالى على الرجل أن يدقق، خاصة أن حالة «فتور» قد انتابت من شاركوا فى 30 يونيو، ولولا إرهاب الإخوان فى الشوارع لاختفت روح الثورة من على أرض مصر.. وبالتالى فإن أولى مهامه هى استعادة الزخم الثورى والحفاظ على وحدة من شاركوا فى 30 يونيو، لأن مظاهر التفكك كثيرة، خاصة أنهم سيكونون وقوده فى حملته الانتخابية للرئاسة وفى معركة الدفاع عن الدولة والتنمية إذا ما وصل للحكم.
فى الفترة الأولى ما بعد 30 يونيو كان المصريون يغفرون للسيسى، حتى إذا أخطأ، لأنهم كانت تسيطر عليهم روح الثورة، وسامحوا فى حالة التفكك والسيولة التى سيطرت على الدولة، وصدقوا «السيسى» عندما قال إنه وزير دفاع فقط رغم ما عقدوه عليه من آمال عريضة لتحقيق مطالبهم، وكانت إشارات «السيسى» بالنسبة لهم أشبه بالأوامر من القائد المنقذ، بداية من مليونية «ضد الإرهاب» مروراً بالدستور، وغيرهما من المواقف.. فى المقابل كانت قوات الجيش والشرطة على مستوى المسئولية وانكشفت أمور خطيرة من مؤامرات الإخوان والتنظيم الدولى، لكن بعيداً عن ملف مواجهة الإرهاب فإن الشعب لم يجد من يحنو عليه أو يرفق به.. وهربت فرصة عظيمة خلال الأشهر التالية للثورة فى رفع درجة الوعى لدى المصريين، وتم تغييب الشعب فى قضايا «تافهة» ضاعت بينها أولوياته.
■ عودة الزخم الثورى والحفاظ على أهداف 30 يونيو وجمع شتات أفرادها، هى الضمان الحقيقى لنجاح السيسى سواء فى الانتخابات أو الحكم، أما الخطب والبرامج التى تحاول إرضاء كل الناس -كما فعل عمرو موسى وعبدالمنعم أبوالفتوح فى الانتخابات الماضية- فستفتت الثورة وتجعل السيسى «باهتاً» بينما أحبه مؤيدوه لصراحته وشجاعته كرئيس «منقذ» وليس «ملهم»!!
"الوطن"