محمود مسلم
المعركة الانتخابية الرئاسية، هى بالدرجة الأولى، اختبار لحياد الدولة، لأن النتائج شبه محسومة وأرقام التوكيلات تعكس ذلك بوضوح، لكن لن يقبل الشعب أن تحمل الانتخابات شبهة انحياز، حتى لو كان للمرشح الأوفر حظاً، والأكبر شعبية، وهنا يأتى دور اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ومن بعدها وقبلها الرئيس عدلى منصور، وحكومة م. إبراهيم محلب.
لا يمكن أن تكون الدعوة لحياد الانتخابات ناتجة من ضمان نتائجها، ولكنها تأتى، لأنها الضامن الحقيقى لاستقرار البلد وتطوره، فليس مقبولاً أن تكون الانتخابات غير نزيهة بعد ثورتين شعبيتين دفع فيهما البعض دماءه ثمناً لهما، وإذا كانت حملة المرشح حمدين صباحى تبالغ فى تضخيم بعض التجاوزات التى من الممكن أن يراها البعض لا تصل لحد الظاهرة رغم أن عدد التوكيلات الحقيقية لـ«صباحى» لا يعكس حتى الآن كم الشكاوى والصياح، الذى يمارسه أعضاء حملته، لكن فى المقابل تمارس حملة «السيسى» أخطاء أخرى لا ينتبهون فيها إلى أن النجاح بحياد، أفضل له ألف مرة، من أى سيناريو آخر ومن غير المقبول أن تنشر حملته أمس أرقام التوكيلات لكل المرشحين، وهى معلومات لا يعرفها سوى أعضاء اللجنة العليا للانتخابات، أو وزارة العدل، كما أن أحد الخبراء الاستراتيجيين قد أعلن عن مواعيد الإجراءات الانتخابية، قبل أن تعلن اللجنة العليا ذلك، وهى أخطاء رغم ما يعتبره البعض بسيطة، لكنها تشين الحياد، ولجنة الانتخابات، التى يجب أن تظل فى مكانها المرموق بعيداً عن أهواء الحملات أو حتى مزاج الشعب.
لقد نجح «محلب» وحكومته فى اختبار الحياد الأول، عندما قرر إقالة اللواء محمود خليفة، محافظ الوادى الجديد، بعد إعلانه توقيع توكيل لتأييد «السيسى» حتى لو كان الرجل.. «حسن النية»، أو لا يوجد فى القانون ما يمنع ذلك، فيجب أن يعلم كل من ينتمى للحكومة من أصغر موظف، حتى رئيس الجمهورية أن انحيازهم مقصور على أصواتهم فى الصناديق فقط لا غير، حتى لو كان الشعب متوافقاً أو لديه شبه إجماع، حول مرشح معين، لأن الانتخابات الرئاسية فرصة لتعميق ثقافة الديمقراطية، سواء عند موظفى الدولة، أو لدى الشعب المصرى.
الحياد الانتخابى، ليس ترفاً ليتم استدعاؤه وقت الحاجة، ولا يمكن بأى حال من الأحوال، أن يكون مجرد «ديكور» لإرضاء الخارج فى ظل هذه الظروف الصعبة، بل هو حق أصيل للشعب المصرى، وأساس راسخ للديمقراطية والحرية، وهنا يجب على الرئيس والحكومة، أن يعتبرا الانتخابات فرصة، ليعرف الجميع حقوقه وواجباته، بعيداً عن المزايدات من طرف، والاستسهال من طرف آخر.
■ ■ إذا كانت إقالة محافظ الوادى الجديد خطوة جادة فى طريق الحياد، فإن المشوار ما زال طويلاً. لتكن المعركة الانتخابية المقبلة هى الأنزه والأفضل، حتى لو كانت نتائجها معروفة مسبقاً!!
"الوطن"