محمود مسلم
أصعب ما فى دولة مصر بعد «30 يونيو» أنها تعرف الأهداف لكنها تفتقد الرؤى والوسائل، ومن أبرز الخلافات بين جمهور «30 يونيو»: قضية التعامل مع عصابة الإخوان الإرهابية الخائنة، التى ما زال يثيرها حزب النور وبعض «نحانيح» النخبة، سواء عن جهل أو عن خوف من عودة الإخوان للسلطة، بالإضافة إلى بعض الأبرياء والسذّج الذين لا يعرفون خطورة هذه الجماعة حتى الآن، ويتوهمون أن الصلح معها يضمن استقرار الدولة.. وكل هؤلاء يمارسون ضغوطاً على «السيسى» من أجل إقرار هذه الجريمة، وأبرزهم حزب النور الذى يحاول دغدغة مشاعر أعضائه ومريديه وإبراء ذمته مما حدث مع الإخوان، وآخرون يغازلون الخارج ويبحثون عن «بريستيجهم» الديمقراطى حتى لو على جثة الوطن، ومنهم من يخشى عودة الإخوان، مع أن الجميع يعرف أن هذه الجماعة لو عادت ستقضى على الأخضر واليابس.
المصالحة مع الإخوان انتكاسة للوطن، وكل من يطرح مثل هذه الأفكار يسهم عن جهل أو عمد فى تشتيت أولوياته لعدة أسباب، أولها: أن أى تنازلات من الحكومة تعنى انهيار دولة القانون، كما أن الإخوان الذين يتم تحريكهم بأوامر خارجية أصبحوا لا يملكون قرارهم، وبالتالى ليس لديهم ما يتنازلون عنه؛ فحتى العمليات الإرهابية عبر الجماعات المسلحة ينكرون علاقتهم بها، فكيف سيقرون بإيقافها؟ كما أن عودة الإخوان مرة أخرى للمشهد السياسى بنفس القواعد التى كانوا يمارسونها تعنى أنهم سيظلون خنجراً فى ظهر الوطن ويعودون مرة أخرى لعمليات «المسكنة» حتى يتمكنوا مرة أخرى.
أفضل ما قاله المشير السيسى فى خطابه لإعلان ترشحه للرئاسة: إن الجميع مشارك فى المستقبل باستثناء المدانين بأحكام القانون. وهذا الكلام يفتح الباب لشباب الإخوان ممن لم تُلوث أياديهم بالتحريض على العنف أو الاستقواء بالخارج أو الفساد بالمشاركة، ولكن على قواعد دستورية وقانونية جديدة.
يجب أن يعلن المرشحان للرئاسة موقفهما من هذه القضية، بدلاً من أن يتلاعب الإخوان بالدولة ويخرج كل فترة قيادى منهم يتحدث عن اتصالات مع مسئولين بالدولة، وهو كلام أعتقد أنه غير صحيح وغير مقبول، خاصة بعد إعلان الدولة الجماعةَ منظمة إرهابية، بل الأفضل أن يملك المرشحان جسارة وقوة إعلان إقصاء الأفكار الإخوانية بلا هوادة، التى أوصلت البلاد إلى ما هى عليه، بداية من خلط الدين بالسياسة واستغلال الدعوة الإسلامية للوصول إلى السلطة والاستقواء بالخارج وممارسة العنف والإرهاب والتحالف مع الجماعات المسلحة وقبول أموال من دول مقابل تسريب تقارير الأمن القومى المصرى، بالإضافة إلى استهداف الجيش المصرى.
.. مصر لن تتقدم إلا بالتخلص من كل هذه الأفكار، خاصة أن ممارسات الإخوان عبر التاريخ أثبتت أنهم ثغرة فى جسد الوطن وأن أى محاولات خبيثة أو ساذجة لإعادتهم للحياة السياسية مكتوب عليها الفشل وأن ابتزاز «السيسى» لإجراء مصالحة معهم غير مقبول؛ لأن الشعب هو الوحيد الذى يملك القرار وليس «السيسى»!
نقلا عن الوطن