بقلم - محمود مسلم
رغم الجهد الضخم الذى تبذله الوزيرة النشيطة والمنجزة د. سحر نصر فى مجال الاستثمار، وآخره مركز المستثمرين الذى سيحقق حلمهم فى إنهاء الرخص والتصاريح من شبّاك واحد فى مدة قليلة، وهو الحلم الذى ظلّت حكومات عديدة تتحدث عنه وتعِد به، حتى جاءت د. سحر نصر ونفّذته على أرض الواقع، وافتتحه الرئيس السيسى منذ أيام، ولكن رغم هذا الجهد تظل مهمة جذب الاستثمار الأجنبى تحتاج إلى تدخّل مؤسسات وهيئات أخرى، خاصة أن زيادة معدل النمو والقضاء على البطالة يرتبطان بشكل أو بآخر بزيادة الاستثمارات الأجنبية.
سافرت إلى ألمانيا منذ أيام مع زملاء من رؤساء تحرير الصحف المصرية، لحضور ملتقى دولينبرج، وهو تجمّع للمستثمرين أُقيم بولاية «بادن - فوتمبرج»، وهى من أغنى الولايات الألمانية، وتُسهم بنصيب كبير فى الاقتصاد، ولو استقلت سيمثل اقتصادها رقم 17 على العالم.. الأهم فى هذا الملتقى هذا العام هو استضافته لعالم مصرى هو د. أشرف منصور، رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية، ليلقى الكلمة الأولى فى الملتقى، ومعه كلاوس كينكل، وزير الخارجية الألمانية الأسبق، وهايتر هاسيس، رئيس الاتحاد العالمى لبنوك التوفير.
الملتقى الذى عُقد على بُعد أكثر من 4200 كم عن القاهرة داخل فندق دويلنبرج الذى يقع وسط جبال مغطاة بالجليد، حضره نحو 100 مستثمر، وعرض خلاله د. أشرف منصور 10 مزايا لتشجيع المستثمرين للعمل فى القاهرة، أبرزها العمالة المدربة والرخيصة.. وجود 2٫5 مليون متر مناطق صناعية.. تنوع اقتصادى.. نسبة نمو الصناعة 17٪ عن العام الماضى.. توافر ضمانات وحوافز ضمن قانون الاستثمار الجديد.. الاستقرار السياسى.. تراجع الواردات.. توافر النقل البحرى والجوى.. إنشاء أكثر من 3500 كم طرق جديدة.
كما أعلن «منصور» استعداد جامعته لتقديم استشارات قانونية وإدارية واقتصادية مجاناً لكل من يريد الاستثمار فى مصر، كما تساعد الجامعة فى اختيار الكوادر للعمل. ودعا «منصور» المستثمرين إلى حوار آخر داخل مقر الجامعة الألمانية بالقاهرة.. رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية لم يكتفِ بذلك، بل استعد للملتقى منذ فترة بأن تواصل مع المستثمرين ليحدد المهتمين بالعمل فى مصر، وتناقش معهم فى جلسة خاصة على هامش المؤتمر، حول الفرص الحقيقية للاستثمار، ورد على استفساراتهم التى انحصرت فى «الوضع الأمنى.. هل تغطى التنمية جميع أنحاء الجمهورية؟.. ومركزية القرار»، وهو ما رد عليه «منصور» بأن الإرهاب ينحصر فى مساحة صغيرة بسيناء، لم تؤثر على السياح، ولم تشهد مصر حوادث ضد السائحين طوال العشر سنوات الأخيرة، كما أن التنمية تغطى مصر كلها بدليل وجود 26 منطقة صناعية.
كما وضع «منصور» جميع إمكانيات الجامعة الألمانية بالقاهرة كبيتِ خبرة أمام المستثمرين الألمان، وبالطبع هذه خطوة جيدة، خاصة لما تحظى به الجامعة من سمعة طيبة فى أوساط الصناعة، حيث تعتبر الجامعة إحدى ثمار التعاون بين البلدين وتمثل وحدها نحو 42٪ من حجم مشروعات التعليم الألمانى فى الخارج.. كما ترتبط الجامعة باتفاقيات تعاون مع جامعتى شتوتجارت وأولم فى نفس الولاية التى يقام بها الملتقى.
الزيارة لم تقف عند الملتقى فقط، بل امتدت إلى جولة داخل شركة هنركرشت التى تقوم بإنشاء الأنفاق تحت قناة السويس.. وقد أشاد رئيسها مارتن هنركرشت بالرئيس السيسى، ووصفه بأنه رجل صاحب رؤية وفكر مبتكر ويملك دافعاً وحماساً كبيرين للعمل، بل إنه داعب أحد وزراء الولاية قائلاً: إذا تأخرتم أكثر من ذلك فى إنجاز نفق شتوتجارت فلنأتِ بالرئيس المصرى السيسى الذى يتسم بدقة المواعيد والتنفيذ والعمل باحترافية عالية.. المفاجأة الثانية فى زيارة الشركة كانت فى وجود المهندس المصرى الشاب محمد حمدى الذى يعمل هناك وهو أحد خريجى الجامعة الألمانية بالقاهرة دفعة 2008.
خلاصة الزيارة أن الاقتصاد يخدم السياسة.. وأنه على الجميع العمل من أجل الاقتصاد والاستثمار.. فالمهمة صعبة، ومصر بحاجة إلى أن يتحول أبناؤها الذين يملكون المصداقية والقدرة على التواصل مع الخارج إلى سفراء حقيقيين للاستثمار من أجل حاضر ومستقبل هذا البلد!
نقلا عن الوطن القاهريه