بقلم : محمود مسلم
كان الحوار السياسى فى الاجتماع الثالث الذى عقده الرئيس السيسى فى نيويورك، وضم نحو 30 من المفكرين والباحثين والمجتمع المدنى الأمريكى، هو الأكثر سخونة، حيث طرح الضيوف قضايا عدة، بداية من الصراع الخليجى الإيرانى وموقف أمريكا منه، وقضية فلسطين، ومستقبل الإسلام السياسى، والزحف الإيرانى والتركى على منطقة المتوسط، وسيناريوهات التصعيد مع إثيوبيا فى قضية سد النهضة، والإرهاب فى المنطقة، والمظاهرات فى مصر، ومشكلة القصور الرئاسية. وقد جاوب الرئيس على كل الأسئلة، كما أشاد الحضور بدور السيسى فى مكافحة الإرهاب وتنمية بلاده، كما حرص الرئيس على دعوة أحد كتّاب جريدة «نيويورك تايمز» لزيارة مصر ورؤية المشروعات القومية والمدن الجديدة.
السيسى أكد أن الجانب الإثيوبى لم يتجاوب بشكل مناسب مع المفاوضات، واللجان الفنية لم تصل لاتفاق، ومصر بدأت التصعيد الدبلوماسى دولياً ولن تقبل بفرض الأمر الواقع.. وأوضح أن موقف الرئيس ترامب من أزمة إيران يتسم بالحكمة، خاصة أنه لا يتحرك بمعزل عن الحلفاء بالمنطقة، كما كرر السيسى إشادته بترامب قائلاً: «الرئيس يحاسب على حجم الإنجازات.. وأعتقد أنه حقق الكثير مما وعد به». أما عن القضية الفلسطينية، فأشار الرئيس إلى ضرورة حلها بشكل متوازن، موضحاً أن مصر لديها تجربة سلام متفردة مع إسرائيل.
وأكد السيسى على أن الشعب المصرى يرفض المصالحة مع تيار الإسلام السياسى، ولا توجد فرصة لتهذيب أو تهدئة مثل هذه الجماعات المتطرفة، لأن هدفها الوصول للسلطة بالقوة أو بأى ثمن، مشيراً إلى أن ما يحدث فى مصر من مظاهرات سببه أن هناك قنوات تعمل على مدار الساعة لنشر الأكاذيب والشائعات والدعاية السوداء من دول بعينها، مما يعطى انطباعات غير حقيقية عن حجم الاعتراض واستغلال قسوة برنامج الإصلاح الاقتصادى، لكن الشعب المصرى دائماً كان هو الحامى والواعى ضد كل المؤامرات وكلمة السر فى أى نجاح.
وأوضح السيسى أن لديه تواصلاً مباشراً مع الرأى العام من خلال مؤتمرات الشباب التى يتم النقاش فيها بشكل مفتوح، وساهمت بشكل كبير فى تحسين حجم الوعى لدى الرأى العام، مشيراً إلى أن الإرهاب فى أفريقيا زاد نحو 19٪ هذا العام، ومع ذلك ما زال البعض فى المجتمع الدولى يرى أن ترك مواقع إلكترونية تقدم الفكر المتطرف وكيفية صناعة المتفجرات والأسلحة جزء من الحرية. وأما فى مصر فقد دمرت أكثر من 3000 سيارة دفع رباعى محملة بالسلاح والمقاتلين، وأنه تم نقل أكثر من 2000 مقاتل من سوريا إلى ليبيا على الحدود الغربية مع مصر.
وانتقل السيسى إلى الحديث عما يجرى فى مصر قائلاً: «هناك بناء لدولة جديدة ورؤية استراتيجية لتغيير الانطباع الذى جرى عن مصر دولياً خلال فترة 2011، وتقديم مصر للعالم بصورة جديدة ومستحقة، فقد تم صرف أكثر من 4000 مليار جنيه على مشروعات قومية، منها 14 مدينة جديدة، بعد أن تحولت العاصمة إلى جراج كبير، والقصور الرئاسية ملك للمصريين».
انتهى حوار الرئيس، واختتمت زيارته لنيويورك. والملاحظ أن هناك إشادة مستمرة بالرئيس السيسى فى المجتمع الأمريكى، سواء لدوره فى مكافحة الإرهاب والإصلاح الاقتصادى وتجديد الخطاب الدينى وحكمته فى التعامل مع قضايا المنطقة. وإذا كان البعض يعتبر شهادة المجتمع الأمريكى ليست أمراً ذا أهمية، فيجب على الجميع تذكُّر أن الرئيس السيسى بدأ حكمه بعلاقات متدهورة مع الرئيس أوباما، بل إن العلاقات المصرية الأمريكية كانت فى أسوأ حالاتها على مدار التاريخ، لكن الأهم فى إشادة المجتمع الأمريكى (مع العلم أن معظم لقاءات الرئيس كانت مع أصحاب مصالح اقتصادية وأصحاب فكر محايدين) كانت إشادة الرئيس نفسه فى كل القضايا بالشعب المصرى العظيم.. فقد كرر الرئيس السيسى أن الشعب هو كلمة السر فى كل الإنجازات، وبالتالى يتأكد للجميع أن الرئيس الذى يحظى بحب الناس ويقدر شعبه يحترمه العالم.