محمود مسلم
ما حدث الأيام الماضية من قتل وقنابل وحرائق، يعكس حقيقة واحدة أن جماعة الإخوان الإرهابية الخائنة حسمت موقفها من مصر باستهدافها أمنياً واقتصادياً ودولياً، كما أن الشعب حسم موقفه من الجماعة ولفظها إلى غير رجعة، بينما ما زالت الدولة المصرية حائرة لم تحدد موقفها وخطتها بعد ولم تحسم خياراتها، فما زال أعضاء الجماعة يسكنون دولاب الحكومة دون رؤية واضحة لاستبعادهم، ولا توجد خطة أمنية تقرأ المستقبل وتواجه التطور النوعى فى أسلحة وأدوات الجماعة التى تستعين بمخابرات وأموال وأسلحة دول أجنبية، كما لا توجد استراتيجية لمواجهة أفكار الشباب المؤمنين بالجهاد أو المقبلين عليه، حيث دخل وزير الثقافة فى معركة مع الأزهر، والإعلام بلا وزير، ود. محمود أبوالنصر، وزير التعليم، يقوم بتوزيع جنيهات الذهب على الصحفيين ويبررها بأنها نوع من «الأبوة»!
نجحت مصر فى ثورة 30 يونيو عندما أدارت ظهرها للضغوط الأمريكية الموالية للإخوان، واستجابت فقط لإرادة الشعب المصرى، وإذا كان «السيسى» قد صارح «أوباما» خلال لقائهما بنيويورك بأن د.محمد بديع سيكون المرشد الأخير لجماعة الإخوان فلا يوجد على الأرض ما يكفى لتنفيذ هذا التوجه، فمصر التى تطالب الأمم المتحدة مؤخراً بضرورة التكاتف لمحاصرة صفحات الإرهاب على الإنترنت لم تقم حتى الآن بحظر مواقع الإخوان وحزب الحرية والعدالة، اللذين حكم القضاء بحظرهما، ولم تنظم مواسير مجارى «الفيس بوك» التى تنضح بالإرهاب وكل ما يهدف إلى إسقاط الدولة.
لن تنعم مصر أو المصريون إلا بإسقاط مخططات الإخوان وعملائهم سواء فى الداخل أو الخارج واعتماد استراتيجية شاملة ومعلنة لمواجهة الإرهاب أمنياً واقتصادياً ودينياً وتربوياً وثقافياً، تعتمد على العلم والتكنولوجيا والتدريب وتشكيل مجلس قومى للإرهاب وليس العمل بطريقة رد الفعل والدخول فى معارك صغيرة والانشغال بقضايا تافهة، خاصة أن كثيراً من الأحداث تحولت إلى سيناريوهات مكررة دون مقاومة مبدعة أو اتباع طرق للوقاية منها، ما جعل الإحباط يتسلل إلى الناس، والخوف من المستقبل يسيطر على المشهد رغم كل ما يبذله الرئيس والحكومة من جهد فى جذب الاستثمارات وحصول مصر على عضوية مجلس الأمن ومشروعات قناة السويس والطرق وغيرها لكن كل ذلك سيضيع هباءً أمام هذا الإرهاب اللعين.
حادث شيماء الصباغ يعكس الفراغ السياسى الذى تشهده البلاد وانعدام الكفاءة الأمنية التى فشلت فى السيطرة على الموقف، فلا يوجد مسئول سياسى يتحدث مع حزب التحالف الاشتراكى الذى قرر الخروج على القانون وتنظيم مظاهرة ليثنيه عن قراره ويوضح له مخاطر تستر الإرهابيين وراء مظاهرتهم السلمية، ولا الأمن نجح فى التعامل مع موقف تكرر كثيراً.
يعلم الرئيس السيسى -قبل غيره- أن المصريين استدعوه لخوفهم من المستقبل، ويعرف حجم المخاطر والمؤامرات التى تُحاك ضد مصر، وبالتالى فلا وقت للمهادنة أو الرفق سواء مع الخونة الأصليين أو عملائهم، وليجعل الرفق مع أهالى الشهداء سواء من الجيش أو الشرطة أو الشعب من خلال منظومة موحدة لا ترفع من قدر الثائر تجنباً للأصوات العالية، ولا تحط من قدر طفل فقير لأن الإعلام لم يركز عليه.
لقد قال «السيسى» خلال لقائه معنا فى أبوظبى إنه حاسم فى قضايا الأمن القومى.. وإذا كان البعض بدأ يتململ من أدب الرئيس الجم فإن الجميع ما زال يراهن على قوته ورؤيته وشجاعته فى القضاء على الإرهاب وتركيعه لأن مصر ومشروعاتها القومية لن ترى النور إلا بالقضاء على أسباب الظلام أولاً، فيجب أن تكون الدولة مبادرة وفاعلة وصاحبة رؤية فى هذه القضية من أجل تحقيق الاستقرار الذى هو شرط لبدء التنمية والتفاؤل بالمستقبل لا أن تتحرك برد الفعل وتترك عصابة الإخوان تقود الدولة!!