سألنى صديقى لماذا أنت محبط من أداء الدولة وتصفها بـ«الضعف» أحياناً والرخاوة فى أحيان أخرى حتى قاربت أن تكفر بها مع أن الملايين خرجوا فى 30 يونيو ليدافعوا عن الدولة ومؤسساتها؟ أجبت بأننى مريض بحب الدولة المصرية وأطمح إلى استعادة قوتها خاصة أن شبح سقوطها مرة أخرى يطاردنى؛ بسبب ما أعرفه خلف الكواليس. صديقى فاجأنى: ألستَ متفائلاً بقدوم السيسى؟ فأجبت: بالعكس أرى أن السيسى خطوة أولى ومهمة فى بناء الدولة، لكن هناك خطوات كثيرة أخرى لأن النظام المؤسسى هو الذى سيحمى الدولة وليس النجاحات الفردية.
فعاود صديقى السؤال المتكرر: وهل الفترة التى مضت كفيلة بتحقيق طموحاتك؟
فقلت: بالطبع لا، لكن الأزمة فى عدم وجود خطوات جادة وحقيقية تؤكد أن الدولة تسير على الطريق السريع؛ فللأسف الأخطاء مؤسسية والنجاحات فردية والبطء سيد الموقف، والتخبط ممنهج. فقال: «ولكن التركة ثقيلة؟!»، فأجبت: نعم، لكن هناك إيجابيات وفرصاً عظيمة لم تستثمر حتى الآن، ولا يوجد ما يطمئن على أن مصر تسير نحو إقرار النظام العام الذى يطرد الفساد والترهل والإهمال والتسيب، وهو أول الخطوات نحو إقرار الدولة القوية الشامخة العادلة والمستقلة.. صديقى الذى بدأ الإحباط يتسلل إليه سألنى «بطريقة رمى الفوطة فى الملاكمة»: وما أدلتك على بطء ورخاوة الدولة وعملها بنظام الجزر المنعزلة؟
فقلت له: اسمع..
■ وزير النقل «مهندس البترول» لا يوقع على أى أوراق خاصة بالهيئات التابعة له، حتى موضوع شركة النقل الجماعى التى ستبلغ ميزانيتها مليار جنيه حبيس الأدراج، وعندما يلتقى مع خبراء متخصصين يعرضون عليه دراسات، فإن اهتمامه ينصب على تصحيح اللغة العربية وبعدها تذهب الدراسة مع أخواتها إلى الأدراج.. والأغرب أن الجميع يعرف ولا يتحرك.
■ تم تعيين عمداء الكليات بعد بدء العام الدراسى كما تم تفويض شركة «فالكون» بحماية الجامعات قبل الدراسة بأيام.. الغريب أن قانون وزير التعليم العالى جعل رئيس الجمهورية يصدر قرار تعيين العمداء بينما يعين نواب رؤساء الجامعات من قبل رئيس الوزراء، بالإضافة إلى «دوشة» مادة عزل الأساتذة التى كشف مجلس الدولة عن بطلانها.
■ كلف الرئيس السيسى لجنة الإصلاح التشريعى بالانتهاء من 7 تشريعات خلال شهر فى اجتماعه الأخير معهم الذى عقد فى 9 أكتوبر 2014 ومن يومها لم تعقد اللجنة أى اجتماع.
■ أعلن رئيس الوزراء أن قانون تقسيم الدوائر لا ينتظر التقسيم الإدارى للمحافظات ولا يؤثر على دستوريته بينما خرج وزير العدالة الانتقالية ليؤكد أن إصدار قانون الدوائر قبل «التقسيم» سيشوبه عدم الدستورية.
(ملحوظة: المسافة بين مكتب رئيس الحكومة ووزير العدالة الانتقالية عدة أمتار).
■ د. سيد خليفة رئيس هيئة العون الغذائى قدم استقالته مرغماً بعد تهديد الموظفين الذين حاصروه للمطالبة بتعيينهم رغم أن طبيعة الهيئة أن العمالة بها مؤقتة لكن الغريب أن «خليفة» استجار بعلى إسماعيل المشرف على قطاع مكتب وزير الزراعة فلم يسعفه.. بالمناسبة «إسماعيل» كان يظهر فى قنوات الإخوان ويهين حركة تمرد قائلاً: «عندنا تجرد».. أما عمال مصنع النصر لصناعة الكوك بحلوان فينظمون اعتصاماً اليوم بسبب إصرار رئيس مجلس إدارة الشركة الذى عينه الإخوان على صرف الحوافز بنفس النظام المتبع منذ 30 عاماً بينما يرد صبيانه من الإخوان بالشركة: «خلوا الانقلاب ينفعكم».
■ يُخرج المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات (القريب من الإخوان) كل يوم لسانه للدولة وكأنه ماسك عليها ذلة فيعلن أن الإخوان جزء من نسيج الشعب، رغم صدور قرار بأنها منظمة إرهابية، كما يعترض «جنينة» على الأحكام القضائية التى أدانته ويوقف تنفيذ أحكام أخرى خاصة بأعضاء بالجهاز فيما يعلن رئيس الجمهورية كل يوم استقلال القضاء.
■ حتى الآن لم تنكشف القضية رقم 250 ولم تحل للمحكمة، الغريب أن المتهمين فيها ينتهزون أى فرصة للهجوم على السيسى والدولة، والأغرب أنهم يتهمون الشرفاء بالعمالة.
■ أعلن الرئيس السيسى عن صندوق «تحيا مصر» فى 24 يونيو الماضى وحتى الآن لم يصدر القانون المنظم له.
مدير مركز معلومات مجلس الوزراء انتهت فترة عمله منذ 4 نوفمبر ولم يصدر قرار ببديله حتى الآن ولا أحد يعرف هل الدولة «نايمة» ولا «مش واخدة بالها».
■ أعلنت الحكومة عقب اجتماع عاصف بعد حادث العريش أنها قررت مخاطبة السفارات الأجنبية المعتمدة بالقاهرة وسفاراتنا فى الخارج لفضح الدول الراعية للإرهاب.. والسؤال الذى يفرض نفسه: هل أبلغت الحكومة المصرية مواطنيها أولاً بهذه الدول.. أم أنها تصريحات للاستهلاك المحلى والعالمى؟!
صُدم صديقى وصمت.. ثم نظر إلىّ متسائلاً: ولماذا لا تكتب هذه الفضائح؟
فأجبت: لأن الناس مش ناقصة إحباط.
فتعجب: طب والدولة البطيئة؟
فقلت: حتى الآن ما تقولش دولة!!