لمّا كان أولاد أخي أطفالاً، كنتُ أتصفح مجلات الأطفال بهية الألوان في أيديهم. كان من بينها واحدة اسمها «ماجد»، وأخرى اسمها «أسامة» أو «سوبرمان»!
ولمّا كان أولادي أطفالاً، كنتُ أروي لهم، قبل النوم، ما في كتب الأطفال من قصص.
صار أولاد أخي رجالاً وأمهات، وكذا اولادي. لما صرتُ جداً صار عليّ أن أقرأ لـ «ليلى» قصصاً، بالعربية والإنكليزية، صادرة عن «دار الفتى العربي» البيروتية، او عن دور نشر إنكليزية.
لا أعرف كم كان عمر الأديب السوري، سليمان العيسى، عندما قرر، بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧، أن يكرّس قلمه للكتابة للأطفال.
لكن، أعرف أن الشاعر ماجد ابو غوش، لما بلغ سن الـ ٥٦، وانجز ١٢ كتاباً نثرياً ومجموعة شعرية منذ العام ١٩٨٤ حتى ٢٠١٥، قرّر خوض مجال قصص الأطفال، ثم مجال حكاية او «رواية» أو «نص طويل».
سأترك تناول الرواية - الحكاية - النص الطويل لغيري من النقّاد، كما هو تركها لهم «ماذا يهم ما دام المتن قادراً على حمل المعنى»!
كتابه الأول للأطفال المعنون «أحلام ماجد» صدر عام ٢٠١٥ عن «مركز أدب الأطفال - براعم الزيتون - حيفا»، مكتبة «كل شيء» يحمل الإصدار الـ ٩٣ لهذه الدار في مجال أدب الأطفال، في سلسلة شارك فيها: حنّا أبو حنّا، وتوفيق فياض، وهما أديبان وضعا كتباً وروايات للكبار، ولكنهما ليسا بشاعرين.
عادة يقولون عن «الكاتب» أنه «أديب» ونادراً يقولون عن الشاعر انه راوٍ او قاص، والأقدر من هذا وذاك ان يكتب الشاعر للأطفال، ويضع «رواية».
كانت للشاعر ماجد ابو غوش مطبعة تعثّرت، وأثقلت كاهله بالديون، ونظرة الى كتب الشاعر تشير الى ان إصدارات كتبه كانت من دور نشر في البلاد وخارجها.
من يقرأ لماجد شاعراً سيجد الحب والوطن والالتزام اليساري، وايضاً مفردة «رفيق» ولعله سيجد روح الشاعر في رواية «عسل الكلمات» أو في «أحلام ماجد» للأطفال. هاكم النص المرسوم بريشة لؤي دوخي، فقد تحكون القصة لأطفالكم قبل النوم.
«أحلام ماجد»
أنا أسْمي ماجِد، لكِنَّني لَسْتُ الكابتن ماجد، بَطَلَ مُسلسل الكرتون، عندما كُنتُ صغيراً في جيلكم، كنتُ أحلمُ كثيراً.
حلمتُ مَرّة أنّني لاعبُ كُرة قَدَم مشهور، أنتعلُ حذاء رياضياً جديداً وأرتدي زيّ فريق معروف، وأراوغ لاعبي فريق الخصم، فيصيح المتفرجون هاتفين اسمي بعد أن أُسجل الهدف من أقصى الملعب إلى شباك مرمى الخصم. وبعد انتهاء المباراة، أوقّع للمعجبين على قمصانهم وكراتهم.
ذات مرّة، حلمتُ أنني معلمٌ لمادة الحساب في المدرسة الابتدائية، وكنتُ لا استعمل العصا مع التلاميذ الكسالى، أو مع الصغار الذين لا يحبون مادة الحساب بل كنتُ أشرحُ لهم الدُروس في حديقة المدرسة، وأقدم لهم الحلوى اللذيذة مع اسئلة الامتحان السهلة لأحببهم بمادة الحساب. وأصبح تلاميذي الآن يحبون مادة الحساب.
وحلمت أنني سافرت يوماً إلى يافا دون تصريح، وأنني تجولت في يافا حافياً، وسبحتُ في البحر كالحوت، وطرت في الهواء أعلى من جبل الشيخ، كالنسر الذي رأيته في حديقة الحيوان، وأنني ركبت ظهر الغيوم كالحصان البريّ.
وحلمتُ أنني قطٌ صغيرٌ مُدللٌ عند عائلة صياد سمك، وكانت لي غرفة خاصة من الكرتون وأعواد البوص. كان سريري معداً من القطن والقماش الناعم، وكان لي طبق بلاستيكي أحمر اللون، حتى إن أطفال صياد السمك كانوا يسمحون لي بمشاهدة الرسوم المتحركة معهم.