توقيت القاهرة المحلي 04:24:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أُم الحيران» تختصر القصة؟

  مصر اليوم -

«أُم الحيران» تختصر القصة

حسن البطل

بين 29 ـ 12 ـ 2015 و 19 ـ 1 ـ 2016 انتقلنا من عام لآخر، وأيضاً من شهر لآخر. لكن، وأيضاً، من الهدم الـ 92 إلى الهدم 93 لقرية العراقيب البدوية في النقب. هذا جانب من قصة دولة إسرائيل مع الجغرافيا والديمغرافيا الفلسطينية.
في 16 ـ 1 ـ 2016 رفضت محكمتهم العليا إعادة النظر في قرارها تهجير سكان قرية أم الحيران، وأكدت هدمها، وإقامة مستوطنة «حيران» اليهودية مكانها. هذا جانب آخر.
الجانبان جزء من خطة تهويد، أو استكمال تهويد زاحف للجليل والنقب (كما الضم الزاحف للضفة!)، عبّر عنه أول رئيس وزراء إسرائيلي، دافيد ـ بن غوريون بقوله: مستقبل إسرائيل في تهويد الجليل والنقب.
كم مرّة، في الأسطورة الإغريقية، رفع سيزيف الصخرة المتدحرجة إلى التلة؟ لأن سكان قرية العراقيب أعادوا بناءها 92 مرّة؟
قصة دولة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في جانب مكمّل آخر، حيث كثير من المستوطنات اليهودية تأخذ الاسم القديم الفلسطيني ـ الكنعاني، وتطلقه محرّفاً، كثيراً أو قليلاً، على المستوطنات، بدعوى أن الاسم الكنعاني محرّف عن الاسم التوراتي أحياناً (سطو عبري على التراث الكنعاني).
من عام النكبة إلى أعوامنا هذه، تقول إسرائيل إنها بنت زهاء ألف قرية ومدينة ومركز سكاني يهودي، لكن لم تبن ولا حتى مدينة أو قرية عربية جديدة، علماً أن 380 ـ 450 قرية فلسطينية مهجورة أو مدمرة، أقيمت في مكانها قرى ومدن يهودية.. أو منع سكانها من العودة إليها.
ما الفرق بين «أم الحيران» و»حيرن»؟ إنه استلاب الاسم والمكان، وقلب الديمغرافيا من عربية إلى يهودية.
هذه العملية، سواء ضمن دولة إسرائيل، أو ضمن المشروع الاستيطاني في الضفة، هي نمط فريد من الاستبدال، بدءاً من إلغاء اسم فلسطين إلى اسم إسرائيل، إلى تفاصيل المكان وديمغرافيته وجغرافيته.
بعض الولايات الأميركية والأنهار والجبال، لا تزال تحمل الاسم القديم الذي أعطاه لها «الهنود الحمر» أو السكان الأصليون. نحن نقول «مضيق جبل طارق» ويقولون «جبلتار» لكن الأمر يختلف كثيراً بين «أم الحيران» و»حيرن»، أو بين اشبيلية و»سيفيليا».
هذا أكثر من «احتلال» إنه «إحلال»، وأظنّ أنني أول من أدخل للاستعمال الفلسطيني كلمة «إحلال». متى؟ منذ قرأت ما قاله موشي دايان في مناسبتين، قبل حرب حزيران 1967 وبعدها.
قبل حرب حزيران قُتل مستوطن أو مستوطنة إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، اسمه أو اسمها روعي أو «روعيه». في رثائه قال دايان: هنا كان استيطان عربي وهنا صار استيطان يهودي. نحن نحوّل بلداً عربياً إلى بلد يهودي!
لكن في خطاب شهير ألقاه دايان، بعد حرب حزيران، عام 1969، أمام «التخنيون» قال ما نصه:
«لقد جئنا هنا إلى بلد كان آهلاً بالعرب، ونحن نبني هنا دولة يهودية عبرية. في جزء لا بأس به من النواحي، اشترينا الأراضي من العرب. ولقد شُيّدت قرى يهودية مكان القرى العربية، وأنتم حتى لا تعرفون أسماء هذه القرى، وأنا لا ألومكم على ذلك، لأن كتب جغرافيتها لم تعد موجودة، وليس فقط في الكتب، بل القرى ذاتها لم تعد قائمة. نهلال Nahalal أقيمت مكان مهلول. غفعات مكان جيتا، ليس ثمة ولا مستوطنة واحدة لم تقم مكان قرية عربية سابقة» (المصدر: دايان 9 آذار 1969 ـ «هآرتس» 4 نيسان 1969).
لماذا الاقتباس الطويل؟ لأن أوري ديفيس نشره، وفق المصدر العبري، في كتابه الطازج، بالعربية «إسرائيل الأبارتهايدية».
أيضاً، لأن دايان «بطل إسرائيل» في حرب 1967، ولأنه ولد في نهلال قبل إقامة دولة إسرائيل، أي أن مشروع تهويد المكان سبق إقامة الدولة العبرية.
***
كيف ستقوم دولة إسرائيل بتهويد النقب؟ ليس فقط بـ 40 _ 50 قرية بدوية غير معترف بها، وبعضها أقيمت قبل إسرائيل بسنوات طويلة، ولا بمشروع «برافر» للتهويد، بل بنقل قيادة الجيش الإسرائيلي من»القرياه ـ القرية» في تل أبيب إلى النقب، ونقل مصانع الكيماويات من حيفا إلى النقب، وبيع أراضي «القرياه» و»بي ـ غليليوت» بسعر فاحش، لتمويل إقامة المستوطنات اليهودية في النقب.
.. أي كما يجري في الضفة من تحويل «المعسكر» إلى مستوطنة (بيت إيل أبرز مثال)، أو أن «تهويد النقب» له علاقة بتهويد المنطقة (ج) في الضفة.
أُم الحيران والعراقيب والمستوطنات اليهودية في الضفة تختصر قصة الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. هذا ليس استعماراً كولونيالياً. هذا استبدال.. وهذا الاحتلال اسمه «إحلال».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أُم الحيران» تختصر القصة «أُم الحيران» تختصر القصة



GMT 04:24 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 04:22 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

GMT 04:19 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

عن الحيادِ والموضوعيةِ والأوطان

GMT 04:16 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

أين يُباع الأمل؟

GMT 04:11 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

الجميع مستعد للحوار

GMT 04:09 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

«بضع ساعات فى يوم ما».. شريط سينمائى يفضح المسكوت عنه!

GMT 04:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا فى السياق العربى

GMT 04:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

«ماكينات» الفكر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon