توقيت القاهرة المحلي 12:39:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بسمل وحوقل ؟ .. لكنها مستحاثات يا سيدي !

  مصر اليوم -

بسمل وحوقل   لكنها مستحاثات يا سيدي

حسن البطل

تناوش صديق مع أصدقائه على الفيسبوك، وكانت المناوشة بين طريفة ومحزنة.. وحتى مخزية!
وجد الصديق، في إحدى قرى غرب رام الله، نقوشاً مطبوعة على الصخر وأحجاره. حار في أمرها، ومال إلى نسبتها لحضارات قديمة مثل السريانية. ليش بالذات؟ لا أدري!
ما أثارني في تعقيبات على النقوش، أن قارئاً حوقل (لا حول ولا قوة إلاّ بالله العظيم) وغيره قال: تبدو القرية قديمة فعلاً، وآخر أثنى وقال: "القرية لها عمق متجذر في الماضي".
والحاصل؟ خلطة عجيبة من التفسيرات الحضارية (الإنسانية والتاريخية)، و"عراقة القرية المتجذرة في الماضي البعيد".. وحتى خلط الميثولوجيا وأساطير الأولين بالجيولوجيا، وعلم الأناسة بعلم طبقات الأرض.
كله بيمشي.. بس ليش الحوقلة والبسملة، أو إقحام "حسبي الله ونعم الوكيل" في أمور شتى ومتضاربة؟
هذه مستحاثات Fossile من علم الإحاثة، وهو أحد علوم الجيولوجيا والأحياء، وليست عظاماً وآثاراً مثلاً لحضارات بائدة، بل سبقت حتى قوم "عاد وثمود".. والدودة التي صارت فراشة!
أصداف ومحارات وقواقع.. وحتى رخويات ماتت في البحار، وترسّب فوقها طمي على مدى ملايين السنوات، وخضع الطمي لضغط هائل وطبع صورتها على طمي صار صخراً، وصخر رفعته الحركات البنائية (التكتونية) الموّلدة للجبال.
إذا كانت الطيور، المغردة والكاسرة، تطوراً طبيعياً (النشوء والارتقاء) من أشكال ديناصورات طائرة، فإن بعض الأصداف والمحارات البحرية الحالية تشبه ما كانت عليه وقت خليقة الكائنات البدائية.
من مئات السنوات، وقبل داروين و"النشوء والارتقاء" قرؤوا المستحاثات قراءة صحيحة عن علاقة الجيولوجيا بعلم الأحياء، حيث تركت أشكال الحياة الأولى، الحيوانية والنباتية، طبعتها على الصخر، الذي كان رخواً، ثم تصلّب تحت الضغط، وكان مغموراً في الماء.. وصار في البر والهواء الطلق!
الآن، بعد خارطة الجينيوم للإنسان وسواه، وحتى للحشرات مثل "أم أربعة وأربعين" صاروا يبحثون عن "بصمة الكون" في المذنبات الشاردة بين الكواكب والنجوم، وهي "الحطام" الأوّلي من تشكل الكواكب والنجوم والمجرّات بعد الانفجار الأعظم لBig Ban.
إذا تساءل الصديق في قريته، وحاول أصدقاؤه أجوبة غير صحيحة على تساؤلاته؛ فقد حصل مثل هذا مع صديق، احتار في مستحاثة موجودة في الصخر على جبال ترودس العالية في قبرص اقتضى الأمر مني شرحاً مسهباً لأفسّر له كيف كان هنا "غمر بحري" في زمان جيولوجي سحيق، وكيف مرّت على كوكب الأرض حقبة كان فيها معظم بر الأرض "مخاضة" مائية، ثم حقبة كانت فيها معادلة البر والبحر غيرها الآن.
يعرف علماء الجيولوجيا لماذا وكيف تشكلت الجبال، وعلاقة هذا بانزياح وزحف القارات.. ومن ثمّ لماذا جبال هملايا عالية؟ لأن الهند كانت جزءاً من قارة أفريقيا القديمة، وانفصلت عنها، و"نطحت" قارة آسيا القديمة، فتشكلت من هذا، رويداً رويداً، جبال الهملايا، الملأى بالمستحاثات البحرية.
وكانت قارة استراليا جزءاً من القارة القطبية الجنوبية، وهي "تنطح" أرخبيل أندونيسيا وتجبره على الانزياح شرقاً.. مع الزلازل وموجات "تسونامي"!
قل الأمر ذاته، بالنسبة إلى انزياح شبه الجزيرة العربية إلى الشمال الشرقي، وانزياح أفريقيا إلى الشمال الغربي، وتشكّل جبال زاغروس وطوروس نتيجة ذلك واتساع البحر الاحمر ليغدو في سعة المحيط الأطلسي بعد مئات ملايين السنوات.
في حقبة المستحاثات، لم تكن قرية بدرس، مثلاً، موجودة، ولم تكن الديناصورات موجودة، وبالتالي، لم يكن الإنسان "شيئاً مذكوراً" لا كمخلوق حيّ، ولا كحضارات بائدة، ولا كانت الديانات السماوية وغير السماوية قد وُجدت!
لا داعي لتكون المستحاثات دافعاً للبحث في "تاريخ وحضارة البلاد" بل لفهم علم الأحياء وتطور الكائنات الحيّة، أو علم طبقات الأرض، وكيف كانت البحار منشأ الحياة، ولماذا يبحث علماء الفضاء عن الماء في غير كوكب الأرض.
يمكن القول: سبحان الله، بدلاً من القول "لا حول ولا قوة إلاّ بالله العظيم".. وعندما تزحف القارات، ليعود قطب الأرض في الكونغو، وقطبها الآخر في المحيط الهادي.. لن يعود الإنسان "شيئاً مذكوراً".
شرحت للصديق، فقال: أكد كلامك بعض الجيولوجيين.. "وخاصة أن ثمة حقبة ناطوفية في المنطقة".
شو حقبة ناطوفية في المنطقة.. وليش في المنطقة مش في جدلية علاقة بحر ـ برّ ـ حياة؟
"هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بسمل وحوقل   لكنها مستحاثات يا سيدي بسمل وحوقل   لكنها مستحاثات يا سيدي



GMT 08:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 07:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 07:01 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

«وشاح النيل»

GMT 07:00 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وَمَا الفَقْرُ بِالإِقْلالِ!

GMT 06:59 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الزمن اللولبي

GMT 06:58 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 06:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

جنين... اقتتال داخل سجن مغلق

GMT 06:55 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سمية الألفي تكشف السبب من وراء بكاء فاروق الفيشاوي قبل وفاته

GMT 10:56 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسلات إذاعية تبثها "صوت العرب" فى نوفمبر تعرف عليها

GMT 23:21 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

أهم النصائح للعناية بالشعر في المناطق الحارة

GMT 08:55 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

حارس ريال مدريد السابق يعلن شفاءه من فيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon