توقيت القاهرة المحلي 14:41:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بشّار "الذهبي" سماؤه بيضاء! صرفت عمراً لأرسم كالأطفال.

  مصر اليوم -

بشّار الذهبي سماؤه بيضاء صرفت عمراً لأرسم كالأطفال

حسن البطل

خوان ميرو
* * *
الشاعر والرسام كلاهما يرسمان. الأول يرسم بالكلمات؛ والثاني يرسم بالألوان - كلاهما "أرى ما أريد" حسب تعبير درويش!
كيف ترى معرض لوحات لرسام؟ أنت، أيضاً، ترى ما تريد .. شرط أن لا يشوش على رؤياك "كاتلوغ" أو "برشور". افتحه، فقط، بعد أن ترى.
الناقد الفني يريك على أي مقعد في أية مدرسة فنية يجلس الرسام، وهذا يسافر بك في قطار تجربته ومحطاتها.
بشار الحروب فنان شاب وموهوب، وعلى حداثة سنّه وتجربته، قياساً لعطاء الفنانين التشكيليين، فقد وجد خطّه ومكان جلوسه في مدرسته.
هو ليس ككبير من كبراء المدرسة التجريدية، مثل الإسباني خوان ميرو، لكنه مثله يرسم كالأطفال: بساطة في مفردات التعبير الفني، وتقشف في ألوان اللوحة. وفي لوحته "اللا-مكان" قلم رصاص. طلاء ذهبي. أكليريك.
بعد "الشخابيط" بخطوط عشوائية، سيرسم الطفل تفاحته وسط ورقة بيضاء. الأبيض كما تعلمون سيد الألوان. إنه الفضاء او حقيبة الوان موشور الطيف.
لوحات بشار، في معرض ثانٍ، أراه بعنوان اللامكان، يتنفس فضاءً ابيض رحباً، لكن مؤطراً بكادر ذهبي. الذهب ملك المعادن (ضع حجارة الألماس جانباً) لكنه، في لوحاته، ذهب هش ومبتذل عمداً، فهو يلون حذاء فقير يمتطي حماره المرسوم بقلم الرصاص، او حقيبة ولد ذهبية، او حتى صندوق كرتون على هامة الولد.
لست بحاجة، حتى للوحتي فيديو عن حياة ازقة مخيم فلسطيني، لتدرك ان "اللا-مكان" دلالة على "اللا-وطن" وان الذهبي الخالد يصير في حياة المنفى واللجوء واللا-وطن هشاً ومبتذلاً.
المخيم "كركوبة" متراصّة البيوت وهشة عادة، لكنها في لوحتين أساسيتين من لوحاته، تصير بيوتها البيضاء نثاراً عشوائياً وسط لون ذهبي يطغى، هو والبيوت، ويمتد حتى الإطار المذّهب، خلاف بقية رسماته حيث يطغى البياض او يؤطر رسمه بقلم الرصاص الاكريليك.
"أن تكون في المكان البديل الهش، وتعيش فكرة المؤقت من جيل الى جيل" هكذا يوضح بشار فكرة معرضه .. وهكذا تراها أنت كما يريد الرسام ان تراها، وكما يراها هو ايضاً.
المفردات بسيطة والدلالات مباشرة، وكانت كذلك، مع درجة اقل من الوضوح والمباشرة، في معرضه "معنى العقل" وسافرة الوضوح، والدلالات في معرضه الراهن "اللا-مكان".
لماذا بيوت المخيم تسبح، مبعثرة، في بحر ذهبي، بينما هي كالحة ومتراصة في الواقع والمكان الأرضي؟ انها آتية من سماء كما أنت ترى نجوماً تشكل مجموعة الدب الأكبر والأصغر. لا يريدها ان تختنق بالمجال الضيق بل أن تتنفس سماء ذهبية زائفة، شهيقاً وزفيراً وان تصل حدودها وتتعدى حتى اطارها الذهبي .. الى اللا-مكان.
سماء بيضاء في معظم اللوحات (هناك لوحات قليلة سماؤها بيضاء، لكن يحل الاسود الكالح مكان الذهبي المشرق .. والفكرة هي ذاتها) .. وبيوت بيضاء في لوحتي المخيم.
الخيميائيون حلموا، عبثاً، بل حاولوا تحويل المعدن الوضيع ذهباً. إنه معدن ثمين ورمز الخلود. ليس كل ما يلمع ذهباً، ولا كل لون الذهب هو معدن الذهب، وهكذا صار لون الذهب مثلاً قشرة تغلف شوكولاته رخيصة كانت او غالية.
يقول الناقد عن لون الذهب في معرض "بشار الذهبي" "زيف هذا الذهب ينسكب فوق كل مشهد، ويرهق كل التفاصيل، وهو بذلك يجّسد الزيف في نظام اكبر. فهل هذا الذهب "ذهب الحمقى، الذي يمثّل نفاق الأمم والشعوب التي تنادي باحترام حياة البشر، وتدعو الى حقوق الإنسان ثم تلغيها".
الذهب الحقيقي بعدنا غير قابل للتآكل والصدأ، فماذا ان عاش شعب في اللا-مكان، اللا- وطن؟
يولد الطفل من رحم أمه حراً، وفي لوحة يطل اولاد ضاحكون من حبة قمح ذهبية او فرج ذهبي اللون (سيّان) الى حياة اللا-مكان، أي اللا-وطن.
* * *
معرض بشار الحروب في "غاليري دان" في مبنى مقهى "زمن" - رام الله يستمر حتى ١٦ تشرين الأول .. والأسعار "ذهبية" او بالدولار بين ٨٠٠٠ - ١٢٠٠٠ دولار. إذا كان عفشك ذهبياً تليق بالحيطان لوحة مذهبة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بشّار الذهبي سماؤه بيضاء صرفت عمراً لأرسم كالأطفال بشّار الذهبي سماؤه بيضاء صرفت عمراً لأرسم كالأطفال



GMT 12:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 12:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

«الداخلية» توضح دورها على طريق ديروط - أسيوط

GMT 12:50 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عراب كامب ديفيد.. الانقلاب على الإرث المر!

GMT 12:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

محاكمة الساحرات

GMT 07:48 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 07:47 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 07:45 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 11:41 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ميتسوبيشي تعلن طرح "إي إس إكس" 2020 أيلول المقبل

GMT 07:09 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

معرض بريطاني فوتغرافي للهاربين من نار النازية

GMT 23:36 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

بورصة تونس تقفل على ارتفاع بنسبة 41ر0 %

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

رنا سماحة تستعد لطرح أحدث أغانيها "مكسورة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon