كدتُ أقول ما يقال: "لا زيادة على مستزيد" في بلاغة الوصف والصفات على لسان الطيب عبد الرحيم، في احتفالية السنوية الـ21 لرحيل خالد الحسن.
خالد هو قائد من الرعيل الأوّل، المؤسّس لحركة "فتح" أو هو رافد آخر صبّ في نهر "فتح". رافد اسمه "مجموعة تحرير فلسطين" الذي أسّسه عام 1959 ثم مع شقيقه هاني الحسن أسّسا "حزب التحرير الإسلامي"، ثم صبّ الرافد في نهر "فتح" 1960، فإلى المجلس الوطني ـ التأسيسي في القدس 1964.
سبق لي وقلت: "فتح" هي جبهة في مسمّى حركة، وكل عضو وكادر ومناضل وقائد كان له، في "أخوية فتح" أن يحمل لقب "أبو".
في حركة "فتح" وحدها كانوا وظلّوا يتخاطبون بالأسماء الحركية مسبوقة بكلمة "الأخ" وفي الجبهات التي هي حركات كانوا يتخاطبون بالأسماء الحركية والحقيقية مسبوقة بكلمة "الرفيق".
غير أن المكنّى، حركياً، "ابو السعيد" غلب عليه اسمه الحقيقي: خالد الحسن.
يحصل في الأسرة والعائلة الفلسطينية أن ينتمي أشقاء وإخوة إلى تنظيمات فلسطينية وحصل في "أخوية فتح" أن ضمّت ثلاثة إخوة هم: خالد، وهاني، وبلال، وثلاثتهم كانوا كوادر قيادية وتنظيمية وصحافية كبيرة.
في كل حزب سياسي أجنحة، وعادة يقولون: جناح يميني (أو قومي ـ إسلامي)، جناح يساري، وبينهما الجناح الوسطي. هل كان الإخوة الثلاثة هم الأجنحة الثلاثة، أم هو العمر والتجربة؟ العمر والتجربة معاً، صبّت في حركة/ جبهة "فتح".
الرافد من "مجموعة تحرير فلسطين" خالد الحسن صار يُشار إليه في الحركة على أنه المنظّر السياسي، والفكري، فهو صاحب عشرات المؤلفات، وهو قائد تيار الواقعية الثورية ـ السياسية في الحركة والبوصلة هي فلسطين دائماً ـ الوطن أبداً، القضية العربية الأولى.
تقريباً، شغل خالد كل منصب في الحركة ومنظمة التحرير، لكنه، أيضاً، شغل منصبا في قيادة بلدية الكويت، وحصل منها على جنسية فخرية، سحبت منه في موجة اعتبار م.ت.ف من "دول الضدّ" بعد تحرير الكويت من الاحتلال العراقي؟
في الخطاب القومي "من الخليج إلى المحيط" وفي الكويت ـ الخليج كانت بداية نسيج "فتح"، وفي المغرب ـ المحيط أكرمه ملك المغرب، وفيها ووري الثرى كرئيس للدائرة السياسية في المنظمة، ورئيس للجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني، كان خالد من فتح سياسياً "معركة أوروبا" وله بصمته في أوّل بيان أوروبي صدر في البندقية عن حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية ممثلة بمنظمة التحرير.
عضو ل/م "فتح" ومفوّض التعبئة والتنظيم سَلَّم راية العضوية الحركية والمفوضية إلى شقيقه في "أخوية فتح" الأخ الأوسط هاني الحسن حتى انتخابات البرلمان الفلسطيني الثاني. أيضاً، كان اسمه الحركي صريحاً هاني الحسن مسبوقاً، بالطبع، بالأخ.
أصغر الإخوة، بلال الحسن، انصرف إلى الصحافة، كواحدٍ من تيار اليسار الوطني، ورئيس تحرير مجلة "اليوم السابع" التي شكلت إضافة صحافية وتحريرية إلى مجلات الفصائل الفلسطينية، كما المجلات السياسية العربية.
واحد من الكتب العشرين لكبير الإخوة الثلاثة في "أخوية فتح" عنوانه: "الدولة الفلسطينية شرط السلام". لا تزال شروط السلام متداخلة مع شروط الدولة، كما تتداخل شروط "فتح" مع شروط المنظمة، مع شروط السلطة، والدولة.
لكل واحد من الإخوة الثلاثة رؤيته للدولة من موقع قومي ـ إسلامي، إلى موقع فلسطيني ـ وطني، إلى موقع وطني ـ يساري، ولكل رؤيته لموقع العروبة من فلسطين، وفلسطين من العروبة، ولموقع أوسلو من شروط الدولة والسلام العادل.
كان خالد الحسن مع النضال المسلح، لكنه كان، أيضاً، ضد العسكرة الزائدة للحركة الوطنية الفلسطينية، وقال هذه الطرفة: ماذا أفعل في حركة أبو الليل وأبو الويل، أبو هاجم وأبو الجماجم.
حقا كان هناك أبو الليل وأبو هاجم، لكن لم يكن هناك أبو الويل وأبو الجماجم.
.. وكان هناك ثلاثة إخوة في "أخوية فتح" التي اجتازت قنطرة الواقعية الثورية إلى الواقعية السياسية.