توقيت القاهرة المحلي 19:48:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رقصة الحور: حكاية الليلة 2001

  مصر اليوم -

رقصة الحور حكاية الليلة 2001

حسن البطل

«الشجر العالي كان نساء كان لغة» محمود درويش

«انسطل» صاحبي الطبيب - الشاعر، عندما قرأ لي، ههنا، شطحة شعرية هاكم هي: «أحتاجُكِ مثل قرد الكسلان يحلم بجسر بين غصنين»... وأما أنا فقد «سطلني» محمود درويش بشطحتين شعريتين - شجريتين. الأولى: «سيل من الأشجار في دمي.. أتيتُ أتيتُ». الثانية هي كلمات مطلع العمود أعلاه.

ربما كانت شجرة محمود درويش الشعرية المفضلة هي “السنديان”، وشجرة إميل حبيبي الرمزية هي “السروة”.. وهناك اسرائيليون يرون جانباً شجرياً في الصراع يدور بين “الزيتونة” وشجرة “الأوكاليبتوس”، أي شجرة الكينيا، أو ما يقوم مقامها من عائلة “الصفصافيات”، وهي سريعة النمو ولكنها شجرة عاقر.. لا تطرح ثمراً، بل تستر آثار خرائب البيوت في القرى الفلسطينية المدمرة.
في رواية عبرية، محملة بالرموز، يقوم البطل العبري بـ”عمل غير صهيوني”، فهو يضرم النار في غابة شجرة كينيا، فتتكشف له خرائب بيوت حجرية فلسطينية مطمورة!

كان الطلائعيون الصهيونيون، ومعظمهم حط رحاله في بلادنا قادماً من بلاد خارج “نطاق الزيتون” المتوسطي، يقولون: “الزيتون غذاء العرب والدواب”.
 
دار الزمان دورته، فصار الطلائعيون من المستوطنين يسرقون أشجار الزيتون الفلسطينية ويزرعونها في مستوطناتهم، لتأكيد ملكيتهم غير الشرعية، أو للعب على هامش قانون أراضٍ يميز الأرض المفلوحة من الأرض البوار، والأراضي المفلوحة عن الأرض المشجرة.

لو نظرتم الى منصات التتويج في أولمبياد أثينا 2004 لوجدتم ان اكليلاً من ورق الغار أو ورق الزيتون يتوج هامات الأبطال. الغار لفخار النصر والزيتون لليُمن والبركات.

ليس كل الاسرائيليين اليهود يناصرون شجرة الكينيا على شجرة الزيتون، وواحد أديب منهم قال إن شجرة الزيتون الفلسطينية المقلوعة تذكره بشمعدان يهودي منكّس؟!

تعرفون ان الاسم الكودي لحركة “السلام الأخضر” (غرين بيس) أقرب ما يكون الى “حزب الشجرة”، بينما اتخذت الشيوعية لها شعاراً رأسمالياً همجياً، هو “حزب المدخنة”، أي الثورة الصناعية.

هناك بعض البلدان رصّعت أعلامها الوطنية بشجرتها الوطنية، مثل علم لبنان وشجرة الأرز، مع انها تكاد تندثر، وهي محصورة تحت الحماية في منطقتين صغيرتين؛ وبلاد أخرى رصّعت علمها بورقة شجرة مثل كندا (ورقة شجرة القيقب).. ربما لأنها أكثر أشجار البلاد امتداداً ومساحة.

شخصياً ليس لي شجرة أثيرة، ولكن الشجرة كانت موضوع أول قصة قصيرة لي، بعنوان “مصرع الشجرة الرابعة” قبل 63 سنة.. الى أن رثيت، في هذا العمود قبل سنوات قليلة “مصرع السروات الست” في شارع قرية سردا “الرئيسي”.

منذ بعض الوقت، بدأت أقع في غرام شجرة الحور، وبالذات ذلك الصنف الذي يسميه الفلاحون في غوطة دمشق “حور الغرب”. ربما لأنه سريع النمو، أو له دورة عمر أقصر من عمري القصير.. ولأنه يحمل إيحاءات انثوية صارخة؟!
أتصور، مثلاً، ان شهريار سئم قصص شهرزاد، فقطع لها لسانها.. فاستعاضت عن لسانها الذرب بالرقص مع كل نسمة ريح، كأنها صبية حسناء - خرساء صارت تجيد فنون الغواية بعدما كانت تجيد معسول الكلام.

كان عشاق الرقص الشرقي، من الجيل الغابر، يختلفون على براعة الراقصة تحية كاريوكا أو سامية جمال. أعتقد ان شجرة الحور أكثر براعة من الاثنتين معاً في الرقص الشرقي، لأن لأوراقها الكثيرة لونين: أخضر داكناً وأبيض فاتحاً.. فإذا رقصت الشجرة مع كل نسمة ريح، خيّل إليك ان أوراقها مرشومة بـ”بَرَق العروس” على صفحة وجهها في ليلة دخلتها.. وبخاصة إذا تلقت “جرعة” خفيفة من مصباح كهربائي أسفل جذعها الدقيق. الشجرة أنثى الحياة كما المرأة أنثى الانسان.

باستثناء الرقص الإغوائي في حدائق الدور الحديثة، لم تكن شجرة الحور تصلح لغير صنع “سحارة” الخضار، قبل أن يخترعوا البلاستيك.. وأيضاً، لصنع “القباقيب” الخشبية الشامية، لأنها رخيصة الثمن، ومطواعة أمام عدة النجار، كأي أنثى مطواعة تصنع “اللا” الكبيرة من “نعم” صغيرة!
لا بد أن الفيلسوف الألماني “الإرادوي” الفاشي فريدريك نيتشه كان نجاراً فاشلاً، وصار فيلسوفاً ذكورياً معقداً، لأنه قال: “الرجل يقول: أنا أريد؛ والمرأة تقول: هو يريد”. كل مفكر هو رجل أهبل أمام الأنثى.

الأفكار دروب “مسالك” العقائد، وأما الحياة فهي “ممالك”. فالانسان ملك الثدييات، والشجرة ملكة الأخضر، منذ تطورت من الطحالب والأشنيات الى الأشجار النخيلية والابرية الأوراق، فالى ذات الأوراق العريضة دائمة الخضرة، فالأوراق المفصفصة.. فأشجار النفضيات ذات الأوراق المتساقطة، مثل شجرة الحور اللعوب، التي تسمح للشمس، شتاء، بالتسلل الى غرفة نومك.. وصيفاً ترقص لك أحسن مما تفعل أنثاك.
لا حاجة بك لتفهم ماذا حكت شهرزاد لشهريار في الليلة 2001.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رقصة الحور حكاية الليلة 2001 رقصة الحور حكاية الليلة 2001



GMT 12:04 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الصراع على سوريا.. أين نقف بالضبط؟

GMT 12:01 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الذكاء الاصطناعي مطوعا في هيئة الأمر بالمعروف

GMT 11:55 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

جيمي كارتر... قصة نجاح وقصة فشل

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الرنتيسي منجما ولا ليلى عبداللطيف!

GMT 11:50 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

سنة بطعم الموت.. نتمنى القابل أفضل!

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 09:42 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

2025.. الإجابات

GMT 07:48 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

المُنقضي والمُرتجَى

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:53 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
  مصر اليوم - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024

GMT 19:35 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الشرطة الإيطالية تقتل مصرياً هاجم المارة بسكين وطعن 4 منهم
  مصر اليوم - الشرطة الإيطالية تقتل مصرياً هاجم المارة بسكين وطعن 4 منهم
  مصر اليوم - حكيم يثُير حالة من الجدل بعد حديثه عن نيته اعتزال الغناء فى 2025

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 18:06 2024 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

أحمد مالك يشوّق جمهوره لـ مطعم الحبايب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon