توقيت القاهرة المحلي 22:43:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما ذهبت "الشبابة" إلى الحرب!

  مصر اليوم -

عندما ذهبت الشبابة إلى الحرب

حسن البطل

قد تغرب حرب حاضرة باستذكار شيء من حرب غابرة. صحيح أن شاعراً جاهلياً ذمّ الحروب طراً، لما كانت حروب سيوف ورماح: "ما الحربُ إلاّ كما علمتم وذقتمُ".
كانت الحروب في الميادين، وصارت على موجات الأثير (الإذاعات) وصارت حروباً على شاشات الفضائيات.
دخلت بقلمي أولى حروب الإذاعات، إلى حروب شاشات الفضائيات. هاكم قصتي عن أولى الحروب، وكانت في حرب اكتوبر ١٩٧٣؛ وكنت محرراً في "صوت فلسطين من بغداد"؛ وكان مدير الإذاعة الشاعر الفلسطيني - السوري خالد ابو خالد. أبو خالد كان قائداً فدائياً في حرب سبقتها، هي حرب حزيران ١٩٦٧، وفي حرب الهزيمة هذه "لعلع" أحمد سعيد.
لذا، عندما اندلعت حرب أكتوبر "لعلع" مذيعو إذاعة بغداد الرسمية، لكن "صوت فلسطين"، من محررين ومذيعين وفنيين، انصاعوا لأمر مدير الإذاعة: نشرة الحرب بنطق بطيء ورتيب. الفاصل بين تعليق سياسي وآخر ليس "مارشات" عسكرية، بل عزيف "شبابة" غالباً، أو عزيف على أوتار ربابة.
غادر الفدائي الهادئ الإذاعة، وغادرنا بعده، لأن الزعيق والصراخ عاد بعد إعلان برنامج النقاط العشر - برنامج السلطة الوطنية .. فخرجت من الإذاعة وبغداد والعراق مطروداً بأمر من ابو نضال - صبري البنا.
سأقفز عن "هدوء" قلمي في الحرب الأهلية اللبنانية، إلى هدوئه في حرب اجتياح لبنان ١٩٨٢، وكانت أطول فترة تكرّس فيها القلم لموضوع واحد وحواشيه ثلاثة أشهر ما دفع زميل لبناني الى سؤالي: "لمن تكتب؟".
أظن أن ادارتي لمجلة "فلسطين الثورة" - قبرص كانت هادئة طيلة ١٣ عاما من خروج بيروت الى عودة للبلاد، وبخاصة مع اندلاع الانتفاضة الأولى، وربما كانت اكثر هدوءاً في الانتفاضة الثانية. هل هو العمر؟ هل هي التجربة؟ الحكمة أم الخيبة؟
* * *
الفضائيات الفلسطينية، الرسمية وغير الرسمية، كانت تعبوية صاخبة - صخابة في الانتفاضة الثانية، أما الفضائيات الفصائلية الفلسطينية في جولة الحرب الثالثة على غزة خلال ست سنوات، فهي تخلط المونتاج بالمكساج بالدوبلاج (وهذه كلمات فرنسية عالمية) ستقودنا الى الشانتاج وهي كلمة فرنسية ايضاً تعني التخريب بواسطة هذه الخلطة.
من صواريخ "تصورخ" في غزة تنتقل الشاشة الى حجارة متطايرة، في الضفة، ومن مقاتلين في تدريباتهم الى حشود متظاهرين في الشوارع، ومن زعيق سيارات الإسعاف أمام مستشفى الشفاء، الى طائرات هيلوكوبتر تنقل جنوداً إسرائيليين جرحى؛ ومن بيوت فلسطينية مدمرة، الى ثغرة أحدثها صاروخ في سقف قرميدي لبيت من بيوت مستوطنات يهودية في غلاف غزة.
المشكلة أن نهاري ومسائي اقضيه في المقاهي، وتلفزيونات المقاهي مفتوحة على مدار الساعة على فضائيات الفصائل، قد تشدّ الأنظار قليلاً، او يتصرف الروّاد الى لعب الورق قليلاً اكثر، او اكثر فأكثر للنقر بأصابعهم على مفاتيح "سمارت فون".
هدن الساعات تمتلئ بالمقابلات العابرة، او بالمناظرات بين رأي ورأي لا خلاف كثيرا بينهما حول الصمود والمقاومة، اما هدن "الأيام" فهذه فرصة للعودة الى أفلام السينما الحربية، ونادراً الى "روائع خالدة" تعود بنا عشرات السنوات الى الوراء .. وزمن عربي كان هادئاً.
وفي النتيجة؟ كل شيء زاد عن حدّه انقلب الى نقيضه، والاهتمام المفرط ينتهي الى اللامبالاة، وهذه الى إشاحة الوجوه عن شاشة الفضائيات، الى جدال سياسي بين الرواد، حيث كل واحد إما خبير عسكري وإما منظرّ سياسي .. والأغلب ننصرف الى إدمان "آفة الآي - فون" من المهاترات والأخبار الملفقة، والآراء الغثّة .. والصور المركبة (فوتو - شوب) إما بصورة ركيكة وإما تبدو، مع الرأي المسبق، صحيحة!
وإمّا إلى ماذا؟ الى "فلسطين في عيون الصحافة" حسب الفضائيات الفصائلية، وهي محشوة باقتباسات صحافية خارج سياقها، ومحرّفة أيضاً، وبخاصة الاقتباسات من تصريحات ومقالات إسرائيلية. الفارق كبير بين نص المقالة وعبارة الاقتباس.
الفضائيات الفصائلية هي ما يقوله أهل الشام: "طرماخ دماغ" في الأقل بالنسبة إلى قلم صحافي عاصر حرب الإذاعات ويعاصر حرب الفضائيات. "عاجل" "مباشر" .. لكن تلقيت درساً في الإعلام عندما دخلت "الشبابة" حرب أكتوبر 1973.
الصور الثابتة للحرب صارت أبلغ تأثيراً من لعبة فيديو متحركة تخلط المونتاج بالمكساج بالدوبلاج .. على غرار: سمك. لبن. تمر هندي، وهذه وجبة تتطلب شرب ماء.. او جرعة حقائق، لكن "الحقيقة كما هي" ليست كالحقيقة على شاشات الفضائيات الفصائلية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما ذهبت الشبابة إلى الحرب عندما ذهبت الشبابة إلى الحرب



GMT 15:32 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

سوريا.. التاريخ والسياسة

GMT 15:30 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الفائزون فى 3 مباريات

GMT 09:30 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ويْكَأن مجلس النواب لم يتغير قط!

GMT 08:32 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الثلج بمعنى الدفء

GMT 08:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

GMT 08:27 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

التكنوقراطي أحمد الشرع

GMT 08:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 08:23 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ليبيا: لا نهاية للنفق

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon