توقيت القاهرة المحلي 13:16:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا حلّ أمنياً .. ولا حلّ سياسياً ؟

  مصر اليوم -

لا حلّ أمنياً  ولا حلّ سياسياً

حسن البطل

كان زميلي الغزي رمضان العصّار، المحرر الدولي السابق في مجلة "فلسطين الثورة قبرص"، يميل إلى استخدام مفردة "الاستعصاء" لوصف "أزمة" لا تنفرج ولا تنحلّ أو "تتلحلح"!
هل أزمنت الأزمة الفلسطينية ـ الإسرائيلية بعد أوسلو، حتى "استعصت" على الحلّ؟ إسرائيل اختارت، بقيادة رابين، الحلحلة السياسية عام 1993 بعدما تبيّن له أن لا حلّ أمنياً للانتفاضة الأولى.
أزمة الحلّ السياسي الأوسلوي في "واي ريفر" 1998 استحكمت وانفجرت في أيلول 2000، وبدءاً من العام 2001، حتى العام 2004 بدا أن شارون فرض حسم الحل الأمني، وانتصر على الانتفاضة الثانية، معتمداً نظرية "ما لا يُحلّ بالقوة يُحلّ بقوة أشدّ"!
لكن، جنرال "الحل الأمني" للوجود العسكري الفلسطيني بلبنان، واجه، بعد عشرين عاماً، أن الحسم العسكري لم يفض إلى حل سياسي لا بعد اجتياح لبنان 1982 حين اختار رابين الحل السياسي 1993؛ ولا بعد الحسم العسكري للانتفاضة الثانية. اختار شارون الانسحاب من غزة، وبعض "الانطواء" في الضفة!
لا عجب أن التماس الحل السياسي بدأ فور هزيمة الانتفاضة الثانية عسكرياً. أولاً بمشروع "خارطة الطريق" ثم بـ "الحل بدولتين".
هكذا، ومنذ عشر سنوات، أي بعد وفاة الرئيس عرفات، جرت محاولات للحل السياسي لم تكن أكثر من "إدارة الأزمة" وبخاصة منذ ولاية نتنياهو الثانية، ووصلت إلى استحكام الأزمة منذ ولايته الثالثة.
فلسطين في أزمة مركّبة؛ وإسرائيل في أزمة مركّبة. يعني؟ لا حل أمنياً فلسطينياً يطوي آثار الانقلاب في غزة، ولا حلّ أمنياً إسرائيلياً لمشكلة غزة، بعد ثلاث حروب عليها دون حسم عسكري.. ثمنه باهظ وغير مستقر!
صحيح، أن مشاريع الحل السياسي مطروحة منذ عشر سنوات، وهي مقبولة فلسطينياً ودولياً، أي حل "الدولتين" لكن الهوة واسعة وتتسع أكثر بين ما تقبله السلطة في حدّه الأدنى، وما تستطيع حكومة إسرائيل الحالية أن تعطيه في حدّه الأقصى!
عندما تمكن شارون من الانتصار بالحسم العسكري على الانتفاضة الثانية، كانت إسرائيل قد أقنعت معظم دول العالم بأن السلطة العرفاتية "ملوّثة بالإرهاب" فقد رفضت في "كامب ديفيد" ما بدا للعالم حلاّ وسطاً، وما بدا للفلسطينيين وعرفات حلاً جائراً لمسألة حق تقرير المصير ودولة مستقلة.
الآن، مع سلطة يقودها أبو مازن، الذي تلقى عرضاً مبدئياً ومراوغاً من ايهود اولمرت لـ "حل سياسي" بدا أحسن من عرض ايهود باراك في "كامب ديفيد"، فإن رئيس السلطة متهم من إسرائيل "بالإرهاب السياسي" لأنه لجأ إلى حسم عن طريق الشرعية الدولية لمسألة حق تقرير المصير، وايضاً متهم بالتحريض السياسي على العنف، وهذا ما لا توافق عليه قيادات أمنية إسرائيلية، ترى في العنف الحالي مبادرات فردية متوالدة، هي ردة فعل على العنف الإسرائيلي: الجسدي والاستيطاني والسياسي.
الحل السياسي الفلسطيني لأزمة غزة بدأ بالاتفاق على حكومة وفاق، ثم بالاحتكام إلى الانتخابات. لا يبدو أن حكومة الوفاق تستحق غير اسمها، ولا يبدو في الأفق أن انتخابات ثالثة فلسطينية سوف تجري، بعد ستة أشهر من تشكيل حكومة الوفاق، وبخاصة بعد أن اختارت "حماس" حلاً أمنياً لمنع إحياء ذكرى عرفات.
الحل السياسي الإسرائيلي لمشكلة الضفة، وبالتالي لمشكلة "الحل بدولتين" هو العودة لمفاوضات، وفقط لإدارة أزمة الحل بدولتين، وهذا غير مقبول فلسطينياً: شعبياً وسلطوياً معاً.. وعالمياً أيضاً.
في مقابل نظرية "ما لا يُحلّ بالقوة يُحلّ بقوة أكبر"، هناك من يقول إن حل أزمة الخيار الديمقراطي لأية أزمة يكون بمزيد من الخيار الديمقراطي، أي بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع.. لكن، مع فشل الحل السياسي الفلسطيني لأزمة غزة، من المستبعد الاحتكام قريباً إلى الشعب الناخب. أولاً للخلاف مع "حماس"، وثانياً لأنه لا انتخابات دون غزة؛ ولا انتخابات دون القدس!
لأسباب وظروف سياسية في أوانها، سمحت إسرائيل بمشاركة القدس في الانتخابات الفلسطينية، وهذه أسباب وظروف لن تسمح فيها إسرائيل بمشاركة القدس بالانتخابات.
الطريف أن إسرائيل اتهمت أبو مازن، قبل حكومة الوفاق، أنه لا يمثل نصف شعبه، ثم اتهمته بعدها بأنه شريك مع حماس في حكومة الإرهاب، وأنه أخطر حتى من عرفات.
على الأرجح، ستذهب إسرائيل إلى انتخابات مبكرة، وستكون على الأرجح في الربيع المقبل؛ وعلى الأرجح سيفوز نتنياهو بولاية رابعة، أي بحكم قياسي هو الأطول في إسرائيل، لكن مع انزياح أشدّ نحو اليمين في ولايته الرابعة. لماذا؟ قادة أحزاب اليمين ـ الوسط ليسوا منافسين له لولاية رابعة، أمّا قادة أحزاب يمين ـ اليمين فهناك من ينافس نتنياهو.. ومن يبتزه!
هناك اتفاق عام على أن "لا حل أمنياً" تشارك به جهات في إسرائيل؛ وهناك اتفاق عام على أن "لا حلّ سياسياً" يكون مقبولاً من الجانبين.. إلاّ إذا حسمت أميركا موقفاً سياسياً إلى جانب المشروع الفلسطيني المطروح على مجلس الأمن هذا الشهر، أو امتنعت عن نقضه. ولم يعد ممكناً إدارة الأزمة أمنياً ولا سياسياً.
تبدو الأمور نو "استعصاء" أمني وسياسي العام المقبل، وربما نحو انفجار أمني مؤكد، أو انفراج سياسي ضئيل الاحتمال.. اشتدّي أزمة تنفرجي!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا حلّ أمنياً  ولا حلّ سياسياً لا حلّ أمنياً  ولا حلّ سياسياً



GMT 08:40 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 07:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 07:01 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

«وشاح النيل»

GMT 07:00 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وَمَا الفَقْرُ بِالإِقْلالِ!

GMT 06:59 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الزمن اللولبي

GMT 06:58 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 06:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

جنين... اقتتال داخل سجن مغلق

GMT 06:55 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سمية الألفي تكشف السبب من وراء بكاء فاروق الفيشاوي قبل وفاته

GMT 10:56 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسلات إذاعية تبثها "صوت العرب" فى نوفمبر تعرف عليها

GMT 23:21 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

أهم النصائح للعناية بالشعر في المناطق الحارة

GMT 08:55 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

حارس ريال مدريد السابق يعلن شفاءه من فيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon