توقيت القاهرة المحلي 00:55:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان وفلسطين.. والأصولية الجهادية؟

  مصر اليوم -

لبنان وفلسطين والأصولية الجهادية

حسن البطل

واحد "قفش" على الفيسبوك هذه المفارقة: لبنان دولة بلا رئيس، وفلسطين رئيس بلا دولة! في ظاهر الأمر أن "القفشة" هذه موفقة من حيث المفارقة.
أما الحقيقة؟ لبنان وفلسطين بلدا حرب حتى قبل حروب اهتراء هذا "الربيع العربي".
البلدان والشعبان جرّبا شكلي الحرب: أهلية ووطنية.. والآن، تتراجع الأولى لصالح الثانية، حيث هناك في لبنان ما يشبه "وحدة وطنية" تدعم الجيش في معركته مع الجهاديين الأصوليين! وفي فلسطين "وحدة وطنية" خلف مقاومة في غزة تقودها فصائل إسلامية.
كان لنا شعار إبّان الحرب الأهلية اللبنانية، وهو: "لبنان وفلسطين تظلان معاً" فهل نقول إن هذين البلدين والشعبين سيشكلان سدّاً أمام استشراء الحركات الأصولية الجهادية؟
.. وهل أن "اتفاق القاهرة" العام 1968 بين الجيش اللبناني والمقاومة الفلسطينية به وجه شبه ما يتوافق وفصائل المقاومة الفلسطينية على شروط هدنة نالت موافقة مصرية. قبل كامب ديفيد وبعده فإن لمصر رؤية في الصراع مع إسرائيل.
أرى أن المسألة أبعد من مفارقات وتشابهات واختلافات، إذ إنه في لبنان بالذات طوت م.ت.ف صفحة الحروب العربية ـ الفلسطينية.
الأهم من هذا، أنها تعلّمت في لبنان إدارة الصراع السياسي مستفيدة من مفارقات ديمقراطية عربية فريدة، حتى لو كانت طوائفية؛ وتعلمت في فلسطين إدارة صراع إرادات سياسي، مستفيدة من مفارقات ما يراه العالم (غير ما نرى نحن) ديمقراطية يهودية فريدة في المنطقة، لكنها، مع ذلك، آخر قوة احتلال من جانب دولة وجيش لشعب يطلب حق تقرير المصير.
بماذا يشترك اللبنانيون والفلسطينيون؟ أولاً في لسانهم "الفالت" في نقدهم لأساسيات الكيان اللبناني، كما لموضوعة الكيان الدولاني الفلسطيني.
بماذا يشترك النظام اللبناني والنظام الفلسطيني؟ ربما بدرجات مختلفة من الديمقراطية تبعاً لاختلافات تشكيل الشعبين، التي تتمظهر، مثلاً، بالأزمات الوزارية والسياسية ذات الاشتراكات الإقليمية والدولية، ومنها مفارقة ماثلة: لبنان دولة بلا رئيس، وفلسطين رئيس دولة بلا دولة. لم يقاوم أي شعب كما قاوم اللبنانيون والفلسطينيون الاحتلال الإسرائيلي.
للمقارنة، إذا نظرنا للأحوال الجارية لدول عربية تعاني حروباً طوائفية وعرقية ودينية، سنرى أنها كان ذات نظم استبدادية (العراق، سورية، ليبيا، اليمن) والشعب هناك كان يخاف النظام وسطوته الأمنية ويعاني قمعه.
في المقابل، الفلسطينيون واللبنانيون لا يخافون نظامهم، ولا يكفّون عن نقد سلبياته، بل أساسياته: هل الكيان اللبناني أزلي؟ هل من ضرورة لكيان فلسطيني؟
تجري في لبنان وفلسطين انتخابات، ويتم احترام نتائجها، خلافاً مثلاً لما جرى في الجزائر بعد فوز الإسلاميين في انتخابات 1991 (السخافة: في آخر انتخابات عراقية فاز صدام حسين بنسبة 100%)؟
صحيح أن لبنان أكثر تنوعاً في شعبه طوائفياً من شعب فلسطين، لكن لم يحصل أن قبل نظام عربي بفوز الإسلاميين في انتخابات كما جرى في فلسطين 2006. برلمان لبنان أكثر تنوعاً من برلمان فلسطين.
مهما قيل في نقد م.ت.ف فصائلياً ووطنياً، لكنها كانت تجربة فريدة في حركات التحرر الوطني، من حيث ممارسة ديمقراطية معينة، في إطار "وحدة وطنية" خضعت لاهتزازات سبقت الامتحان القاسي بعد الانشقاق الإسلاموي في غزة.
إن تعدد مشارب واتجاهات الرأي في الشعبين اللبناني والفلسطيني أمر صحي، حتى لو كان الخلاف اللبناني، قبل ثورات "الربيع العربي" عميقاً حتى التشكيك بالكيان، والخلاف الفلسطيني أساسيا حتى لو كان حول التشكيك بالدولة الوطنية، أو بجدوى المقاومة المسلحة إلى المقاومة الشعبية.. أو بجمع هذه إلى تلك إلى المقاومة السياسية.
المفارقة بين لبنان وفلسطين أن للشعب اللبناني، على تعدد طوائفه، ما يشبه "ثقافة حياة" تجمعه رغم خلافاته الطوائفية، لكن الشعب الفلسطيني أكثر انسجاماً، دون أن تتكون لديه، حتى الآن، "ثقافة حياة" تتعدى واقعه الصعب في أنه يخوض "معركة وجود".
أيضاً، أخذ "حزب الله" يفقد شيئاً من اعتباره كحزب احتكر وانتصر في معركة تحرير لبنان من الاحتلال، إلى حزب طائفة، لكنه يقف الآن داعماً للجيش اللبناني، كما معارضيه من الطوائف الأخرى، لكن في فلسطين لا يحتكر فصيل بذاته المقاومة للاحتلال (الانتفاضة الثانية).
الآن، تستعيد حماس شيئاً من اعتبارها مقاومة وطنية، ولو كانت إسلامية الاتجاه، بعد أن فقدت شيئاً من اعتبارها كحركة فائزة في انتخابات ديمقراطية.. والمطلوب هو أن تكون معارضة في إطار م.ت.ف.
معركة عرسال في جرود البقاع بين الجيش والأصوليين هي ثاني معركة يخوضها الجيش مدعوماً من الشعب وطوائفه بعد أهم معركة خاضها منذ تأسيسه، وكانت ضد "فتح ـ الإسلام" المشبوهة في مخيم نهر البارد، حيث وقفت الفصائل الفلسطينية بعيدة عن الانخراط فيها، والآن، تقف القوى والطوائف والأحزاب اللبنانية خلف جيشها في مواجهة الأصوليين الذين يهددون آخر ديمقراطية عربية في لبنان.
سبق للبنان أن تجاوز "معمودية" الحرب الأهلية دون أن ينقسم، وتجاوز "معمودية" الحرب الأهلية، ثم انقسم حول حزب الله.
في الخلاصة: لا يبدو أن لنجاحات الحركات الأصولية الجهادية في غير بلد عربي نصيباً في لبنان وفلسطين لأسباب ذكرتها، وأخرى غابت عن فطنتي.
لعلّ المفارقة اللطيفة بين لبنان وفلسطين هي أن الأولى شهدت رؤساء جمهوريات في الملمات كانوا قادة جيش (فؤاد شهاب، إميل لحود، ميشال سليمان) لكن لفلسطين رئيسا مدنيا لدولة ـ بلا دولة بعد رئيس منظمة كان قائداً مؤسساً للكفاح الفلسطيني.
هل فلسطين ولبنان سيشكلان سداً أمام امتداد الحركات الأصولية الجهادية المجنونة؟ هذا هو سؤال كبير.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان وفلسطين والأصولية الجهادية لبنان وفلسطين والأصولية الجهادية



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:45 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025
  مصر اليوم - مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 14:08 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

اختاري كوشات أفراح مبتكرة في موسم صيف 2018

GMT 01:35 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

عبد الله السعيد يفجر المشاكل بين كوبر وأبوريدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon