توقيت القاهرة المحلي 14:24:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

.. والثالثة هي الأخطر!

  مصر اليوم -

 والثالثة هي الأخطر

بقلم حسن البطل

خلافاً للمأثور المتداول أن "الثالثة هي الثابتة" فإن نصف عام من لعثمة، فلسطينية وإسرائيلية، في توصيف هذه الانتفاضة الثالثة، دفعت البعض الإسرائيلي حدّ القول إنها الأخطر من الأولى والثانية.

حتى قبل اندلاعها، مطلع تشرين الأول المنصرم، بعد خطف وتصفية ثلاثة مستوطنين، وخطف وإحراق الفتى أبو خضير، التقى زعيم "المعسكر الصهيوني" اسحاق هيرتسوغ، رئيس السلطة أبو مازن، وحذّره من مغبة انتفاضة ثالثة ستكون خطيرة العواقب.
حسب هيرتسوغ، أخبره أبو مازن أن ليس في يده جهاز تحكُّم، بل هو في أيدي شباب الشبكات الاجتماعية، بما يذكّر البعض باتهام إسرائيل لياسر عرفات أنه يتحكّم بطول لهب شعلة الانتفاضة الثانية.

ما تشترك فيه الانتفاضات الثلاث أنها كانت حجرية في مطالعها وسلمية، أيضاً، والأولى كانت أكثرها شعبية والأوسع نطاقاً، والثانية تحوّلت نارية بعدما استمرت شعبية ـ حجرية لمدة زمنية قصيرة، سقط خلالها أكثر من 80 ضحية فلسطينية قبل أن يُقتل جندي إسرائيلي واحد.

دامت الانتفاضة الأولى قرابة خمس سنوات، والثانية أربع سنوات، وهمدت الأولى باتفاقية أوسلو، لأن رابين اقتنع أن لا حلَّ عسكرياً لها، لكن الثانية أُخمِدت بالاجتياح الإسرائيلي، وموت ياسر عرفات، واحتلال مدن السلطة المصنفة (أ) أوسلوياً، وهدم "مقاطعاتها" في نابلس ورام الله وأريحا وجنين. منطقة السلطة فقدت حصانتها!

من مقر قيادتها في تونس، تحكمت "م.ت.ف"، عن طريق القيادة الوطنية الموحدة (ق.و.م) بالانتفاضة الأولى توجيهياً ومالياً، ثم سياسياً بإعلان دولة فلسطين، ثم بعملية أوسلو.

تحكّم قيادة السلطة بالانتفاضة الثانية، النارية، كان أكثر وضوحاً، بما جرّ إلى اتهامها، إسرائيلياً، بأنها "ملوّثة بالإرهاب"، وهو اتهام لم تستخدمه إسرائيل لوصف الانتفاضة الأولى، لأسباب منها أن قيادتها الميدانية كانت محلية مغطاة سياسياً من "م.ت.ف".

إذا كانت البدايات حجرية، فإنها أدت الى نتيجة متشابهة من الجيش الإسرائيلي، وهي الزجّ بمعظم قوات الجيش في قمع الانتفاضات الثلاث.

سنجد دليلاً على ذلك، في شهادة رئيس الأركان الإسرائيلي الحالي، الفريق جادي ايزنكوت أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، وهي أن 65% من القوات النظامية الإسرائيلية تعمل، الآن، بعد ستة شهور من انتفاضة مختلفة تماماً في الضفة الغربية.

يجب الانتباه إلى أن همود الانتفاضة الأولى باتفاق سياسي وسحق الثانية بالقوة، لم تتبعه فترات هدوء أمني حقيقية، وبعد أوسلو كانت خضّات عنيفة (جريمة المجزرة في الحرم الإبراهيمي وعمليات "حماس" 1996 وهبّة النفق مثلاً) وبعد إخماد الانتفاضة النارية بالقوة، بدأت ظاهرة المقاومة الشعبية السلمية في بلعين 2005 واستمرت في الانتشار حتى بعد حادثة الطعن الأولى في الانتفاضة الثالثة.

لماذا الثالثة هي الأخطر؟ هل لأن رسائلها المعتمدة تبدو جديدة، وإن حصلت في مجرى الانتفاضتين بشكل غير رئيسي، أو لأن دور قيادة السلطة غير مباشر، أي "القيادة من الخلف"؟ أو لأسباب أكثر أهمية، وهي أن إسرائيل وصفت الظاهرة البلعينية بأنها "إرهاب شعبي" وما رافقها من حركة سياسية لقيادة السلطة بأنها "إرهاب سياسي ودبلوماسي".. والآن إرهاب في توصيف آخر لعمليات "ذئاب منفردة"!

منذ سنوات، وبخاصة بعد فشل مفاوضات أولمرت ـ عباس هناك على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من يتحدث عن "موت أوسلو" لأسباب مختلفة، ثم عن موت "الحل بدولتين" بعد جولة كيري 2014.

الانتفاضة الثالثة هذه، رغم خلاف على تصنيفها ووصفها، هي الأخطر على إسرائيل لأن اليمين الصهيوني الديني يدفع الأمور نحو خيار "الأبارتهايد"، لا حلَّ الدولتين ولا حلَّ الدولة الواحدة، وإنما خيار دولة ديمقراطية لليهود في إسرائيل والأراضي الفلسطينية معاً.

وهي، أيضاً، خطيرة على مستقبل السلطة الفلسطينية لأن خياراتها السياسية لا تبدو ممكنة التحقق في الأفق القريب، أو لأن شباب الانتفاضة الثالثة فقدوا الثقة بخياراتها وقياداتها وسياساتها، ولأن القوى الدولية التي تدعم خيار "الحل بدولتين" صارت تراه كأنه في حالة "موت سريري".

في الجيوش النظامية يقولون: لا تذهب إلى حرب جديدة وفق دروس حرب سابقة، لكن من عبقرية الشعب الفلسطيني في نضاله أنه ذهب إلى الانتفاضة الشعبية الشاملة بدروس هبّات صغيرة، وإلى الانتفاضة المسلحة بدروس الانتفاضة الأولى، وإلى الثالثة بدروس تختلف، أبرزها الشجاعة الإنسانية المطلقة في هجمات الشبان بالسكاكين على جنود متأهِّبين ومحميين بالسلاح وبالبزَّات الواقية. مثل هذا لا يجري في أي مكان في العالم، ولا في أي نمط للمقاومة الشعبية.

حتى الآن، سقط زهاء 180 فلسطينياً خلال نصف عام، و38 جندياً ومدنياً إسرائيلياً، لكن التأثير النفسي والمعنوي في الجانبين يبدو متعاكساً مع نسبة الخسائر.

على كثرة أحداث الانتفاضة الثالثة، فإن إحراق عائلة الدوابشة في دوما كان علامة فارقة في دور المستوطنين، والآن فإن إعدام شاب جريح على حاجز تل الرميدة ـ الخليل علامة فارقة في علاقة الجيش، أو قيادته، بالقيادة السياسية والدينية الإسرائيلية.

كلما تأخرت إسرائيل في الاعتراف بحق تقرير المصير الفلسطيني صار هذا المصير يؤثر في رسم سياسة إسرائيل وتطرفها وجنوحها نحو مزيد من الانكماش باتجاه دولة يهودية عنصرية.

"لم أعد أقرأ مقالاتك"

من الزميل والمدرب الإعلامي هشام عبد الله.. حالياً مدير "انترنيوز":
اليوم، فقط، انتبهت أني لم أعد أقرأ مقالاتك كما كنت أفعل بشكل يومي. انتبهت، أيضاً، أنني توقفت عن ذلك، منذ توقفت أنت عن الكتابة بشكل يومي. ربما أن هذا هو السبب. كنا جميعاً نقرأ حسن البطل اليومي. المقال اليومي هو حسن البطل، وحسن البطل هو المقال اليومي. فكرت أن أخبرك بذلك مع خالص مودّتي واحترامي.

•  يا صديقي وزميلي ومواطني: لكل عمر قلمي أجل. عشرون عاماً كافية. إن جيلي يشكل 3 بالمائة، ولذا هذا زمن شباب الفيسبوك. ومن قبل عشرون عاماً في إعلام المنظمة. شكراً لك. متمنياً النجاح لك في إدارة "انترنيوز".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 والثالثة هي الأخطر  والثالثة هي الأخطر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
  مصر اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 12:06 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
  مصر اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 07:51 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل اللاعب البرازيلي نيمار يثير الجدل في البرازيل

GMT 12:05 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مكافآت خاصة للاعبي أسوان عقب البقاء في الدورى الممتاز

GMT 14:23 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

تباطؤ التضخم السنوي في تونس إلى 6.2 % خلال أغسطس

GMT 21:51 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

غياب أحمد فتحي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon