حسن البطل
تحيّرت، على غير جاري عادتي، في عنونة مقال هذا العمود، بين أعلاه، وبين «فستق فاضي» .. أو «قنابل دخان»!
سنعود القهقهرى (كما يقولون) إلى العام 2002 حيث طُرحت مبادرة السلام العربية، وإلى العام 2009 حيث ألقى نتنياهو خطاب جامعة بار ـ إيلان، وفي ضوئها يمكن فهم بنود اتفاق ائتلافي صار بموجبه فائد مطلق لـ»إسرائيل بيتنا» وزيراً للدفاع.
مرّت مياه كثيرة تحت الجسر، بين مبادرة عربية للسلام (14 سنة) وخطاب ألقاه نتنياهو في14ـ6ـ2009.
بتأخير خمس سنوات عن طرح أميركا «الحل بدولتين» وافق نتنياهو في خطبة بار ـ إيلان على المبدأ، حين لم يكن تشكيل حكومته، آنذاك، يمينياً صرفاً وفاقعاً، لكنه في تصريحات لاحقة، قال : لن تقوم دولة فلسطينية في ولايتي!
في حكومته الرابعة، قبل سنة، كان حزب «البيت اليهودي» نفتالي بينيت، المعارض لـ»الحل بدولتين» هو بيضة القبّان، وغاب «إسرائيل بيتنا» الذي يوافق على «الحل بدولتين» بشروط التبادل الديمغرافي ـ الجغرافي.
مع اتفاق ائتلافي على عودة ليبرمان للحكومة، ومن حقيبة الخارجية إلى حقيبة الدفاع، صارت حكومة نتنياهو حكومة لـ»البيت الليكودي» لأن بينيت وليبرمان، وكحلون (حزب «كلنا») صيصان دجاجة الليكود (مرّت مرحلة كان فيها حزب شارون «كاديما» ديك قن الليكود.. المخصي لاحقاً)!
في ائتلاف الليكود ـ ليبرمان، صار مشروع «الحل بدولتين» وقبول مشروط بمبادرة السلام العربية، جزءاً من برنامج الحكومة.
بينيت، الذي سطا نتنياهو على بعض مقاعده بخطاب التخويف من أصوات العرب التي سترجّح «اليسار» يهدّد، الآن، بانسحاب نوابه الثمانية، فيصير للحكومة 58 صوتاً، بعد أن رفعها نتنياهو من 61 إلى 66 لكن لنتنياهو خيار استبداله بمن يمشي مع زعيم العمل ـ الاتحاد الصهيوني اسحاق هيرتسوغ بالانضمام للحكومة.
هذه رسالة «حديد بقضامي» موجهة إلى مؤتمر باريس عشية انعقاده مبنيّاً على مشروع «الحل بدولتين» وعلى مبادرة السلام العربية، لصياغة مشروع حل يجتاز عتبة ـ عقبة «الفيتو» الأميركي في مجلس الأمن؟
الفيتو الأميركي يتحكم، أيضاً، برباعية مدريد، التي فشلت في إصدار تنديد وإدانة شديدة اللهجة بالتوسع الاستيطاني، كان مقرراً صدوره قبل مؤتمر باريس الدولي.
المشروع الفرنسي يتبنى المفهوم الفلسطيني ـ الدولي للحل بدولتين، أي على أساس خطوط العام 1967، مع تبادلات جغرافية متبادلة، لكنه يميل لتليين مبادرة السلام العربية، بتقديم «تطبيع» العلاقات على الانسحابات الإسرائيلية.
السلطة مضطرة أو مختارة، توافق على المشروع الفرنسي الذي ترفضه إسرائيل، وعلى مبادرة الرئيس المصري السيسي، التي توافق عليها إسرائيل من حيث المبدأ.
رداً على مؤتمر دولي بباريس، اقترح نتنياهو مفاوضات مباشرة مع السلطة في باريس، وليس في القدس أو رام الله، حول دولة فلسطينية بحدود مؤقتة، وهو ما ترفضه السلطة بعبرة تنصل إسرائيل من مفاوضات الوضع النهائي لاتفاق أوسلو 1999.
الحال العربية العام 2002 غيرها العام 2016، بما يسوّغ لإسرائيل تأجيل شرط الانسحاب من الجولان، والحال الفلسطينية بعد الانقسام غيرها في العام 2002، وكذا الأحوال والمعطيات الإقليمية والدولية. هذا يعني أن نتنياهو وجه رسالة ثانية للعرب، وهي «فستق فاضي» على رغم قرارات المؤتمر الوزاري العربي الأخير في القاهرة، حيث تمسك رئيس السلطة برفض تعديل المبادرة العربية لعام 2002، وبالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين.
في ذلك العام، تعهد شارون بقبول المبادرة العربية مبدئياً، عن طريق قبوله باقتراح الرئيس بوش بإزالته البؤر الاستيطانية المقامة بعد العام 2000، لكن ربط ذلك بـ14 تحفظاً أي شرطاً.
في النتيجة؟ البؤر فرّخت بؤراً، وهذه مستوطنات، وهذه كتلاً، وصار مشروع «الحل بدولتين» في رمقه الأخير، ويحتاج تنفساً طبياً أميركياً، وصفعات أميركية للقلب!
قيل في صمت الليكود عن خطاب بار ـ إيلان 2009 إن نتنياهو ألقى حجراً في الهواء، لكن في موافقة ليبرمان على قبول شروط لحل الدولتين والمبادرة العربية، يكون نتنياهو أطلق قنابل دخان في إسرائيل، وهذه تستخدم إما للتقدم أو للتراجع..!
إذا كانت للتقدم فإن حزب العمل ـ الاتحاد الصهيوني سوف يدعم الحكومة، وكذلك حتى «ميرتس» وإذا كانت للتراجع، فإن بينيت سيخرج من الحكومة.
يقولون، الآن، في إسرائيل إن اليمين وحده قادر على تمرير «الحل بدولتين» كما فعل بيغن 1979 مع مصر، ويقولون في الليكود إن نتنياهو وحده على قيادة هذا اليمين.
بنيامين بيغن تحدّث، بعد توسيع الائتلاف عن يمين، ويمين متطرف، ويمين غبي، وكان ليبرمان هو الغبي وبينيت هو المتطرف، فتبادلا الأدوار. بيغن هو الليكود «الأخلاقي»؟!
هل سحب نتنياهو الهواء من عجلات مؤتمر باريس، ومن مبادرة السلام العربية، ومن تلويح واشنطن بسحب مظلة الفيتو عن إسرائيل في مجلس الأمن.
سهواً
في عمود الثلاثاء ورد اسم فيرا تماري، بدلاً من شقيقتها تانيا تماري ناصر. الأولى فنانة تشكيلية، والثانية مغنية سويرانو مهمة، ولهما شقيق ثالث يقيم في اليابان هو الفنان فلاديمير تماري، وابنته مغنية سويرانو. أعتذر عن السهوة في الخلط بين أسماء أشقاء مبدعين وخلاقين.
فروع «التوجيهي»
تعقيباً على عمود الأحد 29 أيار:
من وسيم عبد الله: أعجبني جداً مقالك حول التعليم في فلسطين، ونسبة الأدبي للعلمي، والنسبة العالية لدارسي الشريعة. أنا، أيضاً، درست علمي في دمشق، وأتحسّر على جودة تلك الأيام، عندما أرى المستوى التعليمي وتقاسم الاختصاصات في فلسطين.