توقيت القاهرة المحلي 12:06:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خارج / داخل السياق !

  مصر اليوم -

خارج  داخل السياق

بقلم / حسن البطل

1ـ نقرة النقرة !
ذاهب إلى مجلس عزاء في «بالوع» البيرة. وسط غابة حجرية زاحفة كانت فلاحات تجني من بقعة ريفية تتوسط الغابة الحجرية محصولاً من الخيار والفقوس.. وما شابه!
لو حضرتُ، بعد سنوات، مجلس عزاء آخر في نقرة البالوع، قد لا أرى جزيرة من الريف تتوسط الغابة الحجرية.
قلت لذوي الراحل: الله يرحم موتانا، بعد أن قلت: الله يرحم بقعة الريف الأخيرة وسط غابة حجرية كانت، قبل سنوات، أرضاً زراعية خصبة تصير في الشتاء المطير «سبخة» ماء، ولما تجفّ صيفاً تصير حقلاً لزراعات محاصيل الصيف.
السبخة (وهي كلمة سورية) غير البحرة وغير المستنقع، وتربتها حمراء داكنة، شكلتها على مرّ ملايين السنوات، سيول تصبّ في نقرة البالوع، حصيلة التفكك والانفراط الفيزيائي والكيميائي لصخور حلقة من تليلات تحيط بالنقرة.
تعمل الجرافات أساساً لعمارة أخرى، وتنهش أمتاراً من التربة الحمراء لتصل أول الصخر، تذهب إلى حدائق بيوت عمارات تُبنى، في غير مكان، على الصخر (هناك «مزبلة» من ركام التربة الخصبة في شارع يافا).
كانت رام الله وأخواتها، تأكل محاصيل الصيف من ثلاث نقرات: البالوع، بيرزيت، بيتونيا، إلى أن صارت الغابات الحجرية تفترس تربة هذه النقرات.
لا مكان لسؤال وجيه: لماذا لم تصر هذه النقرات حدائق، أو غابات شجرية بدل غابات حجرية.
في صغري، حزنت على قضم العمران لحقول الغوطتين الشرقية والغربية التي تُزنِّر دمشق، وفي كهولتي أحزن على مآل نقرات الحقول الثلاثة.. وعلى رواق حجري من بيرزيت حتى بيت لحم!
الرحمة لموتانا؛ والرحمة لحقول من الريف تتوسط الغابات الحجرية.

2ـ عسل الكينا
تجري في قطاع غزة «مجزرة» للأشجار وللحقول الزراعية، التي «كشّت» مساحتها 33% خلال 17 سنة.
غزة شريط حجري على الساحل، وآخر شريط حقول يجاور «خط التحديد». الشريط الأول يتلاصق، والثاني يضيق ويتآكل من حركة آليات الاحتلال وتجريفاتها، ومنع الزراعة مسافة مئات الأمتار من الجدار.
هذه السنة، تبدو محاصيل غزة جيدة، بعد شتاء مطير هناك، لكن مزارع تربية النحل تعاني من قطع أشجار الكينا، وندرة زهورها التي يتغذى عليها النحل.
حزام من أشجار الكينا يُزنِّر المستوطنات اليهودية، لكن تمنع إسرائيل زراعة هذه الأشجار في حقول غزة المجاورة للجدار لأسباب أمنية (الكينا سلاح إسرائيل في طمر القرى الفلسطينية المهدومة).
تحجير وتشجير وحقول، وتحتاج غزة 17 ألف وحدة سكنية، غير إعادة إعمار خراب الحروب، لاستيعاب حوالي مليوني إنسان.
ما زال في حقول غزة ربيع صغير من الزهور البرية، وبعض حقول القمح، ومزارع للبندورة والخيار والتوت الأرضي، ولكن الأشجار تختفي لصالح العمران الحجري. سيصير قطاع غزة ـ مدينة غزة العملاقة، تحكي عن العسل الفاخر من زهور أشجار الكينا (أوكاليبتوس) لكن السؤال: ماذا ستأكل غزة بعد عشرين سنة، عندما تصير غابة حجرية.

3ـ أشجار الشوارع
كانت أشجار الصنوبر هي ملكة أشجار رام الله، أو الشجرة الرئيسة على أرصفة الشوارع والطرق.
الآن، صارت أشجار الشوارع من «الفيقوس» الذي لا يتحمل صقيعاً تتحمّله أشجار الصنوبر، وهكذا، جاؤوا بأشجار أخرى لا تموت أوراقها وأغصانها من «غنغرينا» مواسم الصقيع، وفي كل مستديرة زرعوا، هناك وهناك، زيتونة هرمة ومعمّرة، قلعوها من مكان سيطر عليه العمران الحجري.
حبّذا، لو عمَّمُوا زراعة حوض أشجار الشوارع بنباتات من الزنبق أو النباتات المزهرة، فلعلها ستعلم الناس أن لا يملؤوا حوض أشجار الطرق بفوارغ زجاجات المشروبات مثلاً.

4ـ أسنان التمساح
ابتسامة الجيل الجديد ستكون أحلى من ابتسامة الجيل الكبير، لأن طبّ الأسنان صار يتكفّل بتقويم الأسنان على صغر ثم على كبر.
يقولون: سياسة بلا أسنان، ولعلّه وصف يناسب سياسة السلطة إزاء الاحتلال، ويقولون إن التمساح وحده، من بين الكائنات، يبدل أسنانه على مدى عمره، بينما أسود الغاب تموت من الجوع عندما تهرم وتتساقط أسنانها!
التماسيح لا تبكي من ألم الأسنان، بل لأنها تفتح أفواهها لتقوم طيور بتنظيف بقايا ما تفترسه، ومن ثم تضغط الأفواه المفتوحة على غدد الدمع.. فتبكي «بكاء التماسيح».
يقولون عن بعض الناس أن لهم جلد تمساح لأنهم لا يتأثّرون بمصايب الدهر، ولعلّ الطبّ يتقدم ليهدي جينة تجدد أسنان التمساح إلى أفواه أسنان البشر.

شوية «سياسة»
قبل حزيران 1967 كانت إسرائيل تشكو من ضيق خصرها.. بعد سنوات، لن يكون للضفة خصر ولا قوام.. بل بقع هنا وهناك. جزر في بحر الاستيطان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خارج  داخل السياق خارج  داخل السياق



GMT 08:21 2019 الجمعة ,10 أيار / مايو

دولة مجوّفة !

GMT 07:55 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

الاسم: سامي طه الحمران!

GMT 12:20 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

عن الاعتدال والوسطية

GMT 08:50 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصف المشكلة في «أن المضمرة»؟

GMT 08:10 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

هامش مهني

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
  مصر اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 09:58 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

استكمال محاكمة 3 متهمين في قضية «تنظيم الجبهة الإسلامية»
  مصر اليوم - استكمال محاكمة 3 متهمين في قضية «تنظيم الجبهة الإسلامية»

GMT 12:06 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
  مصر اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 07:51 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل اللاعب البرازيلي نيمار يثير الجدل في البرازيل

GMT 12:05 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مكافآت خاصة للاعبي أسوان عقب البقاء في الدورى الممتاز

GMT 14:23 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

تباطؤ التضخم السنوي في تونس إلى 6.2 % خلال أغسطس

GMT 21:51 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

غياب أحمد فتحي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon