توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«سفر .. سفر» !

  مصر اليوم -

«سفر  سفر»

بقلم : حسن البطل

تنويه: يحتجب العمود أسبوعين بداعي إجازة وسفر.
***
كانت للتشكيلي الفلسطيني الراحل، مصطفى الحلاج، عادته الفريدة بين سفر وآخر: ما أن يعود من سفرةٍ حتى يُرتّب حقيبة ثانية لسفرةٍ أخرى. واحدة لسفر الشتاء وأخرى لسفر الصيف/ حسب بلد ووجهة السفر. كل ما يفعله بين حقيبة سفر وأخرى، أن يضع جواز سفره في جيبه!

هذا عن عادات مصطفى في السفر، قبل خروج بيروت 1982، أما قبل ذاك الخروج وبعده، فقال درويش ما معناه، تلزم الفلسطيني المسافر حقيبة سفر متينة؛ وأما الشاعر الراحل معين بسيسو فقال قصيدة له، بعد بيروت، عن السفر، كرّر فيها المفردة «سفر.. سفر.. سفر» مرّات عدّة!

السفر يعني من مطار إلى مطار، وقبل هذه الأوسلو، قال درويش: «مطار أثينا يُوزِّعنا على المطارات، وأما ما بعدها فصار حال فلسطينيي السلطة هو: مطار عمّان يُوزِّعنا على المطارات!

لماذا؟ بين المطار والسفر هناك هذا الجسر الوحيد، أي أننا نسافر حتى نسافر، فلا بد من الجسر وإن طال السفر من مطار إلى مطار، وبين معبر على جسر ومعبر على جسر آخر، لا بد للمسافر الفلسطيني من «وعثاء السفر» كما قال شاعر قديم، قبل هذا «الطائر الميمون» من مطار إلى مطار.

لا أعرف، بالتحديد، ماذا تعني مفردة «وعثاء» الغابرة في اللغة، لمّا كان سفر البرّ على متن مطايا الدواب والراحلة من الإبل، وصارت تعني فترة وقوف وانتظار حافلات السفر من معبر جسر إلى معبر جسر آخر، أي «سفر برلك» قصير. «وعثاء» انقرضت في اللغة لكن «شدّ الرحال» لا تغيب في الحديث عن زيارة القدس والحرم القدسي مثلاً.
بسيسو قال قصيدة «سفر.. سفر» وفي مرحلة لاحقة تداول شعراء قصيدة «حجر.. حجر» زمن اندلاع الانتفاضة الأولى، والقصيدة الحجرية استفزت الشاعر والناقد، زميلنا محمد علي اليوسفي، فكتب عنها نقداً شعرياً ووظيفياً ولغوياً في «فلسطين الثورة».

لا أُحبّ السفر من سفر الجسر إلى سفر المطار، ولم أُحبّ مطاراً كما أحببت مطار لارنكا القبرصي طيلة 13 عاماً، فقد عوملنا فيه، في السفر والعودة، معاملة المواطنين القبارصة.

لا أُحبّ مطار هيثرو محطة السفر الجوي بين مطار عالية لسببٍ بسيط وسخيف: كلّ مرة يسألونني عن وضوح بصمة إبهام كفي اليمنى، وليس باقي أصابع الكفين، أو بصمة قزحية العين. جوابي: هذا من أثر جلي الصحون، مع أنه قد يكون من كثرة الإمساك بأضلاع قلم «بيك» للحبر الناشف.

أعتقد أن الفيزا (سمة الدخول) البريطانية أعقد من باقي فيزات السفر، وأحصل سنوياً على فيزا عائلية، لأن ابنتي وابني يحملان جوازي سفر بريطانيين، ومع ذلك لا بدّ لي من شهادة بنكية، مدعمة بشهادة من مكان العمل الحالي.

بين سفرة سنوية وأختها، صار لي من ابنتي حفيدة أنثى ثم حفيد ذكر من زوجها البريطاني، ومن ثم على من صار جداً أن يلعب دور «جليس الأطفال»، الحريصة أمهم على تعليمهم لغة الضّاد، وبلسانها تقول ليلى بالعربية: «ليش ما في شمس اليوم؟ يمكن سيدو زعلان»!

ماذا يعنيكم من إجازة ـ سفرة هذا الصيف؟ أسبوعين أو ثلاثة سيغيب عمود «أطراف النهار» دون حاجة لإعادة نشر «من قديمه الجديد» عندما كان عموداً يومياً، أو لثلاثة أيام أسبوعياً.

يعني، هذه إجازة، والإجازة السنوية لمحرِّري «الأيام» 21 يوماً، لكن إجازاتي الفعلية كانت لا تتعدّى الأسبوعين، أي أن لديَّ رصيد إجازات من أسبوع طيلة 21 سنة، لكن تسقط بالتقادم إن لم تُستنفد خلال عامين من استحقاقها.

في سفرة صيفي هذا العام، تصادف يوم عودتي مع أيام عودة أفواج حجاج بيت الله الحرام، فسبّقت العودة أسبوعاً لأن عودتهم ستكون «وعثاء» السفر مع انتظارٍ طويل في صف باصات بين معبر جسر وآخر، في أخفض نقطة، وأكثر شهور العام حرارة في لظى شمس الصيف.

من نعمة ربِّي عليَّ أن إجازات كاتب «أطراف النهار» تخلو من «إجازة مرضية» بعد هذا العمر المهني والبيولوجي، وجميعها إجازات عائلية، وكلها تقريباً، بعد أوسلو، إلى ما كان يقال: «لندن مربط خيلنا» وما صار أنها «مربط» أولادي وأحفادي؟

هذه السنة «كبيسة» في إجازات سفري إلى لندن، لأن الحفيد الثاني يحتاج «جليس أطفال» ولأن الابن الوحيد سيتخرج من جامعته في كانون الأول حاملاً شهادة «مهندس طيران».

عندما تحطّ الطائرة أرض مطار «هيثرو» لا أشعر كما كانت تحطّ الطائرة في مطار «لارنكا» ولا أُحبّ بريطانيا كما أحببت قبرص، لأنها المسؤولة عن «نكبتي» ومنافيها ومطبّات مطاراتها، لكنني أحُبّ دور «سيدو» كما أحببت دور «بابا» مثلكم بالطبع.

أُحبّ قرية «ميليس» شمال لندن 150كم، حيث تعيش حماة زوجتي السيدة «هال» والريف الإنكليزي الجميل.

غرضي من هذا «العمود» أن تطمئن بقايا أسرتي في سورية إلى أن احتجاب العمود مجرد إجازة صيف آخر.. ولكن تختلف هذه المرّة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سفر  سفر» «سفر  سفر»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 06:08 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عطور نسائية تحتوي على العود

GMT 08:19 2022 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

أزمة الطاقة وسيناريوهات المستقبل

GMT 19:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الطرق الصحيحة لتنظيف الأثاث الجلد

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon