توقيت القاهرة المحلي 13:34:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين سلطة وشعب .. التهاب أعصاب!

  مصر اليوم -

بين سلطة وشعب  التهاب أعصاب

بقلم : حسن البطل

من كَتَب «في وصف حالتنا» انتهى إلى كتابة «أنت منذ الآن .. غيرك». للشاعر القومي يوم ولادة ويوم رحيل، يصادف هذه الأيام من شهر آذار.

في خطابه، أمس، وصف رئيس السلطة حالتنا بقوله: «إننا جزء من الشرعية الدولية» التي تُجمع على «حل الدولتين». في وصفه وضع دولة فلسطين، قال: انها صارت «جزءاً من النظام الدولي» منذ العام ٢٠١٢ حيث نالت صفة «عضو مراقب» في الجمعية العامة.

هذه السلطة أقامت للشاعر القومي معلماً هو ضريح ومتحف، وأقامت للرئيس المؤسس - السيد فلسطين معلماً هو ضريح ومتحف.

مع ذلك، فهذه السلطة هي «حكم ذاتي» في جزء من الضفة الغربية، التي هي «يهودا والسامرة» لكن سيادتها الوطنية لا تشمل كل الضفة، وسيادتها الأمنية، منذ الانتفاضة الثانية، لا تشمل حتى المنطقة «أ».

نعم، هي جزء من الشرعية الدولية وهذا انجاز، ودولتها المعلنة جزء من النظام الدولي، لكن شرعيتها الوطنية لم تعد كذلك منذ عشر سنوات، لا لأنها، عملياً، سلطة تحت الاحتلال، وحتى دولة معلنة تحت الاحتلال، لكن لأن جزءاً من أراضيها - حسب اوسلو - صار تحت سلطة أخرى في غزة، تُحقق، عملياً أو شكليا، مفهوم الدولة أكثر مما هو يتحقق في الضفة الغربية.

نرفع شعارنا، الذي كرّره أمس، رئيس السلطة والمنظمة والدولة: لا دولة فلسطينية دون غزة، لا دولة فلسطينية في غزة، لا دولة فلسطينية دون القدس الشرقية، عاصمة لها .. ومن التحرير الشامل الى حكم ذاتي منقوص. هذا تحول صعب هضمه.

الانقسام مشكلة لا يبدو في الافق مصالحة تنهيه، بدليل أن الانتخابات البلدية، كمقدمة لانتخابات تشريعية ورئاسية، ستجري في الضفة الغربية، ولو أولاً، ولأن فصيلا رئيسيا من فصائل م.ت.ف انتقل من تأييد اجراء البلدية في شطري بلاد السلطة، الى الاحجام عن المشاركة في اجراء الانتخابات في جزء منها.

ما جرى أمام قصر العدل بين السلطة الامنية وجزء صغير من «السلطة الشعبية»، اي الجمهور والناس، لم يكن سابقة معزولة، من احتكاك بين الأمن وجزء من الجمهور، سوى ان بيروقراطية المحاكم الفلسطينية، كانت غير بيروقراطية المحاكم الاسرائيلية، التي اصدرت حكماً مخففاً على جريمة اجهاز جندي على جريح شاب فلسطيني.

الشهيد باسل الأعرج دافع بسلاحه عن حياته، أي مارس المقاومة المسلحة، بينما الجندي اليئور آزاريا (نور الله ازاريا) مارس الاجهاز على جريح محيّد، حاول مع رفيقه الشهيد عملاً غير ارهابي بسكينه، لأن القانون الدولي يبيح هجوم مدني على ثلة من الجنود، الذين هم قوة احتلال.

هناك جزء من الجمهور الاسرائيلي، ولو كان صغيراً، يرى بطولة في مذبحة القاتل باروخ غولدشتاين في الحرم الابراهيمي المقسوم بعد الجريمة الى قسمين، ومدينة الخليل صارت مقسومة.

لكن قسماً كبيراً من الجمهور الفلسطيني يرى بطولة في دفاع باسل - الباسل عن حياته بسلاحه، وليس مهماً، لدى الناس، موضع التنسيق الأمني في علاقة السلطة باسرائيل، والأجهزة الامنية الفلسطينية مع قوات الاحتلال.

السلطة تعاني، خاصة بعد الانقسام الغزي، من التهاب أعصاب سياسية، وشعبها يعاني من التهاب اعصاب وطنية، وهذه الحالة بين السلطة وقسم من شعبها تهدّد بعلاقة انفصام بين أمن النظام والسلطة وبين أمن الجمهور.

منذ أوسلو انفصمت علاقة فصائل م.ت.ف بالكفاح المسلح، بعد صدامات هبة النفق ١٩٩٦، وخاصة بعد الانتفاضة الثانية التي تعاني من عقابيلها.

ومنذ العام ٢٠٠٦ انتقلت السلطة الفلسطينية الى المقاومة الشعبية السلمية، لكن اسرائيل ترى في كل شكل من مقاومة الشعب عملاً ارهابياً، بما في ذلك الحجارة، وحتى العمل السياسي الدولي للسلطة صارت اسرائيل تعتبره «ارهاباً سياسياً».

هذه حالة متداخلة ومعقدة في «وصف حالتنا» صحيح أن كفاحاً وطنياً مسلحاً، مشروعاً في القانون الدولي، مارسته الفصائل الفلسطينية حتى اوسلو هذه، اعتبرته اميركا واسرائيل وكأن م.ت.ف هي «المظلة الأم» للارهاب الدولي، وصارت بعد اوسلو جزءاً من الشرعية الدولية، بصفته مقاومة سياسية ومدنية، وان دولة فلسطينية صارت جزءاً من «النظام الدولي».

الانقسام الغزي من جهة، والتهاب اعصاب الشعب من جهة اخرى، أضعف الشرعية الوطنية للسلطة الفلسطينية لأن المجلس التشريعي انقسم على نفسه وفشلت، حتى الآن، محاولات اجراء انتخابات لتجديد الشرعية الفلسطينية البرلمانية والرئاسية .. وحتى البلدية ايضاً.

لا تستطيع سلطة فلسطينية، متقادمة شرعياً أن تحتذي بالسلطة اللبنانية، حيث بقّ البحصة رئيس الجمهورية المنتخب، واعتبر ان «جيش حزب الله» هو جيش حليف ورديف للجيش اللبناني.

لبنان دولة سيادية معترف بسيادتها دولياً، ولو أن قسماً صغيراً من اراضيها بقي محتلاً، لكن الجيش اللبناني الذي انقسم على نفسه في مرحلة ما، استعاد وحدته، وأما الحكومة اللبنانية فلم تنقسم على نفسها ولو اختلفت قواها الطائفية .. وبشكل خاص فإن البرلمان اللبناني لم ينقسم على نفسه، كحال المجلس التشريعي الفلسطيني.

بعد اعلان ميشال عون ان للبنان جيش دولة وجيشا حليفا للدولة، ردّت اسرائيل بالقول: أن اي حرب مقبلة ضد حزب الله ستكون حرباً مفتوحة ضد الدولة بأسرها.

في الحالة الفلسطينية وافقت السلطة على دولة غير معسكرة ومنزوعة السلاح، وهذا بخلاف شعارات وسياسة وواقع حكومة الأمر الواقع في غزة، وكذا سبب ويسبب احتكاكاً بين أجهزة أمن السلطة وبقايا جناح مسلح في «فتح» هو بعض كتائب شهداء الأقصى، وايضاً خلايا حركة «حماس» إن عملت خاصة انطلاقاً من سيادة امنية مخروقة للسلطة الفلسطينية في منطقتها السيادية - الامنية.

التهاب أعصاب سياسية للسلطة يجرّ الى التهاب اعصاب امنية، وكذا التهاب اعصاب لجزء من الشعب يجر الى الحالة ذاتها. واذا تفاقم الوضع صار يهدّد بحالة انفصام بين السلطة والدولة المعلنة وبين قسم متزايد من شعبها.

الشرعية الدولية انجاز مهم، وكذا صيرورة وبقاء السلطة جزء من «النظام الدولي» لكن هذا وذاك لا يغنيان عن الشرعية الشعبية والوطنية للسلطة وسياستها.

المصدر : صحيفة الأيام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين سلطة وشعب  التهاب أعصاب بين سلطة وشعب  التهاب أعصاب



GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

GMT 10:32 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أين الجبرتى الجديد؟

GMT 10:31 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السير «مجدى يعقوب».. أوكتاڤُ الحياة

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
  مصر اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 12:06 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
  مصر اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 07:51 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل اللاعب البرازيلي نيمار يثير الجدل في البرازيل

GMT 12:05 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مكافآت خاصة للاعبي أسوان عقب البقاء في الدورى الممتاز

GMT 14:23 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

تباطؤ التضخم السنوي في تونس إلى 6.2 % خلال أغسطس

GMT 21:51 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

غياب أحمد فتحي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon