توقيت القاهرة المحلي 10:43:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تجليس لسان عربي.. مطعوج!

  مصر اليوم -

تجليس لسان عربي مطعوج

القاهرة - مصر اليوم

أنا السائل وأنت المجيب: كيفَك؟ الجواب: منيح. كويِّس. تمام. لا بأس. زين.. الحمد لله. هناك رجل اسمه "منح"، ونساء من أسمائهن هبة. كويِّس من الكياسة. لا مزيد على "تمام". "لا باس" التونسية دون قلنسوة مهموزة.. وأخيراً، يكاتبني ابني إنترنتياً بالحروف اللاتينية hamdullah، وعلى الأغلب أدخلها مسلمو أوروبا إلى لغاتها لاتينية الأصل.

ممكن أنت تسأل: إزيّك. شلونك. علامك ..إلخ، وقد أجيبك "على كيفَك"، أي على ما يرام أو ما تروم أنت وتتمنى لي.

واضح أن سؤال الكياسة "كيفك" يشمل "كيف الصحة" و"كيف الحال". ما قصدي من هالثرثرة؟ لعله جرس الكلام وتسكين أو تحريك الحروف، لأن سؤال "كيفك" مع ياء خفيفة وسهلة، بينما جواب السؤال "على كيفك" مع ياء ذات غِنّة عميقة.

هذه العربية، ذات اللسان القرآني - القرشي المبين من 28 حرفاً، وهي ليست وافية تماماً في النطق القولي السليم. خذ مثلاً لفظ حرف اللام في اسم الجلالة "بسم الله"، ولفظ اسم الجلالة في عبارة التوحيد: "لا إله إلا اللّه محمد رسول الله". لام خفيفة وأخرى مفخمة، وفي بعض المفردات تنطق العام حرف "الزين" أميل إلى "الصاد" مثل: الألماس - الألماز.

لذا، قد تفيد الأبجدية اللاتينية الغنية بالحروف المصوتة في ضبط بعض المفردات بالعاميات العربية، هذا رغم غنى العربية ذات الـ 28 حرفاً بحركات الإعراب التي تنوب عن فقرها بالحروف المصوتة.

لكل أبجدية ميزات ونقائص، ومن ميزات الأبجدية العربية ألا تحتاج إلى تهجئتها في الإملاء على الهاتف مثلاً. ومن ميزات اللسان العربي قدرة الناطقين على نطق حروف وتراكيب حروف ليست من لسان الضاد، مثل (V) و(G) و(Ch) بينما يشق على الأجانب لفظ حرف (الضاد) وأحياناً (القاف) و(العين).

تتحدث البشرية بلغات عديدة، ولكن تكتب لغاتها بأبجديات معدودة (اللاتينية، العربية، السلافية، الصينية، اليابانية، الهندية، الأرمنية، العبرية ..إلخ). لكن، لسبب لا حاجة لشرحه فالأبجدية العربية بالذات صارت مقدسة لنزول القرآن الكريم بها بلهجة قريش أساساً، التي صارت مقياس العربية الفصحى الأساسي، وإلى حد أقل الأبجدية العبرية، وهما بعض ميراث ألفبائية أوغاريت جذر ألفبائيات اللغات السامية، التي تمتاز عن سواها بالكتابة من اليمين إلى اليسار.. والسبب هو نقشها على الحجر بمطرقة باليد اليمنى وإزميل باليسرى.

ما الذي يلفتك في حروف عبارة التوحيد؟ غياب النقاط وقد أضيفت لاحقاً إلى العربية لضبط لفظ القرآن الكريم، وأما الإعراب (حركات الإعراب، وهي بمثابة حروف مضمرة) فأمرها قديم.
أبجدية اللغات لا تكتب دائماً كما تُلفظ، لا في العربية وشقيقاتها الساميّات ولا في الأوروبيات سليلة اللاتينية. في العربية الصحيحة نكتب "بسم الله" كما نكتب "باسم الشعب". الآن، صاروا يكتبون "الموسيقى" "موسيقا"، فلماذا نتغلب في كتابة إملاء الألف المقصورة مثل "المدى"، ونحتار بأمر "سوى" بمعنى إلاّ وعدا، وبأمر "سَوا" بمعنى سوية، وهي لفظة عامية ولكنها صحيحة الفصاحة، واختصار "سواء" (سواء، أي "معاً").

كل ناطق بالضاد يسهل عليه استخراج معنى المفردة بالقواميس ذات الحروف اللاتينية، ويشق على معظمنا استخراجها من "المنجد" و"لسان العرب". ألا تحتاج القاموسية العربية إلى حركة تصحيحية، ودونها لن يسهل علينا التقريب بين العاميات الألسنية العربية وفصحى لغة الضاد.

هناك مدح وقدح بالفضائيات العربية، لكنها أحسن من مجامع اللغة العربية في تفهيم ناطقي اللسان العربي لهجات الناطقين بالعربية، خاصة برامج الأطفال في الفضائيات العربية المشرقية التي تؤسس للغة عربية مفهومة من جيل طالع.

المفكر العراقي هادي العلوي كتب "مقدمة في المعجم العربي الجديد" للمقاربة بين العاميات والفصحى، ووضع كشافاً أولياً نحو "قاموس العامي" استناداً إلى قرار لمجمع اللغة العربية - القاهرة ينص على "تحرير السماع من قيود الزمان والمكان ليشمل ما يسمع اليوم من طوائف المجتمع كالحدادين والنجارين والبنائين.. وغيرهم من أرباب الحرف والصناعات".

كنت أقرأ في طبعتين لسيرة عنترة، فوجدت زاداً من المفردات: "ضاء الفجر" و"تكبكبت الفرسان" و"تِعْدمني" للتعبير عن الفقد الشديد لعزيز، و"انعجم لسانه" و"هجّوا في البراري".

فات الباحث العلوي أمر الالتفات للعامية الفلسطينية، وهي ذات شأن لتوسطها عاميات: مصر والشام وجزيرة العرب. نحن نقول "ما في خواص" بمعنى "لا فائدة" ونقول "غُصّ بالك" ولا يوجد بالفصحى ما يضارعهما.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجليس لسان عربي مطعوج تجليس لسان عربي مطعوج



GMT 02:25 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

الأزمة عميقة وممتدة.. فدعونا نتكاتف لمواجهتها

GMT 19:01 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

همسات :من سيفوز بـ"كيكة" العراق؟

GMT 18:57 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

ضـرب «الأونروا» ليس قضية هامشية

GMT 15:56 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

هموم الاقتصاد ... عالمياً وعربياً

GMT 09:01 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

(أردوغان: نصف ديموقراطي، نصف دكتاتور)

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
  مصر اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 09:58 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

استكمال محاكمة 3 متهمين في قضية «تنظيم الجبهة الإسلامية»
  مصر اليوم - استكمال محاكمة 3 متهمين في قضية «تنظيم الجبهة الإسلامية»

GMT 09:56 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

حميد الشاعري يكشف تفاصيل بيع بصمته الصوتية
  مصر اليوم - حميد الشاعري يكشف تفاصيل بيع بصمته الصوتية

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
  مصر اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 07:51 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل اللاعب البرازيلي نيمار يثير الجدل في البرازيل

GMT 12:05 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مكافآت خاصة للاعبي أسوان عقب البقاء في الدورى الممتاز

GMT 14:23 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

تباطؤ التضخم السنوي في تونس إلى 6.2 % خلال أغسطس

GMT 21:51 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

غياب أحمد فتحي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 06:17 2021 الإثنين ,05 إبريل / نيسان

تعرف على أجمل الأماكن السياحية في جزر السيشل

GMT 17:45 2021 الخميس ,25 آذار/ مارس

جي ام سي تطرح تيرين فيس ليفت 2022

GMT 17:26 2021 الأحد ,28 شباط / فبراير

العنف الاسري ارهاب بحق الامان الاجتماعي

GMT 15:03 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

مدرب يؤكد بيراميدز للاعبين أن مواجهة الأهلي حياة أو موت

GMT 12:14 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

الرئيس المصري السيسي يصدر 3 قرارات جمهورية جديدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon