توقيت القاهرة المحلي 04:24:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يالطا 2 مصغّرة !

  مصر اليوم -

يالطا 2 مصغّرة

حسن البطل

تفصلنا أقل من أربعة عقود عن العام 2050، وفيه سيبدأ سباق ديمغرافي روسي ـ مصري، بينما مساحة روسيا تعادل ثُمن برّ الكرة الأرضية (أكثر من 17 مليون كم2) ومساحة مصر أقل قليلاً من مليون كم2. المسألة الحقيقية أنه في العام 2050 ستبقى روسيا دولة عظمى عالمياً، بينما تطمح مصر لتكون دولة عظمى إقليمياً. صحيح أن عدد سكان العالم العربي حالياً يفوق عدد سكان روسيا الاتحادية، لكن في روسيا ربع علماء العالم حالياً، وهي دولة مصدّرة للعلماء.. حتى إلى إسرائيل، حيث هاجر قرابة مليون روسي/ سوفياتي، قسم كبير منهم علماء مسؤولون عن الطفرة الاقتصادية في إسرائيل. بلاش مقارنات مؤسية ـ مؤسفة، عربية ـ روسية، لأن أزمة اوكرانيا تعني تجدد "الحرب الباردة" وعودة القطبية العالمية بين روسيا والولايات المتحدة.. ليس إلى مستوى المواجهة في الستينيات بسبب أزمة الصواريخ في كوبا بين خروتشيوف وكنيدي، ولا إلى المواجهة في برلين بسبب بناء موسكو جدار برلين. دامت أزمة كوبا 33 يوماً مشحونة، وانتهت إلى توافق على سحب الصواريخ الروسية من الجزيرة، لكن مع تعهّد أميركا أن لا تكرر غزوة خليج الخنازير لإسقاط حكم كاسترو. كم ستدوم أزمة اوكرانيا، بعد أن وجدوا حلاً لأزمة جورجيا المطلّة، أيضاً، على البحر الأسود؟ أزمة اوكرانيا تتعلق بأزمة شبه جزيرة القرم، ذات الحكم الذاتي، التي استولت عليها روسيا من الإمبراطورية العثمانية، أواخر القرن الثامن عشر. القرم ليست، فقط، ميناء سيباستوبول، القاعدة البحرية الروسية، بل أوديسا وأيضاً يالطا و20 مليون روسي فيها، حيث عقد ستالين وروزفلت وتشرشل مؤتمر تقسيم أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. مشكلة شبه جزيرة القرم الحديثة بدأت بعد أن "أهداها" الرفيق الكبير نيكيتا خروتشيوف، وهو اوكراني، إلى اوكرانيا، احتراماً لرفاقية الاتحاد السوفياتي، رغم أن معظم سكانها روس أو ناطقين بالروسية، أو ثمرة زواج روسي ـ اوكراني. مع انتقال عدوى الثورات البرتقالية إلى اوكرانيا، طلب رئيس اوكراني موال للغرب هو فيكتور يوشنكو من روسيا إخلاء قاعدتها في سيباستوبول حتى العام 2017، لكن رئيساً آخر هو فيكتور يانكوفيتش يوالي روسيا طلب تمديد بقاء القاعدة حتى العام 2042.. ثم هرب بعد إسقاطه في برلمان كييف. روسيا هي الدولة "البرية" العظمى، لكن هي الدولة الكبرى الأقل في عدد القواعد البرية والبحرية خارج نطاقها، وخاصة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، وتفكك الاتحاد السوفياتي. في المقابل، فإن أميركا هي "امبراطورية" القواعد التي تلفّ الكرة الأرضية من اوكيناوا في اليابان حتى غوانتانامو في كوبا. بعد قيام السوق المشتركة الأوروبية، ومن ثم الاتحاد الأوروبي تمّ تجميد النزاعات القومية والانفصالية في دول غرب أوروبا، لكن هذه النزاعات انفجرت وامتدت إلى أوروبا الشرقية.. ومنها إلى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة. يشبه الوضع الجغرافي والديمغرافي في جزيرة القرم وضع "دانزنغ" وهي جيب ديمغرافي ألماني في بولندا، طالب فيه هتلر، وبسببه اشتعلت الحرب العالمية الثانية، وتأسّس الرايخ الثامن، لأن الشعوب الجرمانية منتشرة في أوروبا. في المقابل، فالشعوب الروسية ـ السلافية منتشرة في أوروبا، وكذا فالشعوب والقوميات غير الروسية منتشرة في الاتحاد الروسي (حوالي 16 قومية). لا يريد الاتحاد الروسي أن يتقدم الاتحاد الأوروبي إلى مناطق نفوذه، وأن ينهار الاتحاد الروسي مثل أحجار الدومينو، وفق نظرية شارل ديغول: أوروبا من الأطلسي إلى جبال الأورال، لأن خمسة ملايين كم روسية واقعة غرب الأورال. إذا كانت روسيا الأكبر مساحة، وفيها ربع علماء العالم؛ وأميركا الأكثر قواعد عسكرية في العالم، فإن الصين هي الأكثر سكاناً بين دول العالم. الأزمة الروسية ـ الأميركية/ الأوروبية غطّت على أزمة بين الصين وأميركا، لأن الصين تتطلع إلى اعتبار نفسها القوة العسكرية والاقتصادية الأكبر في بحر الصين، ومن ثم شمالاً إلى اليابان، وجنوباً إلى أندونيسيا، وهي منطقة غنية بمكامن الغاز والنفط. إذا تحالفت أوروبا مع أميركا في جورجيا وثمّ اوكرانيا، فإن روسيا متحالفة مع الصين وطموحها يتعدّى استعارة فرموزا إلى الانتقام من الهيمنة اليابانية على جنوب شرقي آسيا، واحتلال الصين، التي تريد الثأر من الغرب الذي شنّ "حرب الأفيون" ضدها، كما تريد روسيا الثأر لانهيار المنظومة الاشتراكية وتفكّك الاتحاد السوفياتي. في أزمة كوبا لم يكن الاتحاد السوفياتي مستعداً حقاً لحرب نووية، لكن في أزمات جورجيا ثم الشيان وأوكرانيا فإن روسيا مستعدة للحرب: سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، أيضاً. في يالطا تم تقسيم أوروبا، لكن في أوكرانيا سيتم تقسيم جديد: القرم لروسيا مع سكانه الـ20 مليونا، وباقي أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، علماً أن روسيا ستضم إليها المنطقة الأكثر تطورا. .. وهذه المرة: فتّش عن الاقتصاد.. يا ذكي! الغاز الروسي والسوق الصينية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يالطا 2 مصغّرة يالطا 2 مصغّرة



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:45 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025
  مصر اليوم - مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 14:08 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

اختاري كوشات أفراح مبتكرة في موسم صيف 2018

GMT 01:35 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

عبد الله السعيد يفجر المشاكل بين كوبر وأبوريدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon