حسن البطل
بماذا يحلم الفنان، التشكيلي بخاصة؟ أولاً، أن يكون لديه مشغل (الفنانون يسمّونه "محترف" ـ أتيليه). التشكيلي نبيل عناني (رسّام ونحّات) من أئمة التشكيليين المخضرمين، المجرّبين.
أخيراً، تحقق حلمه: محترف وبيت معاً. يقول الشاعر (درويش) والفنان، أيضاً: حريّتي فوضاي، لكن درويش يناوش فوضى الحرية، لا فوضى بيته، ولا فوضى هندامه؛ ولا فوضى عاداته.
في بيت ـ حلم أشبه، شكلاً خارجياً، بالكعبة، أو "المربع العربي" الذي كتب عنه العبقري الراحل حسين جميل البرغوثي، ما من فوضى سوى في حرية الإبداع المعلّقة لوحاته، بشكل مدروس ومرتّب جداً، على جدران البيت.
بيت عائلي كلية، تزاوج فيه عشق الفنان للضوء الطبيعي (سقف البيت هرم زجاجي، وجانب فسيح من أحد الجدران) مع هندسة، خارجية وداخلية تولاها ابنه المهندس.
تتجول في "كعبة" نبيل كما تهوى وتريد. عين على لوحات فلاحية من طبيعة البلاد ومعمار بيوتها الريفية، ولوحات تجريدية، وعين أخرى على رحابة التصميم الداخلي وبساطته وجدته. كل شيء في مكانه المدروس، من بوابة البيت الخشبية ومحفور حفراً غائراً عليها آيات قرآنية بواسطة الحاسوب، إلى شجرة زيتون تشرب حاجتها من ضوء النهار المتسلل من سقف ـ هرم زجاجي.
أين فوضى الفنان؟ إنها مستورة بأبواب مغلقة، عليها عبارة محظور التطفل والدخول. كنت زرته في بيته ـ محترفه القديم في البالوع، وتطفّلت على فوضاه في محترفه، كما فعلت مع سواه من الفنانين، هنا وفي المنفى، وطالما أحببت حتى العشق فوضى محترف زوجتي الأولى النحّاتة منى السعودي في بيروت، لكن محترفها خارج البيت، فهي تنحت الحجر الصلب (تمثال لها في ساحة معهد العالم العربي بباريس، دشنه رئيس فرنسا السابق وملك الأردن الراحل).
قلت: كعبة لأن شكل البيت مكعب، مالسة تماماً جدرانه من حجر وزجاج، وأقول، أيضاً، ما قاله الرسول: "جنّة المرء داره"، وأنت تدور حول "الكعبة"، ومن قبل زرت البيت قبل التشطيب الداخلي، وكانت أشجار الحديقة الفسيحة قزمة.. والآن شبّت.
أترك لغيري أن يحكي عن لوحاته على جدران كعبته من طابقين، لأنني مأخوذ ومدهوش بالتصميمين الخارجي والداخلي. لماذا؟
شيء مضحك أولاً، في البدء القديم جداً ظنوا أن الرؤية، أو أداة حاسة الباصرة ـ العين، هي التي تصدر ضوءاً ينعكس على الأشياء فتُرى.
ومن ثم؟ قبل مائتي سنة ويزيد حصل انقلاب في اللوحة الأوروبية. الفنانون الرواد التشكيليون العظام حملوا فراشيهم وألوانهم، واتجهوا صوب بلاد المتوسط وإفريقيا حيث الضوء الطبيعي هو الضوء، وحيث التنوّع النباتي أكثر غزارة، والبحر أكثر زرقة.. والسماء، أيضاً.
تعلمت من زوجتي أن تمثال الحجر لا يُرى جيداً إلاّ من انعكاس ضوء النهار الطبيعي عليه... واللوحة، أيضاً. ضوء فوانيس الكهرباء على اللوحات شيء وضوء النهار شيء آخر.. يا سادتي.
تحسبون السيد عناني ثرياً؟ كلا، إنما اشترى الأرض في شبابه، وكان الثمن بخساً مقارنة بأثمان اليوم، ثم بنى "الكعبة" على مهل وتزوج التشكيل الفني التشكيل الهندسي.
لا أدري ماذا تقول سعاد العامري ومركز "رواق" للفن المعماري عن بيت نبيل، لكنني شعرت براحة لم أشعر بها في أي بيت زرته، وإن شعرت براحة أقلّ قليلاً في بيت ياسر عبد ربه في سردا.
كعبة مكة مقدسة، لكن "البيت" مقدس في اللغات السامية كلها.. والفنان يقدس مشغله.
سيكبرون ويتعلمون!
تعقيباً على عمود: "كنا هناك.. وكأننا هنا"، الأحد 9 كانون الأول:
Malek Abdullah: يا أحمد زغبور، هذا دليل كبير على سوء الفهم منك والتسرع في الحكم. الأخ حسن لم ينتقد "حماس" ولم يشتمهم، ولكنه انتقد محاولتهم نسبة الانتفاضة الأولى إليهم، وأعتقد أنك، أيضاً، ترفض هذه النسبة غير الصحيحة، أليس كذلك؟
Zakaria Mohammed: يقول (لك): من أنت؟ يعني زي القذافي: من أنتم؟
محمد مهيب جبر: سيكبرون.. سيعلمون.. سيتعلمون.. ربما يعتذرون.
Basil Nasser: جيل بأكمله فقد لغة الحوار الحضارية.
Alia Swelem: الكل ينجز.. وكلنا على حق فقط عندما نتقبل بعضنا البعض.. ونتقبل أي إنجاز لبعضنا. اسم على مسمّى يا بطل!
نقلاً عن جريدة "الأيام"