توقيت القاهرة المحلي 16:26:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شيكل على نقرة الرأس؟

  مصر اليوم -

شيكل على نقرة الرأس

حسن البطل

من أعاجيب الديمقراطية الإسرائيلية (اليهودية ـ الصهيونية) أن يدافع اليساري المسالم العلماني والملحد والجندي القديم أوري أفنيري عن الحاخام السفاردي اللا ـ صهيوني عوفاديا يوسف. الاثنان دخلا معمعة "المساواة في العبء" التي أثارها العلماني التل ـ أبيبي يائير لبيد زعيم حزب "يش عتيد" مدعوماً جزئياً من العلماني ـ المتدين نفتالي بينيت زعيم حزب "البيت اليهودي"، وجعلاها شرطاً لدخول الائتلاف الحكومي برئاسة نتنياهو. نادراً ما يكتب أفنيري في الصحافة الإسرائيلية، مع أنه كان رئيس تحرير مجلة "هعولام هزيه" (هذا العالم) المتوقفة، وأخيراً كتب مقالة في "هآرتس" مُعنونة "ضد المساواة في العبء"؟ كانت "المساواة" هذه شعاراً جانبياً في "الاحتجاج الاجتماعي" الشهير لخفض أسعار "جبنة الكوتيج" وأسعار السكن، وهي ذات شقين: الأول، دفع "الحريديم" (أتقياء الله) إلى العمل، والخدمة في الجيش. ليدخلوا سوق العمل لا بدّ من إدخال الرياضيات والفيزياء والإنكليزية إلى مدارسهم، وليس الاكتفاء بدراسة التوراة، ليدخلوا الجيش إما كجنود مقاتلين أو في "الخدمة المدنية". هذه المسألة تثير صداعاً لليكود ـ بيتنا، لأن عليه المفاضلة بين تحالف مع المتدينين، أو تحالف مع العلمانيين الجدد. المتدينون قسمان: "شاس" السفاردية و"يهودوت هاتوراة" الاشكنازية. العلمانيون قسمان: "إسرائيل بتينو" الروسية العلمانية شريكة الليكود، و"البيت اليهودي" الصهيوني ـ الديني المتطرف شريك "يش عتيد" في الدخول معاً للحكومة أو الذهاب للمعارضة.. حتى الآن! المفارقة أن "البيت اليهودي" بدوره هو ائتلاف بين بقايا "المفدال" (الحزب القومي الديني) وبقايا حزب "هتحيا" الذي صار "تقوما" (البعث) أي ائتلاف ديني ـ صهيوني، حيث يضم أربعة نواب من "المفدال" القديم في خلاف مع حزب "شاس" حول الخدمة في الجيش. الأول يؤيد، والثاني يهدد بالهجرة من إسرائيل، أو حتى "حرب أهلية". سخر المرشد الروحي لـ "شاس" الحاخام عوفاديا يوسف من جماعة "الصهيونية المتدينة" التي ينتمي إليها حزب "البيت اليهودي" وقال: إن "الكيبا" (القبعة) على رؤوسهم هي في حجم الشيكل! ويقصد معتمري القبعات المطرّزة. واضح أنه يعارض كلياً الخدمة في الجيش، ويباهي بأن حاخامات "شاس" أكثر دراسة وتعمقاً في التوراة. ما هو أساس المسألة؟ إنه يتعلق ببنية دولة إسرائيل التي تقوم على أربعة أسس: الجيش، الهستدروت، الكنيست، الكيبوتز، وأهمها الجيش كبوتقة صهر، وهو أكثرها شعبية لأنه "جيش الشعب" والخدمة فيه إلزامية، ولكن مع استثناء "الحريديم" من أتباع "شاس" ولحدّ ما بعض المتدينين. لماذا يعارض أفنيري "المساواة في العبء"؟ لأسباب أيديولوجية ـ أخلاقية، ولأسباب عملية. أيديولوجياً لأن الطائفة الأصولية مختلفة، ونظرتها للحياة "سلفية يهودية"، والخدمة في الجيش ستحطم عقيدتهم الأصولية. عملياً، لأن الجنود الأصوليين لن يطيعوا ضباطهم بل حاخاماتهم، واستيعابهم سوف يكبد الجيش نفقات هائلة ناجمة عن احترام طريقة حياة "وحدات أصولية". كان التجنيد الإلزامي جزءاً من الصهيونية الاشتراكية، وهذه انتهت كما انتهى الاحترام للكنيست والأحزاب والكيبوتز والهستدروت. والحل؟ يقترح أفنيري تحويل الجيش الكبير إلى جيش صغير مهني وتطوعي وتكنولوجي، كما هي الحال في جيوش الديمقراطيات الغربية (أميركا بعد فيتنام مثلاً). المعنى؟ إذا كانت إسرائيل ديمقراطية فيجب أن تحترم خيارات السلفيين اليهود اللاصهيونيين، وأن تغيّر نظام الخدمة الإلزامية إلى خدمة تطوعية مأجورة، وأما الفلسطينيون في إسرائيل فهم شعب آخر يرفض خدمة الجيش الخدمة الوطنية لأسباب أخرى (دولتي ضد قوميتي) علماً أن دعوات تجنيدهم غير جدية لأن إسرائيل تخاف تدريبهم عسكرياً على نطاق واسع. يصعب على الليكود التخلي عن "شاس" لأنه صعد في انقلاب 1977 على أكتاف "اليهود الشرقيين" ويصعب على "شاس" التخلي عن "دراسة التوراة" ومدارسها الخاصة، ويصعب على العلمانيين والصهاينة ـ المتدينين قبول الظاهرة الأميركية حيث السود والإسبانيوليون سيشكلون غالبية السكان، أي "شرقنة إسرائيل". .. ويصعب جداً على إسرائيل التخلي عن مركزية الجيش في حياة الدولة، إلاّ إذا تحقق الحلم البعيد لحزب "يش عتيد" أي أن تكون "الإسرائيلية" هي البؤرة والمركز، وليس الصهيونية أو اليهودية.. أو تحقق السلام الإقليمي. السلفيون في البلاد العربية مشكلة متفجرة، لكن السلفيين في إسرائيل مشكلة كامنة قد تنفجر وقد يجدون لها تسويات عابرة رفض الخدمة العسكرية في الأراضي الفلسطينية "لأسباب ضميرية" ظاهرة محدودة، ورفض الخدمة لأسباب دينية ظاهرة أخرى أوسع نطاقاً. نقلاً عن جريدة "الأيام" الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شيكل على نقرة الرأس شيكل على نقرة الرأس



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
  مصر اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 12:06 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
  مصر اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 07:51 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل اللاعب البرازيلي نيمار يثير الجدل في البرازيل

GMT 12:05 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مكافآت خاصة للاعبي أسوان عقب البقاء في الدورى الممتاز

GMT 14:23 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

تباطؤ التضخم السنوي في تونس إلى 6.2 % خلال أغسطس

GMT 21:51 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

غياب أحمد فتحي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon