توقيت القاهرة المحلي 19:32:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"أبو طارق" ميسرة

  مصر اليوم -

أبو طارق ميسرة

مصر اليوم

  شعرت بالإحراج لما عاتبني، أمس صباحاً، "غريب" عامل مقهاي، وسألني أن أكتب عن الشهيد ميسرة "أبو طارق". العتاب حقه، والإحساس بالإحراج حق قرّائي عليّ. قضية الأسرى، والسجناء السياسيين، والمعتقلين الإداريين في سجون العدو، قضية وطنية أولى لا يتقدمها سوى قضية استشراء الاستيطان، بل وتتقدمه آنياً. عن الاستيطان أكتب، فلماذا ليس عن الأسرى؟ لأنني لم أجرب السجن يوماً، لا عربياً ولا إسرائيلياً، ولم أتعرض لـ "ضربة كفّ" ولو ضويقت وأوقفت ساعات ومنعت قطعياً من دخول هذا البلد العربي أو ذاك. ليس "ابو طارق" أول أو آخر من يموت في السجن الإسرائيلي، لكنه يستحق وافر احترامي، وهو الأصغر مني بأربع سنوات، لأمرين. الأول: بين العامين 1969 و1978 تعرض للاعتقال عدة مرات فترات متفاوتة، وأُبعد إلى الأردن، فكان يعود للعبور.. وكان يعتقل ويُبعد مرّة أخرى. العناد جزء من مدرسة النضال. في العام 1998 عاد منتهزاً فرصة سماح إسرائيل بعودة كوادر لحضور مؤتمر وطني في غزة، وما لبث أن اعتقل عام 2002 وحكم بالسجن 25 عاماً عام 2005، ثم مدّد القاضي العسكري الاحتلالي سجنه إلى 99 سنة عام 2007. الأمر الثاني في سيرته العنيدة على العودة رغم خطر الاعتقال والاعتقال الفعلي، هو إنجابه أربعة أبناء، والأمران معاً يختصران المواجهة بين السجن والسجّان، وبين المناضل، قبل أوسلو وبعدها، قبل الانتفاضة الأولى وخلال الانتفاضة الثانية، وفي شرخ شبابه وفي كهولته، أيضاً، كان له حربه الخاصة في حرب شعبه ضد الاحتلال. ربما انتقاماً وضعياً وبربرياً من عناده ونضاله لم يفكّوا قيوده في معصميه حتى بعد أن أصيب بمرض السرطان، وهذه بربرية، فإلى أين يهرب مريض بالسرطان ومحكوم بالسجن 99 عاماً؟ موت "أبو طارق" ميسرة أبو حمدية في السجن زاد الغضب الشعبي ضراماً، فقد أعقب استشهاد الشاب عرفات جرادات في السجن، بينما ضرب بعض المضربين المعتقلين إدارياً، مرة تلو المرة، عن الطعام، رقماً قياسياً دولياً في طول الإضراب الذي يحمل رايته سامر العيساوي. كأن سلطات إسرائيل تتعمّد رفع درجة الاحتجاج الشعبي والاحتقان إلى حدّ الانفجار، فهي ترفض الإفراج عن المعتقلين القدامى الـ 120 ما قبل أوسلو حسب طلب رئيس السلطة ووعود إسرائيل لها، علماً أن "ابو طارق" حوكم وقت الانتفاضة بلائحة اتهام طويلة، بعضها يعود إلى العام 1991، أي قبل اتفاق أوسلو. طلبت السلطة من إسرائيل الإفراج عن الأسير المصاب بالسرطان لتتولى علاجه ما أمكن، وكانت إسرائيل تستطيع بسهولة الاستجابة لمبادرة إنسانية، فقد يكون المريض ميئوس الشفاء، والحكمة أن لا يقضي في السجن.. لكنه الحقد والعناد! العناد هو ما يمنع سلطة الاحتلال الاستجابة إلى طلب المضربين عن الطعام، المتهمين بمخالفات بسيطة لشروط الإفراج عنهم في "صفقة شاليت"، الأمر الذي قد يؤدي إلى وفاة سامر ورفاقه، ومن ثم رفع درجة الاحتقان الشعبي إلى درجة الانفجار، بينما تحاول واشنطن إيجاد أسس تسمح بعودة المفاوضات. من حق الواقع تحت الاحتلال أن يقاومه، وعندما سُئل وزير الدفاع السابق إيهود باراك: لو كنت فلسطينياً ماذا تفعل؟ قال: ربما سأكون عضواً في منظمة تخريبية فلسطينية. إسرائيل تعطي نفسها ترخيصاً مفتوحاً بالاعتقال، وحتى بالاغتيال، ناهيك عن أحكام سجن تنكيدية وتعجيزية مثل إيقاع عقوبة السجن مدى الحياة، أو الحكم بعدة مؤبّدات.. وهذا أمر غير معروف في أي دولة أخرى.. لا بوليسية ولا ديمقراطية. بين ضغط الشارع الفلسطيني، وضغط إسرائيل على السلطة في مسألة المعتقلين والأسرى، ومسألة الاستيطان، تريد إسرائيل للأمور أن تنفجر، ولأية مفاوضات أن تفشل قبل بدايتها أو خلال التفاوض. هذه سياسة متعمّدة، ومنها أن إسرائيل جرّت الانتفاضة الثانية من بداياتها السلمية إلى العنفية، وعندما كانت هدنة تسري، تتعمّد إسرائيل القيام بعملية اغتيال لتفجير الأوضاع، كما فعلت باغتيال رائد الكرمي في طولكرم بعد هدنة استمرت شهراً. نقلاً عن جريدة "الأيام"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبو طارق ميسرة أبو طارق ميسرة



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
  مصر اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 12:06 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
  مصر اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 06:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:40 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونيخ يتعرض لغرامة مالية بسبب الالعاب النارية

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 19:30 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة نجلاء بدر تعلن وفاة عمها عبر "فيسبوك"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon