توقيت القاهرة المحلي 21:23:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حالة سعار موصوفة؟

  مصر اليوم -

حالة سعار موصوفة

حسن البطل

في وقت ما، مكان ما حصلت هذه الواقعة: شاب فلسطيني أو غلام، نقَّف بـ "الشعب" بنورة فأصابت عين جندي إسرائيلي. هذه مصادفة، أو "رمية من غير رام"، أو كما يقول السوريون واللبنانيون: "أصاب عين الديك". الديك هنا جندي يحمل بارودة، والبارودة فيها جهاز تسديد "تنشين" والطلقة، المطاطية، المعدنية الحيّة قتلت وأقعدت وجرحت عدداً لا يحصره عد من فتية راشقي الحجارة، بذريعة "حياة الجنود في خطر"! لا أذكر أن جندياً إسرائيلياً، في المقابل، فقد حياته من رشقه حجر، لكن رشقة قرب الخليل تسببت في انحراف سيارة مستوطن وتدهورها ووفاة ابنته الصغيرة. إسرائيل تعاملت مع الحادث كعملية "إرهابية"، ثم عممت تهمة الإرهاب على الرشق بالحجارة، واعتقلت شباناً بهذه التهمة، وتوفي أحد الشبان تحت وطأة التعذيب. قبل فترة وجيزة، اشتكى جنود مدجّجون أنهم يضطرون للتراجع مثل كلب ذيله بين قائمتيه، أمام راشقي الحجارة، وطالبوا بتعليمات فتح النار بشروط أقل تشدداً من المعمول بها، وسارع ساسة ونواب وجنرالات، أيضاً، إلى التجاوب. تتطور المشكلة من جنود وشبان، حجارة وطلقات إلى مواجهات بين غلاة مستوطنين ومواطنين، لا يقف فيها الجنود "قوة فصل" بل قوة حماية ودعم لـ "فتيان التلال"! في بداية مواجهات المستوطنين والمواطنين، كان غلاة المستوطنين يرفعون شعار "رد صهيوني ملائم" أي إقامة بؤرة استيطانية في مكان لقي فيه مستوطن مصرعه، أو إقامة بؤرة على اسمه. غالباً، تقوم حكومة إسرائيل بحثّ أو تسويغ أو تشريع البؤر، التي تتطور إلى مستوطنة، وهذه إلى سلسلة مستوطنات متقاربة منذ بعض السنوات، وخصوصاً بعد صيحة شارون لشبان التلال: "اصعدوا كل تلّة" وتضاعف عدد المستوطنين بمئات النسب المئوية، صار "فتية التلال" يرفعون شعار "شارة ثمن" وهي نمط من الاعتداءات بلا سبب معين، أخذت تطال الشجر والبشر والبيوت ومصادر المياه وأماكن العبادة الإسلامية والمسيحية، وحتى تخريب الأملاك مثل السيارات.. ولا توفر حتى التعرض بالسخرية من جنود الجيش الإسرائيلي أو التحامل على ضباط هذا الجيش بالبصاق أحياناً، وبالاتهام بالنازية، بمن فيهم قائد الضفة الجنرال نتسان ألون! في مقابل التعامل مع رشقات الحجارة كعمليات إرهابية، ترفض القيادة السياسية الإسرائيلية العليا توصيات من قيادات الأمن الإسرائيلي بالتعامل مع عمليات متشعبة ومتمادية لـ "شارة ثمن" بالمثل، بل تعتبرها تجاوزات غير مسموح بها من تنظيمات مستوطنين غير معترف بها. هذا التعامل المزدوج أدى إلى أن ينقل غلاة الشبان المستوطنين عملياتهم من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى أراضي دولة إسرائيل، وحتى إلى القدس بشطريها. إسرائيل لا توفر الشبان الفلسطينيين القاصرين من رماة الحجارة لا من طلقات البنادق، ولا من الإصابات القاتلة أحياناً، ولا من الأحكام القاسية بالسجن. في المقابل، يستخدم المستوطنون شباناً قصّر تحت سن المحاسبة القانونية لتنفيذ عمليات "شارة ثمن" التي امتدت من مناطق الاحتكاك بين المستوطنة والقرية في الأراضي المحتلة، إلى مناطق وقرى في إسرائيل كانت تعتبر مثالاً للتعايش، كما حصل مؤخراً في "أبو غوش". يستطيع رئيس اسرائيل شمعون بيريس، ومفتش شرطة إسرائيل، وسياسيون ومثقفون وآخرون أن ينددوا ويدينوا هذه الأعمال، لكن العبرة هي أن غلاة المستوطنين يتشجعون من غلاة السياسيين المتطرفين الذين ينكرون على الفلسطينيين ليس فقط سلاح الحجارة، بل الحقوق السياسية، أيضاً، ومن ثم فطالما حذّر البعض في إسرائيل من أن مشروع الاستيطان لا يحتل أراضي الفلسطينيين وحقوقهم، بل يهدد باحتلال دولة إسرائيل، أيضاً، وجعلها دولة عنصرية صريحة. لا مقارنة بين خطورة المستوطنين اليهود و"الكولون" الفرنسيين المعمّرين في الجزائر، لكن هؤلاء الأخيرين مارسوا الإرهاب في الجزائر تحت اسم "الأقدام السوداء"، ثم نقلوا الإرهاب إلى فرنسا تحت اسم "الجيش السرّي". السعار سعار في المستوطنين الفرنسيين، وفي البيض في جنوب أفريقيا، لكنه هنا سعار أخطر على فلسطين وإسرائيل. كان في فرنسا ديغول، وليس في إسرائيل ديغول. نقلاً عن جريدة " الأيام الفلسطينية "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حالة سعار موصوفة حالة سعار موصوفة



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:45 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025
  مصر اليوم - مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 06:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:40 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونيخ يتعرض لغرامة مالية بسبب الالعاب النارية

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 19:30 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة نجلاء بدر تعلن وفاة عمها عبر "فيسبوك"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon