توقيت القاهرة المحلي 23:16:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لو أني أدق له عنقه؟!

  مصر اليوم -

لو أني أدق له عنقه

حسن البطل

صرتُ أحيدُ عن دربي الصباحي: بيتي - محطة باصات بيتونيا - مقهاي .. ثم مكتبي. صرتُ أفهم ما أريد من معاني مديح محمود درويش لمعاني الاشجار. أمرّ في دربي الصباحي بشارع البريد، وفي هذا الشارع وقعت جريمة، بل جريمتين متسلسلتين بحق شجرة من اشجار الشارع .. وفي عامين متواليين! أنا (وأنتَ) في قمة حياة الثدييات، والشجرة في قمة حياة النبات. وفي شارع البريد - رام الله فهمت لماذا قال درويش: "سيل من الأشجار في دمي .. أتيتُ أتيتُ"، وكنت أفهم مديحه للشجر "الشجر العالي كان نساء / كان لغة". الحياة أنثى .. والشجر لغة الحياة. هل رأيتم "إنهم يقتلون الجياد" او رأيتم هذا الفيلم "صمت الخراف" حيث يسلخ قاتل سادي متسلسل، عاجز جنسياً، جلود ضحاياه .. ويتعرى ويرقص طرباً؟ "إنهم يكسرون الاشجار. أشجار الطرق بالذات، ولكن قاتل الشجرة السادي المتسلسل في شارع البريد يدّق عنق شجرة بالذات، امام حانوت بالذات، ويكرر جريمته كلما غرست البلدية شجيرة مكان الشجيرة القتيلة، كمن يفصل رأس انسان عن جسده .. ثم يضع الرأس فوق الجثة، او يعيد غرس تاج الشجرة الى جانب جسدها! فعلها هذا المجرم السادي، القاتل المتسلسل مرتين خلال عامين، وقد يفعلها ثالثة في الربيع المقبل. سفاح متسلسل مثل السفاح المتسلسل في "صمت الخراف". هل يقتل ويضحك حبوراً مثله؟ صرتُ أحيد عن دربي الصباحي، مثل طفل اكتوى بالنار، فقد يفعلها المجرم، سفاح الشجرة / الشجرة مرة ثالثة، وغالباً يفعلها ليلاً، لأني أمرّ من الدرب صباحاً، فأرى رأس الشجرة (تاجها) مقطوعاً ومغروساً في التراب كأني أرى جثة قتيل مقطوع الرأس، ورأسه المقطوع على جسده؟ هو واثق ان احداً لن يراه ليلاً؛ وأنا واثق أني لو رأيت فعلته لتمنيت أن أدقّ له عنقه. هناك في الشعر: النطع والسيف، وهناك المقصلة، وهناك في بعض المصارعة ان "تدق عنق" خصمك دون ان تفصل الرأس عن الجسد. تقتل رقبته بذراعيك بسرعة. يقول بعض قرائي المثابرين إنني لو لم أكن كاتباً سياسياً لكنت قصصياً، وكانت بداياتي ككاتب قصة معنونة "مصرع الشجرة الرابعة". انها شجرة على رصيف شارع دمشقي (شارع الانشاءات الموازي لشارع بغداد، وفي موقف باص امام بيتي كان من يتسلى بسلخ لحاء الشجرة، فما كان مني إلاً وجلبت جلداً صناعياً وسلكاً .. ثم "قمطت" ساق الشجرة .. الى ان دهمتها سيارة رعناء! "سيل من الاشجار في دمي .." كناية عن عنفوان الحياة، كما "دمي بريد الانبياء" كناية عن عنفوان الامل، كما "نحب الحياة إن استطعنا اليها سبيلاً" كناية عن عنفوان العناد في النضال. يحمور الدم الأحمر هو الأخ الشقيق ليخضور النبات، الذي هو الأخ غير الشقيق لفلز (معدن) الارض. ولعل الشجرة كانت تبكي بلا صوت اذا علّقوا على فرع من فروعها حبل مشنقة و"دندلوا" في الحبل جيد انسان مظلوم او مجرم .. لا فرق! لكنني إزاء قاتل متسلسل لهذه الشجيرة على رصيف شارع البريد - رام الله واثق ان اشجاراً أخرى ستنمو وارفة، وعلى فرع من فروع شجرة ناجية من كاسري الاشجار، قد أعلق حبلاً على فرع، ثم اعلق رقبة القاتل في الحبل .. وهكذا أدق له عنقه، كما دقّ عنق الشجرة القتيلة مرّة مرتين، وقد يدق عنق الشجرة مرة ثالثة. لن أمر من طريق الجريمة. * * * في مشروع من مشاريع مئوية بلدية رام الله، جعلوا شارع ركب وشوارع قلب المدينة أخضر. وها هي الاشجار تعلو قامة المتسكعين في شارع ركب (الشارع الرئيسي) ومعظمها من "ناجيات ركب" وصارت جذوع بعضها في حجم زند الذراع عصية على الكسر بأيدي المرضى من كاسري الشجر. قلت: سأدق للقاتل عنقه، كما دق عنق الشجرة.. لكنني لن افعل، بل سأحيد عن درب وقعت فيه جريمة قتل متسلسلة. .. وأحيد ايضاً عن درب تحبو على شارعه حشرة او "دويبة" .. نملة، او خنفسة مثلاً. نقلاً عن جريدة "الأيام الفلسطينية "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو أني أدق له عنقه لو أني أدق له عنقه



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:45 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025
  مصر اليوم - مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 06:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:40 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونيخ يتعرض لغرامة مالية بسبب الالعاب النارية

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 19:30 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة نجلاء بدر تعلن وفاة عمها عبر "فيسبوك"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon