حسن البطل
أولاً : (77%) من فلسطينيي الضفة الفلسطينية "يتسهلون" دائماً (44%) او احياناً (33%) من مدينتهم الى عملهم.. وبالعكس. ثانياً : (95%) من المتسهلين اليوميين والاسبوعيين لا يصدقون "تسهيلات" اسرائيل على الاطواق الداخلية، بعد كل هدوء عابر. ثالثا: (62%) من هؤلاء لا يتوقعون ان يجترح "المراقبون الدوليون" المقترحون اعجوبة السفر الفلسطيني العادي بين مدينة واختها من مدن الضفة، في مقابل (13%) يتوقعون خيرا في هذا الخصوص، و(25%) لا يجدون جواباً.
هذه بعض معطيات أحدث استطلاع رأي اطلعت عليها، بالأمس، وهي قيد النشر من جانب "الهيئة العامة للاستعلامات" الرسمية، وبالاحرى مكتبها الاقليمي، لسائر الضفة، الموجود في نابلس.
الطريف في الاستطلاع امران: ان مدير المكتب لم يستطع الالتحاق بعمله؛ والثاني: ان موظفين من 31 موظفاً، فقط لا غير، استطاعوا الالتحاق بالمكتب الاقليمي. لماذا؟
هناك موقع، جنوب شرقي نابلس، يسمى "الحمرة" وهو ممر اجباري لدخول نابلس، سواء قصدتها آتياً من الجنوب (رام الله)، او الشمال (جنين) او الغرب (طولكرم، قلقيلية).
في ذلك الموقع الحاكم، حفر الجيش الاسرائيلي خندقا، لا تستطيع السيارة "الالتفاف" عليه بتسلق الجبل الوعر، ولا تستطيع الالتفاف عليه بنزول الوادي السحيق.
للعلم، فالطريق الالتفافي الفلسطيني الجديد من رام الله الى نابلس، يقودك، اولاً، الى الرام (ضاحية القدس) ثم الى قرب الطيبة (حافة الاغوار). والنتيجة: ان سفر الـ 40 دقيقة صار ساعة ونصف الساعة، ثم صار ثلاث ساعات، وذات يوم قبل اسبوعين، تبلدت احاسيس الجنود على الحواجز .. فتطلب السفر من نابلس الى رام الله تسع ساعات ونصف الساعة.
يوم السبت، امس صباحاً، كان مئات من "المتسهلين" من رام الله الى نابلس، ينتظرون الفرج عبثاً. وهكذا، وصلت نتائج الاستطلاع حول "سفر برلك" الفلسطيني عبر الفاكس. نعود الى معطيات الاستطلاع:
.. ورابعاً : يرى (50%) من المواطنين المستطلعين ان هدف الاطواق هو "الضغط على السلطة" و(22%) يعتقدون ان هدفها "خلق واقع ينبني عليه اي اتفاق مستقبلي" و(23%) يفسرون الاطواق تفسيرات مختلفة .. وفقط، (4%) يصدقون ان أمن المستوطنين هو السبب.
* * *
هناك 2500 كم من الطرق المعبدة، متفاوتة المستوى، في الضفة. وهناك ضمنها 1250 كم من "الطرق الالتفافية" للمستوطنات اليهودية، او "الطرق المشتركة" للمواطنين والمستوطنين، التي يترتب على جيش الاحتلال مراقبتها.
الى ذلك، هناك 450كم من الحدود بين الضفة واسرائيل، اضافة الى 150كم بين الضفة والاردن. هذه الشبكة العنكبوتية من الطرق الداخلية، ومن الحدود "الخضراء" او "الزرقاء" هي وجه من وجوه الصراع، ووجه من وجوه الأمن .. ولكنها، اولاً: وجه من وجوه "الحياة اليومية" الراهنة.
ما هو وجه المفارقة، ايضا: معظم المستوطنين لا يشعرون بـ "الامن" خلال تنقلهم على الطرق الالتفافية.. رغم توفر الطرق المريحة. لكن، معظم الفلسطينيين (77%) لا يفكرون بالأمن، بل بعثرات الطريق، من الدروب الوعرة (5%)، الى التعويقات على حواجز جيش الاحتلال (5%)، او حواجز المستوطنين (3%) بينما يقول (87%) ان كل احوال التنقل، وشروطها، وظروفها المتغيرة، تشكل صعوبة.
* * *
في التعبير الفلسطيني الدارج، ان الذي يسافر يكون قد "تسهّل" وقبل السفر يكون الدعاء "الله يسهّل عليك". ويبدو ان شبكة الطرق العنكبوتية، وشبكة الحواجز، وشبكة المستوطنات، والطرق الالتفافية تعطي مبررا لوصف السفر بـ "التسهيل" وموجبا للدعاء "الله يسهّل عليك".
وفد زائر من جنوب افريقيا، ابلغ الصحافيين الفلسطينيين بأن وضع الطرقات وأحوال التنقل في الضفة الغربية والقطاع، تعتبر أشد بكثير مما عانته جنوب إفريقيا في ذروة سياسة "الفصل العنصري" و"المعازل".
نقلاً عن جريدة "الأيام"