حسن البطل
يبدو لي أن يائير لبيد "مش قليل"، ليس لأنه أسس ويقود أكبر "الفقاعات" الحزبية الاسرائيلية (الحزب الثاني في الائتلاف الحاكم مع ١٩ نائباً، أي في عدد نواب الليكود، دون تحالفه مع اسرائيل بيتنا)، بل لأنه يرفع لواء قد نسميه: أنا اسرائيلي اولاً، وصهيوني ثانياً، ويهودي ثالثاً!بالأغلبية رفضت المحكمة العليا الاسرائيلية تدوين "اسرائيلي" بدل "يهودي" في خانة القومية - الجنسية، وقالت ان الاوان لم ينضج بعد لذلك. مع ذلك، تحالف حزبه "يوجد مستقبل" مع حزب "البيت اليهودي" بزعامة ضابط الاحتياط والمستوطن نفتالي بينت، الذي يقول باليهودية اولاً، كما تحالف الليكود مع اسرائيل بيتنا بزعامة افيغدور ليبرمان (١١ مقعداً مثل البيت اليهودي).اذا كانت ولاية نتنياهو الثالثة هي الاخيرة، فإن لبيد، ابن المحامي العلماني الراحل يوسف (تومي) لبيد هو اقوى المرشحين لخلافته، ومن ثم فإن الخلاف بين زعيم "الليكود" نتنياهو وزعيم "يوجد مستقبل" يائير لبيد ليس هامشياً، فبينما يطالب يطالب الاول الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية دولة اسرائيل، لا يرى الثاني داعياً لهذا الاعتراف، مع موافقته على ان اسرائيل يهودية: "استطعنا الحفاظ على يهوديتنا ٢٠٠٠ سنة، ولست بحاجة لطلب الاعتراف من ابو مازن بيهودية دولتنا"!يرى لبيد ان استمرار السيطرة على ٤ ميلايين ونصف من الفلسطينيين هو الذي يضر بيهودية الدولة، ويطالب بحدود واضحة ترسم الانفصال بين الشعبين والدولتين، علماً ان ترسيم الحدود موضع خلاف في المفاوضات الجارية، وكذلك مبدأ المبادلات الارضية المتكافئة لتكون مساحة الدولة الفلسطينية مكافئة لمساحة الاراضي الفلسطينية المحتلة بعد العام ١٩٦٧.السؤال الأزلي: من هو اليهودي: فرّخ سؤالاً آخر: من هو الاسرائيلي؟ يرى احد الكتاب الاسرائيليين انه دون حل اسرائيل لعلاقتها الديمقراطية مع الشعب الفلسطيني فيها لن يكون هناك جواب، وجوابه هو: توجد وطنيتان، الاولى يهودية - صهيونية - اسرائيلية، والثانية: عربية - فلسطينية - اسرائيلية، ودون امتزاجهما معاً، كما اوكسجين الهواء والآزوت لن تتحقق قومية اسرائيلية جديدة. هذا هو المستحيل الرابع .. ربما!في جانب آخر من السجال الاسرائيلي، اي الهجرة اليهودية اليها، اتخذ لبيد موقفاً حاداً من الهجرة المعاكسة، وبخاصة الى المانيا وبرلين بالذات، التي ازدادت وتيرتها في السنوات الاخيرة، وبخاصة بين الشبان اللامعين في العلوم والتكنولوجيا.توجد معطيات حول الهجرة اليهودية العربية الى اسرائيل اوائل ومنتصف عقد خمسينيات القرن المنصرم، التي انقذت اسرائيل. وتوجد معطيات حول الهجرة اليهودية الروسية اليها، اواخر ومنتصف عقد التسعينيات من القرن المنصرم، وحتى حول ميزان الهجرة المختل من اسرائيل الى اميركا لغير صالحها.من الواضح ان حساسية الهجرة من اسرائيل الى المانيا (التي في قمة الازدهار الاوروبي، وفي حضيض المولودية) ناشئة عن كونها تسخر من تعظيم دور الهولوكوست والنازية في اقامة اسرائيل، ولكنها تعتبر مؤشراً منذراً الى احتمال هجرة معاكسة لليهود الروس والسوفيات من اسرائيل، اذا ازدهرت روسيا الجديدة، وصارت ديمقراطية.ما يخيف اسرائيل، وقد فاق عدد يهودها ومتهوديها الروس، الستة ملايين، وسكانها ناهزوا الثمانية ملايين، ليس هذه النكتة القديمة: على آخر المغادرين ارض الميعاد اطفاء الانوار، بل الميزان الديموغرافي بين شعبي ارض فلسطين - اسرائيل.السجال الثالث في اسرائيل هو حول ضربة اجهاض منفردة للمشروع النووي الايراني، الذي جعله نتنياهو مشروع حياته، بينما يرى سواه ان اسرائيل عليها ترويض نفسها على ايران نووية، مع تغيير سياستها من "منع" اجتياز ايران "العتبة" النووية، الى "ردع" ايران عن استخدام مفترض لسلاحها النووي."السلام المسلح" وتفوق اسرائيل فيه بعد حزيران ١٩٦٧ قاد الى سلام سياسي مع دولتين عربيتين مجاورتين، وشروع تسوية وسلام مع الفلسطينيين، فلماذا لا يكون "السلام النووي" وتفوق اسرائيل فيه عامل سلام سياسيا اوسع نطاقاً؟كم حرباً نشبت بعد الحرب العالمية الثانية؟ وكم نزاعاً مسلحاً نشب في المنطقة بعد "آخر الحروب" النظامية ١٩٧٣. لكن السلاح النووي استخدم مرة اولى وأخيرة!