توقيت القاهرة المحلي 21:39:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل مات "اللامنتمي" فقيراً

  مصر اليوم -

هل مات اللامنتمي فقيراً

حسن البطل

لم أقرأ عن روائي في غزارة البريطاني الراحل حديثاً كولن ولسون عن ٨٢ من بين ١٥٠ رواية وكتاباً له، قرأت في شبابي الجامعي اربعاً، لعل أهمها في رأيي: "اللامنتمي" و"ما بعد اللامنتمي" و"طقوس في الظلام" .. لكنني شربت القهوة في حي سوهو اللندني، وتذكرت عنوان رواية ثالثة له قرأتها "ضياع في سوهو"! امّحت من ذاكرتي تفاصيل روايات أغاثا كريستي، سوى عنوان واحدة "جريمة في قطار الشرق السريع" ولا أتذكر اي عنوان من روايات بوليسية أخرى لشرلوك هولمز وأرسين لوبين، وأخيراً، بلغت من العمر ما أبعدني عن قراءة سخافات أي من روايات (او مشاهدة أفلام) هاري بوتر، لكنني شاهدت، تكراراً، فيلماً ممتعاً لا علاقة له بها، وهو "في البيت لوحده"!. صدرت أهم رواياته "اللامنتمي" في العام ١٩٥٦ في عز دين الاستقطاب الأيدولوجي والسياسي، لكنني قرأتها بعدها بعشر سنوات. لعل الجيل الذي قرأها هو الذي صنع ثورات التململ والتمرد الشبابي في أواخر ستينيات القرن المنصرم، في فرنسا بالذات، وكذلك في تمردات حصلت في بعض بلدان "الكتلة الشرقية" .. وربما الثورة الفلسطينية؟! في صدورها الأول لاقت رواجاً لافتاً، حيث بيعت ٥ آلاف نسخة في يوم واحد، لكن في أيامنا يبيعون أضعاف ذلك من روايات ج.ك. رولينغ عن سلسلة "هاري بوتر" ويصطف عشرات الالوف للحصول على اولى نسخ الاجهزة الرقمية الحديثة من (آي - فون) واضرابها! هل مات كولن ويلسون فقيراً أو ثرياً وميلونيراً مثل ج.ك. رولينغ؟ لا أعرف، لكن رواية "اللامنتمي" جمعت ٢٠ ألف باوند ( جنيه استرليني)، وهذا يعادل في السعر الجاري ٤٣٠ ألف باوند. سألتفت الى التضخم النقدي، لأنه كان جزءاً من ردي على صديق أثار سؤالاً: دفع العالم الى السلطة الفلسطينية مبلغاً من المليارات يعادل ضعف ما انفقته اميركا على ترميم الاقتصاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية (مشروع مارشال). كان العرب القدماء يجهلون رقم "المليون" ويقولون "ألف - ألف"، والآن يقول العالم بمليون - المليون (بليون او مليار) ومضاعفات البليون التي هي "التريليون". في ذروة الحرب العالمية الثانية تبرعت أميركا بإصدار شيك لصالح ملكة بريطانيا، وكانت قيمته آنذاك ١٠ ملايين جنيه استرليني للمجهود الحربي البريطاني. لا اعرف، هل الجيل المقبل سيقرأ عن مضاعفات التريليون، لكنني أتذكر ان أضخم ميزانية في تاريخ سورية إبان وحدتها مع مصر كانت ٢٤٠٠ مليون ليرة سورية، اي بضع مئات ملايين الدولارات. الآن، يكتب الزميل السوري حسن م. يوسف حنيناً الى "الليرة" السورية ذات اللون الفضي، علماً ان اوقية لحم الضاني في سورية قبل الوحدة مع مصر كانت ٣٥ قرشاً، اي كان يمكن لليرة المحتجبة ان تشتري اكثر من نصف كغم من لحم الضاني .. والآن، يتعاملون هناك بالعشر ليرات بالكاد! كانت لإسرائيل ليرتها قبل الشيكل ثم الشيكل الجديد، وكان لتلك الليرة اصغر المفردات اي "القرش" وبه غرّمت المحكمة الإسرائيلية الضابط المسؤول عن مجزرة قبية وكل ما في الأمر انهم حذفوا صفرين من الليرة لصالح الشيكل، ثم صفرين آخرين من الشيكل لصالح الشيكل الجديد (حداش). زميلي التونسي محمد علي اليوسفي يسخر بالأمس على "الفيسبوك" من التضخم النقدي بعد الثورة. "كان لنا دينار صار لنا ديناران متلاصقان، وكانت لنا قطعة بمائة مليم، فصارت لنا قطعتان بمئتين متلاصقتين، كنّا صغاراً نتبارى للحصول عليها من الدكاكين، واليوم بتنا نعرف انها مثلنا: لا تدل الا على التضخم والبؤس الراكض بعد الطفولة". حدثني صديقي الفلسطيني - الغزي طلعت موسى انه كان طالباً في الجامعات المصرية، قبل حرب حزيران ١٩٦٧، وبعدها تخرج ولم يستطع العودة الى غزة، فاصدر عبد الناصر قراراً باستيعاب خريجي غزة في وظائف حكومية وكانت "ماهية" طلعت ١٢،٥ جنيه مصري شهرياً كانت كافية ليقيم اوده. راتب طلعت يعادل اليوم ٦ شواكل فقط لا غير.. فمن يستطيع تدبير امور الشهر بهذا المبلغ اليوم .. او حتى اليومية؟ تبقى رواية "اللامنتمي" اهم في تاريخ الأدب في اعتقادي من أهمية مؤلف "الوجود والعدم" لفيلسوف الوجودية سارتر، ويبقى كولن ولسون علامة مبكرة في الأدب الجديد، سابقاً على كتاب الوجودية الفرنسية فرانسوا ساغان "هل تحبين برامز" .. وكذا "الصخب والعنف" للأميركي وليم فوكنر. للروايات والروائيين العظام مكانتهم، أما أسعار مبيعات كتبهم وأجورهم وقت صدورها فهي تتغير بسرعة. ماذا بعد ألف - ألف والمليون والبليون والتريليون؟ هذا سؤال للجيل المقبل. انظروا إلى أسعار لوحات الفنانين العظام اليوم؟ كانوا فقراء! نقلاً عن جريدة "الأيام" الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل مات اللامنتمي فقيراً هل مات اللامنتمي فقيراً



GMT 21:16 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 08:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مجدي يعقوب والعطاء على مشارف التسعين

GMT 07:59 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 07:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

عند الصباح

GMT 07:57 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 07:56 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 07:54 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon