توقيت القاهرة المحلي 06:15:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"أفتح عيني حين أفتحها..."

  مصر اليوم -

أفتح عيني حين أفتحها

حسن البطل

الشعب "راسب" في امتحان زهرة "الحنون"، أو أن الزميلة "روني"، من عابود، هي الناجحة الوحيدة من "عينة عشوائية"، وأما جاري الموظف في وزارة الإعلام، فقد نال علامة الصفر المكعب (ثلاثة أصفار).. بشكل هرم!. سألته: ما الفرق بين الحنون وشقائق النعمان وبرقوق نيسان؟ فأخذ علامة الصفر. ثم سألته: ما اسم هذه الزهرة الحمراء، القانية الرقيقة؟ فأخذ علامة.. الصفر المكعب. .. فكم بتلة (ورقة حمراء) لزهرة الحنون؟ وكم عيناً سوداء ذات كحل أبيض للزهرة؟ "إن العيون التي في طرفها حور/ قتلننا ثم لم يحيين قتلانا"؛ وعين حوراء هي علاقة تضاد بين بياض مقلة العين وسواد حدقة العين. يقال: امتلأت مقلتاه بالدموع ..إلخ! .. وأما عدد بتلات زهرة الحنونة الحمراء، وعدد حدقاتها السوداء (ذات خط الكحل الأبيض)، فقد كانت سؤالاً "انسطل" المجيبون عنه.. ربما لأنه خارج المنهاج أو خارج المقرر. هذا نيسان المختال زهواً، بعد تشارين وكوانين وشباط وآذار، كانت حمالة المطر المدرار، وزهرة نيسان هي عنوان قصة ابن حيفا، الذي لم يعد إلى حيفاه، أديبنا الراحل غسان كنفاني.. "برقوق نيسان". زهرة البرقوق؛ هي زهرة الحنون، هي زهرة شقائق النعمان. زهرة مجلببة بأربع بتلات حمراء، وأربع عيون سوداء.. فلماذا أجاب البعض إنها خمس، ست، سبع بتلات. "بالأحمر كفّناه؛ بالحنّون كفناه" كما كانوا يهزجون، في بيروت، في جنازة الشهداء، أو أن زميلنا المحرر الأدبي، آنذاك، عز الدين المناصرة، استعار الأهزوجة، ووظفها في قصته السردية "عشاق الرمل والمتاريس"، عندما شاف كم زهرة حنون على متاريس مقاتلي القوات المشتركة في ضاحية الشياح البيروتية. في قاموس "المنجد".. "العين" هي الباصرة، وتطلق على الحدقة، أو على مجموع الجفن. و"المقلة" هي بياض وسواد العين؛ أو العين كلها. والحدقة هي سواد العين فقط. تباً للقواميس التي لم "تنجد" سامعي محمد سعيد الصحاف في تفسير مفردة "العلوج"؛ وتباً لشعب يرسب في امتحان العدد الصحيح لبتلات زهرة الحنون؛ وتباً لمنهاج مدرسي فلسطيني لا يحتوي على دروس في تمييز "الزهرة" عن الوردة، ولمدرس لا يعدّ مع تلاميذه بتلات الحنون. شجيرة الغموض ــ الواضح إذا كانت زهرة الحنون هي الوضوح ـ الغامض؛ فإن شجيرة "الأركاديا" هي الغموض ـ الواضح. تاجها الأخضر الداكن يتشكل من خمسة فروع خضراء داكنة، بلا أغصان، بلا أفنان. كل سنة تنسج، كأنها "ستي الختيارة"، تاجاً جديداً، وتشتغل عليه قطبة ـ قطبة على مدار الفصول. تجد، في الصخور المتحجّرة، المستحاثة، طبعتها واضحة ـ غامضة، وتجد في قوارة على الشرفة صورتها واضحة ـ غامضة، ربما كانت الطبيعة، قبل مئات ملايين السنوات، تلميذة سنة أولى في الهندسة الجينية. إنها أولى الشجيرات في أكاديمية الشجرة، وتراها في خلفية فيلم "الحديقة الجوراسية" مثلاً، أو تتقرّى طبعتها على الصخر في متحف التاريخ الطبيعي. صار تاج شجيرة الأركاديا (ولعلها الأركاريا) موضة تصفيف شعر إفريقية: جدائل صغيرة لا حصر لها، تغني الحسناوات عن زيارة متكررة لـ "الكوافير"، خمس أصابع، خمسة فروع، وفي كل سنة تتفرّج "قبضة مضمومة"، أوائل الخريف، عن مشروع تاج أخضر خماسي. شجيرة نهضت من "اليخضور" الذي نهض من الطالحب، أو شجيرة نهضت من مستنقع "السرخسيات"، وصعدت البرّ. ستأتي بعدها "النخيليات"، وبعدها "الإبريات"، وبعدها "المفصفصيات".. وأخيراً "النفضيات" التي تبدل أوراقها سنة بعد سنة؛ وتمنحك ثمرات المذاق. وأما هذا "النحل" فلا يكف عن التجوال من زهرة برية، إلى زهرة شجرية. "أفعوانات" خضراء الزهرة والوردة للمناسبات العابرة، وعيد الشجرة للشجرة، فلو أنهم في عيد شجرة مقبل يكتفون بتشجير مناكب الطرقات الجديدة التي يشقونها على سفوح التلال، لبناء عمارات جديدة.. لصارت لسفوح هذه التلال هيئة أفعوانات ملتفة، ملتوية، كأنها "متاهة سافرة"، إذا وقفت على شرفة بيت في تلة، ونظرت إلى سفوح التلال. ... ولكننا نغلط في عدد بتلات "زهرة الحنون"، ونغلط في تكريس عيد الشجرة لشجيرات الأرصفة... ونزرع التلال الخضراء بالعمارات البيضاء، بعد أن نسلخ خضرة تلال أخرى، تغدو مغارات بشعة من مقالع الحجر. "أفتح عيني حين أفتحها/ على كثير لكن لا أرى أحداً"!.. أو شيئاً.. أو زهرة؛ وأما العالم (مثلي؟!) فحريّ به القول: "أفتح عيني حين أفتحها على أحد لكنني أرى عدداً"! ألا يقول "المنطقجي": أدركت شيئاً وفاتتك أشياء. نقلاً عن "الأيام" الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفتح عيني حين أفتحها أفتح عيني حين أفتحها



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:45 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025
  مصر اليوم - مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 14:08 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

اختاري كوشات أفراح مبتكرة في موسم صيف 2018

GMT 01:35 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

عبد الله السعيد يفجر المشاكل بين كوبر وأبوريدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon