حسن البطل
"لنا مدنية سلفت/ سنحييها وإن دثرت"؟ بلاش النشيد الغابر عن المستقبل الزاهر.. ربما لأن الإسلامية ـ السلفية لا تروقني، كما لا تروقني الإسلامية الجهادية.
"تحالفات جديدة، وعداوات جديدة.. وفوضى في كل مكان" هكذا كان جواب شوـ إن ـ لاي، رئيس وزراء صين ماوـ تسي ـ تونغ على سؤال: كيف ترى العالم بعد أربعين سنة؟
قال قائل ما: لا أدري من هو، إن العالم العربي/ الوطن العربي مثل جسم. إن شكا عضو منه تداعت له بقية الأعضاء بالسهر والحُمّى.
العالم العربي مريض، كما كانت الإمبراطورية العثمانية، في أفولها "الرجل المريض. يقول دعاة "الإسلام الحنيف" عن دعاة "الإسلام العنيف" أنهم ليسوا من الإسلام في شيء.. لكن السلفيين قد يشكلون رصيداً للجهاديين (الطالبان مثلاً، والإخوان المسلمون مثلاً.. دون أن ننسى السلفية الجهادية).
مرتان، في حال الصحة وفي حال المرض، أيقنت أوروبا بوجود جسم ما يسمى "العالم العربي". مرة بعد حرب اكتوبر 1973، حيث بدا العالم العربي "قوة سادسة" عالمية؛ ومرة أخرى في تداعيات "الربيع العربي" منذ 2011.
هل نرى في مصر، منذ يناير الماضي ـ إلى يناير الحالي، نموذجاً عن حال الصحة وحال المرض، فهي، مثلاً، تشبه مكانة البرازيل في أميركا الجنوبية في مكانتها من العالم العربي.
كانوا يقولون عن البرازيل إنها "قارة المستقبل" هل نقول إن مصر مستقبل العالم العربي؟ أو أن جمال عبد الناصر، الذي ثار على حكم مدني ـ برلماني فاسد، يشبه الجنرال خوان بيرون، المستبد العادل.
أو أن الفريق ـ أول عبد الفتاح السيسي يريد لبلاده استعادة الدور الناصري، أي المستبد ـ العادل، كما طمح عبد الناصر لاستعادة دور محمد علي الكبير، الذي "وحد" مصر وبلاد الشام، وردم الفجوة الحضارية بين مصر وأوروبا بحيث تقلصت إلى 40 عاماً، قبل أن تتكالب عليه فرنسا وبريطانيا وامبراطورية آل عثمان.. وايضاً، العنعنات الطائفية والمذهبية في بلاد الشام.
في أوائل ستينات القرن المنصرم، أي ذروة مشروع التحديث والنهضة الناصري، كانت كوريا الجنوبية تحت حكم ديكتاتوري للجنرال نغوين كاو ـ كي. انظروا كيف كانت كوريا الجنوبية متخلفة أكثر من السودان لا مصر، وكيف صارت بلاد "السامسونغ".
في زمن يقارب هذا، كانت البرازيل بلاداً للانقلابات العسكرية، بعد موت الانقلابي خوان بيرون، ثم حكم مدني غير كفؤ، جعل البلاد ذات مديونية هائلة، رغم ثرواتها الأسطورية.
.. إلى أن حكم البرازيل رجل ديمقراطي وتحديثي ومتنور هو لولاـ دي سيلفا، قائد النهضة البرازيلية الجديدة، الذي حكم البلاد فترتين دستوريتين متعاقبتين، وأصر على التنحي وعدم الترشح، رغم ضغط الشعب، لولاية ثالثة.
"خارطة الطريق" وضعها جيش مصر، بقيادة السيسي، وخطواتها الدستورية جرى تعديلها، بحيث صارت الانتخابات الرئاسية تتقدم على الانتخابات التشريعية، وبحيث أن السيسي يرى في "الاستفتاء" الذي جرى بنسبة تسعينية (ولو شارك فيه 38% من أصحاب حق الاقتراع) تفويضاً لترشيح قائد الجيش رئيساً لجمهورية مصر الثانية، بعد جمهورية "الأهرامات" الثلاثة: ناصر، السادات، مبارك.
تقول قاعدة فقهية إن "الضرورات تبيح المحظورات" وضرورات مصر الحالية أن يترأسها قائد عسكري، ربما لأن مرحلة الانتقال إلى رئيس مدني تتطلب "مستبدا عادلا" بخاصة بعد أن ضرب الإرهاب في سيناء، ثم في قلب مصر، وصار جيش مصر مسؤولاً عن منع تسرب الإرهابيين، من ثلاث جهات: سيناء، ليبيا.. والسودان، أيضاً.
استعار حسن نصر الله شيئاً من القرآن، وأسقطه على إسرائيل، قبل مرض العالم العربي بحُمّى "الربيع العربي" وقال إنها "أوهن من خيوط العنكبوت".
الواقع أن إسرائيل وإيران وتركيا ركائز مختلفة لديمقراطيات مختلفة، بينما يبحث العالم العربي عن نموذجه الديمقراطي من حكم الاستبداد إلى حكم الشعب.
.. لكن؟ من علائم الفوضى أن المعارضين للأنظمة ـ النظام السوري مثلاً، يتهمون اليسار بالانحراف (وليس كل اليسار هكذا)، والقوميين بممالأة النظام (وليس كل القوميين العرب هكذا) والليبراليين (وليس كل الليبراليين هكذا).
يوجد، حقاً، "عالم عربي" في الصحة وفي المرض؟!
***
تعقيباً على عمود السبت 24 الجاري:
Rose Shomali: صبري جريس كان مدير مركز الأبحاث في بيروت، وكان فيصل حوراني رئيس تحرير مجلة "شؤون فلسطينية".
Mahmoud El-Khatib: صبري جريس لم يكن، أبداً، رئيساً لمركز الأبحاث الفلسطيني، كان مديراً عاماً (إدارياً). ولم يكن، أبداً، رئيساً لتحرير (شؤون فلسطينية). هذا تزوير وافتراء ومصادرة لجهود الآخرين!
** من المحرر: دورك يا محمود محمود في إدارة "شؤون فلسطينية" بعد استقالة فيصل حوراني. ربما سهوت، لكن لم أُزوِّر أو أفتري أو أصادر جهودك المشكورة. لا أهمية للمسميات. أنا كنت رسمياً مدير تحرير "فلسطين الثورة" ـ قبرص.. وفعلياً رئيس التحرير.. كما تعرف!
حسن البطل