توقيت القاهرة المحلي 06:22:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

".. وإن هلهلت هلهلنالك"!

  مصر اليوم -

 وإن هلهلت هلهلنالك

حسن البطل

عصر يوم السبت، ومن قمة تلة شمالية في بيتونيا، قال صديقي: اسمع تهاليل صلوات يهودية، صادرة من تلال مستوطنات يهودية على مبعدة كيلومترات.. هذا هو، فيزيائياً، الصوت والصدى، وتحدّث عنه عرب أقدمون بأنه "عزيف الجان". عشت في سورية يافعاً صوت الجماهير الهادر، أواخر خمسينيات القرن المنصرم.. وهذا الهتاف: "مكتوب على قلوبنا عبد الناصر محبوبنا" وكان يصدر من حناجر مظاهرات شعبية سورية، مطلع الوحدة السورية ـ المصرية. الهلهلة الدينية اليهودية ذكّرتني بهلهلة حربجية بدوية كانت تصدر من الحناجر إياها في الزمن إياه: ".. وإن هلهلت هلهلناك/ صفينا البارود قبالك". الهلهلة لناصر، محبوب العرب السوريين وسواهم، كانت في سورية لأنه صورة أو صوت يستعيد أمجاد صلاح الدين الأيوبي؛ وربما في مصر كانت الهلهلة لأنه سيعيد لمصر أمجاد محمد علي باشا. في زمن الهلهلات الناصرية، قال أحمد بن بيلا، أحد قادة ثورة الجزائر وأبرزهم، وأول رئيس للجزائر المستقلة، بعد 130 سنة حكم استعماري فرنسي: يقولون عني إنني ناصر ثانٍ. إنني أحمد الله على هذه التهمة؟ الآن، في مصر ما بعد 25 يناير 2011 فإن نصف الشعب المصري يهلهل للفريق أول عبد الفتاح السيسي كصدى لجمال عبد الناصر، بينما النصف الآخر يستعيد بترشيحه لرئاسة مصر كصورة لقائد عسكري صار رئيساً هو حسني مبارك! في مصر، جرى استفتاء على دستور "دولة مدنية" أي لا علمانية ولا إسلامية، وأما في تونس فقد أنجزوا دستور دولة مدنية ـ ديمقراطية عبر هيئة تأسيسية، وهو الأصح من خيار وأسلوب الاستفتاء. ربما الاستفتاء المصري هو ما ذكّر البعض أن يقارن الجنرال ـ الرئيس ديغول الفرنسي بالفريق أول (صار ـ مشيراً بمرسوم جمهوري) سوى أن استفتاء ديغول كان ظاهرة عابرة في الديمقراطية الفرنسية العريقة، بينما تكررت الاستفتاءات المصرية منذ ثورة 25 يناير، بل ما قبلها أيضاً. الرئيس ناصر انتخب باستفتاء رئيساً لدولة الوحدة، لكن كان السؤال بسيطاً وقصيراً: هل توافق على الوحدة المصرية ـ السورية. أما الدستور فهو نص قانوني متعدّد لا يحيط بجوانبه إلاّ ضلعاء في القانون والقضاء. منذ طلبت قيادة الجيش المصري، لإقالة الرئيس الإخواني المنتخب دعماً شوارعياً تحقّق بشكل اسطوري، إلى ترشيح المجلس العسكري لقائد الجيش للرئاسة، مرّت مصر بتحولات عاصفة ولكن بخطوات دستورية. خلال هذه الفترة اعتادت وسائل الإعلام، الغربية منها خاصة، على وصف قائد الجيش بأنه "رجل مصر القوي". هل يكون السيسي رئيساً رابعاً للجمهورية بعد 23 يوليو 1952، ورئيساً أول للجمهورية الثانية بعد 25 يناير 2011 (مع فاصلة مشوشة لرئيس مدني حكم سنة عاصفة)؟ أي، هل يكون صورة "فوتو ـ شوب" لجمال عبد الناصر محبوب المصريين والعرب، أم صدى للرئيس ناصر، الذي كان صدى لمحمد علي باشا وصلاح الدين الأيوبي؟ كان ناصر "مستبداً ـ عادلاً" فهو قمع الإخوان المسلمين من جهة، وأيضاً قمع الشيوعيين من جهة أخرى، لكنه غيّر وجه مصر بقوانين الإصلاح الزراعي والتأميم أولاً لقناة السويس، ولاحقاً للشركات الكبرى. ليس في مجال ناصر سيكون السيسي "ناصراً ثانياً" لا في الإصلاح الزراعي ولا في تأميم شركات ما بعد "الانفتاح" الذي قام به الرئيس أنور السادات. ماذا إذاً؟ في مجال الديمقراطية كان هناك منافسون أقوياء في انتخابات الرئاسة، وإن كان مجلس الأمة المنتخب صورة حقيقية عن اتجاهات الشعب المصري وبمشاركة الإخوان، أيضاً. وأيضاً، في مجال السياسة الخارجية المستقلة، عن العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة، وأولاً وقبل كل ما عداه: فالاستقرار والتنمية (والسياحة) هو ما تطلبه جماهير الشعب المصري. تونس ثم مصر فتحتا، أخيراً وبعد خضّات كانت قوية في مصر، وهزات وتناحرات عنيفة في سورية، أفقاً لهذا "الربيع العربي" الذي بدا خريفاً وحتى شتاءً. الفارق بين الطريق التونسي والآخر المصري أن للعلمانية في تونس تراثا بورقيبيا أكثر وضوحاً من علمانية التراث الناصري، أو أن مصر، فجر الحضارة والدول المركزية، تحتاج لنقاهة طويلة من "حكم الرجل القوي" أو "المستبد ـ العادل"، أو لأن للتيار الإسلامي قوة في مصر تفوق قوته في تونس. هل ستجيب تونس ومصر على السؤال الممضّ: هل يمكن بناء "ديمقراطية عربية" تقف على قدميها وتضيف شيئاً للديمقراطية التركية (الإسلامية ـ العلمانية) أو للديمقراطية الإيرانية (الإسلامية ـ الأصولية) أو للديمقراطية اليهودية في إسرائيل؟ يقولون: ديمقراطيات وليس ديمقراطية، تبعاً لاختلافها في التطبيق العملي العالمي، أو أن الأسماك تعيش في الماء، لكن لكل نوع من الأسماك زعانف مختلفة للسباحة في الماء ـ الديمقراطية، وكذلك للطيور أجنحة وتطير بشكل مختلف. نقلاً عن "الأيام" الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 وإن هلهلت هلهلنالك  وإن هلهلت هلهلنالك



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:45 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025
  مصر اليوم - مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 14:08 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

اختاري كوشات أفراح مبتكرة في موسم صيف 2018

GMT 01:35 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

عبد الله السعيد يفجر المشاكل بين كوبر وأبوريدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon