توقيت القاهرة المحلي 05:01:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مات مشروع.. عاش مشروع !

  مصر اليوم -

مات مشروع عاش مشروع

حسن البطل

العنوان أعلاه "ملطوش"، مع حذف "أل" التعريف من صيحة "مات الملك .. عاش الملك"، ولعلها صيحة فرنسية الأصل.. وهذا حتى لا يظنّ قارئ ما بصلتها بموت مشاريع الحل، أو احتمال عيش مشروع كيري! القصد، مات مشروع تجاري "السوق الشعبي" للبسطات؛ وعاش مشروع ثقافي في "متحف محمود درويش". مشروع تجميع و"لملمة" بسطات شوارع وساحات قلب مدينة رام الله أغلق أبوابه، أمس، أو أنني لاحظت هذا أمس، وصار السوق "قاعاً صفصفاً" كما في اللغة القديمة، لأن بسطاته المائة وثلث تقريباً صارت "خاوية على عروشها". ولد المشروع قبل عام تقريباً، وكانت بلدية رام الله قابلة التوليد، واستغرق الحمل (أو الإنشاء) زمناً يقارب، ربما، شهور حمل أنثى الإنسان (كما في المشروع الأصلي للمستر كيري!). حتى بعد شهر من افتتاح رسمي لسوق البسطات الشعبي هذا في شارع المعاهد، بقيت بعض البسطات شاغرة، ولكن "التبسيط" في شارع مزدحم، يصب في "ميدان عرفات ـ ساحة الساعة" اختفى، وقلت إنه شارع يصبّ لأنه وحيد الاتجاه. مات سوق البسطات الشعبي بمرض فقر الدم، ونازع الموت قبلاً بمرض "الثلاسيميا" الحاد، ثم فارق الحياة بما يشبه سرطان الدم. في ما يشبه "صحوة الموت" خرجت بعض البسطات من داخل السوق، وعلقت بضائعها على سوره الخارجي، أو دخلت بسطات على عجلات بوابة السوق. في البداية، كانت البسطات متنوعة البضائع، ثم غلبت عليها بسطات الملابس الجاهزة، ثم صارت معظم البسطات تعرض ملابس FOX. دخلت السوق مرة واحدة متفرجاً أو متفحصاً! على الأغلب، سوف تفكر البلدية بمشروع بديل لأرض السوق، مثل محطة أخرى لتحميل وتنزيل ركاب سيارات 7+1، بعد أن أتخمت محطة قريبة ومجاورة في الشارع بما في فوق طاقتها على الاستيعاب، وهي مشروع ناجح للبلدية، هذا إذا كانت أرض المشروع ملكاً للبلدية، فإن لم تكن فإن قانون التنظيم البلدي يفرض أجلاً زمنياً أدنى من خمس سنوات، بين هدم مبنى قديم وصغير وإقامة جديد وكبير وخلالها تصير الأرض موقفاً للسيارات بالأجرة.. حسب أيما أربح وأجدى! يبدو مشروع وقوف السيارات على جانب الشارع بنظام الدفع المسبق نصف ناجح، لأن غرامة خماسية متدرجة من 50 شيكلا حتى 150 دينارا تبدو رادعة للمخالفات.. وأما مشاريع ضبط المشاة على الأرصفة وحركة السيارات في ساحتي المنارة وميدان عرفات، فقد فشلت جميعها.. رغم "سنسلة" الأرصفة بالجنازير. .. وعاش مشروع ! حصل أن وقّع محمود درويش مجموعة شعرية له في مسرح وسينماتيك القصبة، وسط البلد. الآن، صار هناك تقليد متّبع في قاعة من قاعات متحف الشاعر، وهي توقيع مؤلفي الكتب حديثة الإصدار في "قاعة الجليل" الجناح الآخر لمتحف الشاعر. صارت "قاعة الجليل" أشبه بملتقى أو منتدى مسائي فكري ـ ثقافي ـ فني ذات نشاط أسبوعي، ونصف شهري، يشمل، إلى توقيع الكتب، قراءات شعرية لشعراء البلد أو شعراء وأدباء البلدان العربية، وكذا عروضاً سينمائية، وأيضاً حفلات موسيقية، وكذلك عروضاً فنية، تتراوح بين التفكّه والسخرية اللاذعة (ستاند ـ أب ـ كوميدي" أو عرض درامي من ممثل واحد "مونو ـ دراما" مثلما أجاد زميلنا مصطفى أبو هنود. كل هذا النشاط المنظم والمبرمج يجري في قاعة من حوالي 100 مقعد تكون مشغولة إلى آخرها بالحضور والنظّارة، وهي مصممة لهذا الغرض بالذات، خلاف قاعات مراكز ثقافية، معظمها كانت بيوتا قديمة ذات قدرة استيعاب قليلة، وتصميم غير أصلي للنشاط الفكري، عدا تعليق رسومات الفنانين على جدرانها. مع إغلاق وموت مشروع البسطات الشعبي، سيستضيف متحف درويش ـ قاعة الجليل ـ أديباً عربياً كويتياً آخر، هو سعود السنعوس، الفائز بروايته "ساق البامبو" بجائزة البوكر العربية لعام 2013. من قبل، استضاف المتحف جملة من المثقفين العرب، منهم الجزائري واسيني الأعرج، والتونسي المنصف الوهابي، والفلسطيني ـ الأردني ابراهيم نصر الله، والعراقي عدنان الصائغ.. وآخرون، إضافة إلى الشعراء والمثقفين المحليين.. وجميع الزوار طبقوا الشعار : "زيارة السجين لا تعني زيارة السجان" وجميعهم امتدحوا فلسطين البلد والشعب. لا أظن أن بلداً عربياً أكرم شاعره القومي بمتحف جميل يحتوي قبره، كما فعل الفلسطينيون إزاء شاعرهم القومي، وربما لا تشهد قاعات ثقافية عربية نشاطات متنوعة كما في "قاعة الجليل"، ويستحق المتحف والقاعة التنويه والثناء، بخاصة تحت إدارة مديره الجديد الزميل الشاب سامح خضر. صارت التلة القفراء من قبل ما يشبه مجمعاً ثقافياً، مع قصر رام الله الثقافي، ومركز ادوارد سعيد الموسيقي، ومشروع لتحويلها حديقة قومية تحمل اسم "حديقة البروة". هل تحدّث شاعر عن "سماء بعد السماء السابعة" أو "حاصر حصارك.. لا مفرّ"!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مات مشروع عاش مشروع مات مشروع عاش مشروع



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:45 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025
  مصر اليوم - مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 14:08 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

اختاري كوشات أفراح مبتكرة في موسم صيف 2018

GMT 01:35 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

عبد الله السعيد يفجر المشاكل بين كوبر وأبوريدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon