توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تُفيد "العلم" ولا تُفيد "الظن"؟

  مصر اليوم -

تُفيد العلم ولا تُفيد الظن

حـسـن الـبـطـل

‎ " للرواية أربعة أركان لا تكون إلا بها: المروي عنه، والمروي له، وبينهما الراوي، والحديث الذي يرويه". "وما كتب التاريخ في كل ما روت لقرائها إلاّ حديث ملفّق نظرنا لأمر الحاضرين فرابنا فكيف بأمر الغابرين نصدق" النثر هو لمعروف الرصافي، الأديب والشاعر العراقي المجيد.. والشعر هو للشخص نفسه، من قصيدته "ضلال التاريخ". الناس العرب يعرفون الرصافي، وكذا الزهاوي، وأحمد الصافي النجفي، ومحمد مهدي الجواهري، كأبرز أربعة شعراء عراقيين في القرن المنصرم، وخصوصاً في النصف الأول منه. سنرى في كتاب "كتاب الشخصية المحمّدية، أو حلّ اللغز المقدّس" إلى أي مدى ودرجة أوفى الشاعر الرصافي أركان الرواية حقها، بحيث "تفيد العلم" "ولا تفيد الظن". نادراً، ما تتحقق رواية الدرجة الواحدة التي تفيد العلم قليلاً، وهي "لقاء الراوي للمروي عنه والمروي له". ماذا عن "رواية تفيد الظن"؟ يستعير الرصافي، في مقدمته، من صديق له، هو أستاذ الجغرافية خليل طوطح، نموذجاً قياسيا. هاكم هو: يهمس الأستاذ في أذن تلميذ بعبارة "بكرة درسنا في الجغرافية كذا وكذا"، على أن يهمس التلميذ في أذن تلميذ آخر بالعبارة.. التي تدور على منوال "أذن لسان"، وعندما يسأل الأستاذ التلميذ الأخير. ماذا همس زميلك في أذنك، يقول هذا "بكرة ما في درس جغرافية"؟ أتذكر أنه في قصص الأطفال الغربية ما يشابه هذه القصة، ولعل أبرزها أن فأرا صغيراً رأى قطيطة صغيرة.. فخاف، وهمس في أذن فأر آخر أنه رأى هرّاً كبيراً، والآخر صاح. رأيت هرّاً بأنياب تقطر منها دماء الفئران؟! * * * لأسباب وجيهة، أوصى الرصافي أن لا يُنشر مؤلفه إلا بعد وفاته (توفي 1945 ورأى النور 1957). المؤلَّف واحد من ثمانية مجلدات مخطوطة ومحفوظة في إحدى مكتبات جامعة "هارفارد".. والثامن معنون "خلاصة النظام الاجتماعي للدين اليهودي". "دار الجمل".. في ألمانيا الغربية نشرت "كتاب الشخصية المحمدية..." سنة 2002، وهو ضمن كتب "مكتبة بلدية البيرة" (766 صفحة من القطع المتوسط). هذا المؤلف من "أمهات الكتب" كما يقولون، ولا تكفيك استعارته. عليك أن تقتنيه.. فإن عزّ الكتاب في المكتبات، فإن نسخة "فوتي كوبي" تكلفك، مع التجليد، 40 شيكلاً.. يا بلاش! هناك شيوع في ظاهرة النسخ لدى مثقفي رام اللّه، والظاهرة ذاتها ذات دلالة على عودة للتمحيص في كتب التراث الديني والتاريخي والاجتماعي. المهتمون بالتنوير، أو علاقة الشرق بالغرب، هم أنفسهم تقريباً المهتمون بمدارس الأدب والنقد والشعر، والفن والمسرح والسينما الحديثة. الآن، يسدون ما كان ينقصهم في ثقافتهم، وما يعينهم في السجال مع الأصوليين والسلفيين. أذكر أنه كان مما يعيب العلمانيين المصريين أيام جمال عبد الناصر الضعف الكبير أو المحدود في ثقافتهم التراثية.. وما لبثوا أن تداركوه لاحقاً، واستفادوا من درايتهم بالمنهج العلمي لمقارعة المفكرين السلفيين الحجة بالحجة. الرصافي، وهو مسلم سني، أنهى مخطوطته في بلدة الفلوجة العراقية، وذيلها يوم 5 تموز 1933 وأخيراً رأت النور العام 2002. السطر الأول يبدأ هكذا "محمد أعظم رجل عرفه التاريخ، أحدث في البشر أعظم انقلاب عام في الدين والسياسة والاجتماع، وقد أوجد هذا الانقلاب بواسطة نهضة عربية المبتدأ عالمية المنتهى".. وبقية الكتاب تجعل الرصافي واحداً من كبار "المفسرين"، على قاعدة أركان الرواية الأربعة. الناس تعرف، مثلاً، أن الرصافي هو الذي ترجم "رباعيات الخيام" إلى العربية من الفارسية شعراً عمودياً، وبعضهم يعرف أنه كان عضواً في "مجلس المبعوثان" العثماني في أستانبول، فإذا أضفنا اشتغاله في التدريس معظم حياته، وممارسته الصحافة، أمكن النظر إليه كعلاّمة موسوعي في معايير زمانه.. وكل هذا كان بعض زاده في مؤلفه الثري الذي رأى النور، على أمل أن يرى مؤلفه الثاني حول "النظام الاجتماعي للدين اليهودي" النور بدوره. * * * كتاب الرصافي جدير بالاقتناء مثل "أمهات الكتب"، فهو يفسّر لك، في أمور الدين، كيف صارت عبارة "بكرة درسنا في الجغرافية كذا.." .. إلى هكذا "بكرة ما في درس جغرافية"؟ "الحرب خدعة".. ولا يجوز للرسول أن يكذب.. وهكذا، سأل الرسول وصاحبه، وقد تخفيا، أحد الأعرابيين عن نوايا المشركين، فقال: "لا أخبر حتى تخبرا" وقالا: "لا نُخبر حتى تُخبر". فقال الرسول: "نحن من ماء" ويقصد "ماء الرجال".. ففهم ذاك أنهما من العراق.. فأفصح ولم يفصحا! "الايام"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تُفيد العلم ولا تُفيد الظن تُفيد العلم ولا تُفيد الظن



GMT 19:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الموازنة والـمئة دولار !

GMT 09:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 08:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 08:24 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 08:21 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 08:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 23:00 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بشراء الملابس

GMT 12:07 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجبلاية تستقر على خصم 6 نقاط من الزمالك

GMT 17:18 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

أشهر مميزات وعيوب مواليد برج العذراء

GMT 23:49 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

ملخص وأهداف مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon