توقيت القاهرة المحلي 04:33:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أبو مازن المحيِّر؟ شريك ـ لا شريك؛ وسيط ـ لاعب !

  مصر اليوم -

أبو مازن المحيِّر شريك ـ لا شريك؛ وسيط ـ لاعب

حسن البطل

هيك في المثل العامي اللبناني: "اللّي ما عندو كبير يستأجر له كبير". كان كبير الفلسطينيين عرفات كبيراً حقاً. في عز حصار بيروت 1982 سألني جاري الماروني إيليا مهنّا: "لو ما طلع أبو عمار بسلام.. شو راح يصير فيكم"؟ قلت ما قاله الشاعر: "شعبنا ليس بعاقر".. عبس العم إيليا وقال مثلاً آخر: شوف..! بطن الأمة مثل بطن الأم ما بيخلّف اثنين كبار وراء بعض. كان الكبير أبو عمار، بلسانه هو: مصري الهوى من حيث التنشئة، وخَلَفه أبو مازن، الذي يقولون إنه سوري التنشئة، ولكنهما برهنا أن "بطن الأمة" الفلسطينية قادر على إنجاب كبيرين متعاقبين! أبو عمار تدخّل في سورية (ولو رداً على تدخّل سورية في منظمته وتدخلها في لبنان) واقترف غلطة دعم التمرد في حماة، ودافع بضراوة سياسية وبالكواليس عن "القرار المستقل" لكنه بعد خروج بيروت 1982 ثم خروج طرابلس ـ لبنان مال إلى التوازن في سياسة الخلافات العربية، مع مرارة سياسية ـ شخصية لأن سورية حالت دون حضوره مؤتمر قمة بيروت العربية، حيث طرحت السعودية "مبادرة السلام العربية". لأبو مازن سياسة عربية أخرى، وربما سياسة فلسطينية أخرى، لأن الظرف العربي والفلسطيني تغير، وربما لأنه يفهم سورية خلاف ما فهمها عرفات، بحكم اللجوء والتنشئة في سورية. سياسة أبو مازن العربية هي: عدم التدخل في الشؤون العربية وخلافاتها ومعسكراتها، لكن دون إهمال سياسة الوساطة ودبلوماسيتها العلنية والسرية، وإبعاد جاليات اللجوء والعمل الفلسطينية عن الصراعات العربية والإقليمية، التي تأكل من صحن الاهتمام العربي والإقليمي والدولي بالقضية الفلسطينية. الأزمة السورية شارفت حدود نكبة سورية وعربية .. وفلسطينية، حيث "غابت القضية الفلسطينية عن الإعلام العربي والعالمي لتحل مكانها أخبار الغوطة ودرعا.." يقول أبو مازن! بينما الدول العربية والإقليمية المجاورة لسورية تتدخّل وتؤجّج أزمتها، فقد اختار الكبير أبو مازن دور "ساعي خير غير منحاز". كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من حزب الله دوراً كبيراً و"سرياً" لعبه الكبير الفلسطيني أبو مازن بين المعارضة ـ المتعارضة لتوحيدها، وبين المعارضة والنظام للوصول إلى حل تفاوضي، وبين النظام والمعارضة والقوى الكبرى الدولية اللاعبة (روسيا ـ أميركا) في الأزمة السورية. ذروة الوساطة كانت في آذار قبل عام، عندما اهتم الرئيس بوتين بالأفكار الفلسطينية خلال لقائهما في موسكو، وبعد أيام طرح أبو مازن هذه الأفكار على الرئيس أوباما خلال زيارته لرام الله، وأقنعه بتجاوز الشروط المسبقة على ترشيح الأسد لدورة رئاسية جديدة، وصلاحيات الأسد في حكومة انتقالية ذات صلاحيات. قوة الدفع لدور الوساطة الفلسطينية جاءت بعد نجاحها في إطلاق "مخطوفي اعزاز" اللبنانيين، ثم إلى جانب فكرة حوار سوري ـ سوري، سعى أبو مازن لربط خيوط اتصال بين القيادة السورية وكل من المشير عبد الفتاح السيسي والرئيس أوباما. لم تكن الوساطة الفلسطينية بعيدة عن حل لمسألة الترسانة الكيميائية السورية، ولا عن عقد جلسة مؤتمر جنيف ـ 2، ولكن مع ترك الإعلان عنهما إلى موسكو. لم ينجح مؤتمر جنيف ـ 2 لكن لدى أبو مازن خطة أخرى قد تنجح أو لا تنجح، والمهم أن تقدير القيادة السورية لوساطة أبو مازن يفسر "حلحلة" جزئية لأزمة مخيم اليرموك، المسؤول عنها النظام والمعارضة والفصائل الفلسطينية معاً ! الإسرائيليون مختلفون حول أبو مازن "الشريك" أو "اللاشريك" والفلسطينيون مختلفون حول التفاوض والانتفاضة، والطرفان حول دور كيري في الوساطة بينهما. لكن، وخلافاً للتدخل العربي والإقليمي والدولي لتأجيج الأزمة السورية، فإن أبو مازن يلعب دوراً أفضل من أدوار تهدف لتدمير سورية. غادرت السلطة سياسة الانخراط والانحياز في الصراعات العربية، ووجهت كل جهودها نحو صراعها مع إسرائيل ودور الوساطة الأميركية المنحازة لإسرائيل. "صفر مشاكل" مع الدول العربية، لمواجهة "كل المشاكل" في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. في تاريخ الزعامة الفلسطينية أنها ليست "رخوة" لا في القتال، ولا في السياسة، ولا في التفاوض. كان الكبير أبو عمار يقول: "ما كل طير يؤكل لحمه".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبو مازن المحيِّر شريك ـ لا شريك؛ وسيط ـ لاعب أبو مازن المحيِّر شريك ـ لا شريك؛ وسيط ـ لاعب



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:45 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025
  مصر اليوم - مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 14:08 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

اختاري كوشات أفراح مبتكرة في موسم صيف 2018

GMT 01:35 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

عبد الله السعيد يفجر المشاكل بين كوبر وأبوريدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon