توقيت القاهرة المحلي 04:24:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الناصرة : الاستمرار أو التغيير ؟

  مصر اليوم -

الناصرة  الاستمرار أو التغيير

حسن البطل

ستجتاز مدينة الناصرة، يوم الأربعاء 14 الجاري، وهي الموصوفة "عاصمة عرب إسرائيل"، امتحانها الثاني والخطير منذ العام 1975، عندما انتزعت "جبهة الناصرة" مجلسها البلدي من قوائم محلية موالية لحزب "العمل" برئاسة الشاعر الوطني ـ الشيوعي توفيق زيّاد. تفصلنا 38 سنة عن ذلك الحدث المفصلي ـ الانقلابي الذي تلاه "يوم الأرض" 30 آذار في العام التالي، ليؤشّر على أن نصر "جبهة الناصرة" لم يكن بلدياً محضاً، بل سياسياً، ومنعطفاً في علاقة الفلسطينيين في إسرائيل بأحزاب الدولة وبالدولة ذاتها. سرعان ما التقطت الضفة هذا المؤشّر "البلدي" وفاز أنصار م.ت.ف في أول انتخابات بلدية تجري في الضفة منذ احتلالها في العام 1967. كان هذا نوعاً من "الانقلاب" الديمقراطي في ما يدعى "الوسط العربي" في إسرائيل. دون صلة مباشرة، حدث بعد عامين في إسرائيل، انقلاب عميق، أيديولوجي وسياسي، بفوز "حيروت" على "العمل" وتولّي مناحيم بيغن رئاسة الحكومة بعد 19 سنة من هيمنة حزب "العمل" وائتلافاته. منذ "الانقلابين" البلدي ـ السياسي في الناصرة، والسياسي ـ الأيديولوجي في إسرائيل، حصل تغيير عميق في الوسطين العربي واليهودي في إسرائيل. في الوسط العربي كان حزب "راكاح" ثم "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" (حداش) هو القائد السياسي للصوت الفلسطيني، وممثّله في الكنيست، وأحرز ذات انتخابات خمسة أو ستة مقاعد برلمانية. لم يعد "راكاح" و"الجبهة" يحتكران التمثيل السياسي للصوت الفلسطيني، وقسم كبير من التمثيل البلدي، وبخاصة تحالفاته الائتلافية في مدينة الناصرة، وصار للصوت الفلسطيني في إسرائيل أربعة أحزاب تتنافس ديمقراطياً وسياسياً، وتحرز مقاعد تتراوح بين 9 و11. لاقى توفيق زياد حتفه في حادث سير على طريق أريحا ـ القدس، بعد مشاركته في استقبال ياسر عرفات، وانتخب نائبه رامز جرايسي لبلدية المدينة تحت شعار: "يداً بيد نحمي ونصون الناصرة". هذا الآذار من هذه السنة سيحمل جواباً عن سؤال: هل استمرار أو تغيير في المجلس البلدي الائتلافي ضمن "جبهة الناصرة" التي تتنافس مع قائمة "ناصرتي" برئاسة نائب الرئيس السابق والقائم بالأعمال علي سلام بشكل رئيسي، ومع القائمة الإسلامية بشكل ثانوي، وكذلك مع أنصار حزب "التجمع" الذين يميلون إلى قائمة "ناصرتي" بتأييد صريح من النائب حنين الزعبي. حصل توازن دقيق بين القوائم المتنافسة في انتخابات 22/10/2013 وانتهت بفوز علي سلام بهامش 9 أصوات. جبهة الناصرة طعنت في النتيجة، فأقرت المحكمة بفوزها، ثم طعنت "ناصرتي" فقررت المحكمة إعادة الانتخاب في الناصرة ومدينة يهودية أخرى. المؤسف أن التنافس الديمقراطي أضحى استقطاباً حاداً، رافقته عنعنات شخصية وسياسية، انحطت إلى شحناء طائفية، رغم أن في أنصار القائمين مصوّتين غير طائفيين أبداً (المطران رياح أبو عسل يدعم علي سلام ومسلمون كثيرون يدعمون رامز جرايسي). الفارق بين "انقلاب" 1975 والانقلاب المحتمل في العام الجاري، أن الأول كان معركة خارجية ضد هيمنة قوائم عربية موالية للأحزاب الإسرائيلية (العمل أساساً) بينما الآن يخوض المتنافسون معركة داخلية حامية الوطيس. لا تخلو هذه المنافسة من كيل اتهامات متبادلة بالعلاقة مع حزب "الليكود". بالطبع، يجب أن تكون هناك علاقة بين كل مجلس بلدي والحزب الإسرائيلي الحاكم، لكن الاتهامات بالعمالة بعيدة جداً عن الواقع. إسرائيل، التي يدعو حزبها الحاكم إلى "يهودية الدولة" ليست بعيدة عن "ثأر صهيوني" من الانقلاب البلدي في الناصرة 1975، بدعوى أن الفلسطينيين في إسرائيل سيطالبون يوماً بالحكم الذاتي من الأمم المتحدة، لأن حكومة إسرائيل تمارس التمييز، ولم تبن بلدة عربية واحدة، ولا جامعة عربية، ولا حتى مستشفى رئيسيا في بلدة عربية! في إجراء لئيم صوتت الكنيست على تمييز الفلسطينيين المسيحيين، وفي إجراء آخر مكمل أقرّت لجنة الدستور في الكنيست، ثم الكنيست بكامل هيئتها، رفع نسبة الحسم في الانتخابات البرلمانية إلى 3,25% من (1% إلى 1,5% إلى 2%) وهذا يعني أن كل قائمة انتخابية لا تحرز أربعة مقاعد فما فوق لا مكان لها في الكنيست. سيفرض هذا التعديل في قانون "قدرة الحكم" على الأحزاب العربية (والدينية اليهودية) ائتلافات انتخابية ولو مبدئياً، في حين أن الأحزاب العربية متنافرة في انتخابات بلدية الناصرة، وتشجّع إسرائيل، ضمناً، حركات إسلامية، كما شجعت تشكيل حركة "حماس" في بدايتها لمنافسة م.ت.ف. إلى أي مدى، أو درجة ستؤثر معركة 14 آذار في الناصرة على احتمالات ائتلاف الأحزاب العربية في الانتخابات القطرية؟ هل نحو التركيز أو نحو التشتيت؟ سيطرت "جبهة الناصرة" 38 سنة على بلديتها. ربما من حيث المبدأ يجب أن يحصل تغيير، لكن هذا ليس عن طريق تصعيد التنافس إلى عنعنات شخصية وسياسية، وهذه إلى شحن حزبي بل وطوائفي وفئوي! كان لي موقف مهني وسياسي في العام 1975 حيث بكتاباتي دعمت "جبهة الناصرة"، ومع أنني أؤيد، مبدئياً، التغيير، لكن ربما كان الاستمرار في هذا الظرف الإسرائيلي والفلسطيني والعربي هو الطريق الأسلم. نقلاً عن "الأيام" الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الناصرة  الاستمرار أو التغيير الناصرة  الاستمرار أو التغيير



GMT 14:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 14:22 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 10:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 10:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 10:40 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 10:38 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 10:37 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 10:35 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

«ترمومتر» الوطنية!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:45 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025
  مصر اليوم - مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 14:08 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

اختاري كوشات أفراح مبتكرة في موسم صيف 2018

GMT 01:35 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

عبد الله السعيد يفجر المشاكل بين كوبر وأبوريدة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon